صدور بيان لم يقره المشاركون في المؤتمر
الهدف السري هو تطبيع العلاقات
قريباً بين اسرائيل ودول عربية واسلامية
قمة "الرياض" التي عقدت يوم الأحد 21 ايار 2017 برئاسة الرئيس الاميركي دونالد ترامب، وبدعوة ورعاية من العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز، لاقت موجة من التعليقات والانتقادات منها السلبية، ومنها الايجابية. وشارك في هذه القمة رؤساء وممثلو قادة حوالي 55 دولة عربية واسلامية، وسبق عقد هذه القمة، قمة خليجية اميركية، اذ التقى الرئيس ترامب مع قادة دول الخليج العربي، وبحث معهم تعزيز العلاقات الثنائية، وكذلك بضرورة تشكيل حلف عسكري اسلامي "سني" لمواجهة ومكافحة الارهاب. وقد سمع القادة الخليجيون للطرح الاميركي، ولكن لم توافق جميع الدول الخليجية على كل ما طرح.
أهداف عقد القمة
من أهم أهداف عقد هذه القمة هو منح السعودية ثقلاً في العالم العربي لتكون الوكيل الأول الأساسي للسياسة الاميركية في الشرق الأوسط، اذ كانت دولة قطر في هذا المنصب أو هذا الدور، والآن عادت "قيادة العرب" للسعودية. وقد لبى قادة 55 دولة دعوة الملك سلمان لحضور هذه القمة مع ادراك كثيرين ان هذه القمة لن تقدم أي خدمة للعرب، بل قد تشكل عبئاً عليهم.
أما الهدف الثاني الأساسي من هذه القمة هو تعزيز العلاقات الاميركية مع الدول المشاركة في المؤتمر. وهذا يعني تعزيز النفوذ الاميركي في منطقة الشرق الأوسط والعالم كله، وخاصة العالم الاسلامي.
في حين أن الهدف الثالث من وراء عقده هو التحريض ضد ايران، وضد محور المقاومة، تحت عذر أو ذريعة مكافحة الارهاب.. إذ أن الرئيس الاميركي لم يفرق بين الارهاب والمقاومة، وخلط الحابل بالنابل، ووصف حزب الله وحماس بأنها تنظيمات ارهابية.
والهدف الرابع من عقد هذا المؤتمر هو محاولة تشكيل حلف تابع لاميركا يقوم بمحاربة الارهاب، ويشن عدوانا على ايران بالنيابة عن اميركا. أي أن هذا الحلف يتولى أمر شن حرب على ايران بالنيابة عن اميركا واسرائيل، ولكن بدعم منهما!
وقد توضح الهدف الخامس من عقد هذا المؤتمر وهو شطب القضية الفلسطينية والتغاضي عنها، إذ أن الرئيس ترامب في خطابه لم يذكر اسرائيل، ولم يدن الاستيطان، ولم يؤيد الحقوق المشروعة لشعبنا الفلسطيني، كذلك تغاضى عن اضراب الأسرى عن الطعام. وهذا المؤتمر عقد لترتيب كيفية اقامة علاقات اسرائيلية عربية، وايجاد العذر المناسب لذلك. والعذر هو التعاون لمواجهة "ارهاب" ايران، وتحقيق استقرار في منطقة الشرق الأوسط، أي أن هدف المؤتمر الاساسي هو خلق صراع ديني بين السنة والشيعة، وادخال الاسلام في صراع ديني خطير جدا!
كلمات لا مناقشات
هذا المؤتمر اقتصرت أعماله على القاء كلمات للقادة المشاركين فيه. وقد القى الرئيس الاميركي ترامب كلمة ركّز فيها على ضرورة محاربة "الارهاب"، وكذلك هاجم ايران بصورة كبيرة واكثر من مرة. واعتبر ايران رأس حربة الارهاب تماما كما ذكر ذلك الملك سلمان بن عبد العزيز.. أما كلمات الرئيس عبد الفتاح السيسي، والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بن الحسين، وامير الكويت فلم تكن عدائية لايران ولا لحزب الله ولا لحركة حماس، إذ تم تجنب ذكر ذلك.
لم تكن هناك فرصة للمناقشات، وقد صدر البيان الختامي للمؤتمر بعد أن غادر مشاركون فيه الرياض، وهو بيان من صياغة اميركية سعودية، مما يعني ان قادة الدول المشاركة فيه، لم تعتمده ولم تتبناه، ولم تكن الى جانبه.
ويذكر أن الرئيس التركي رجب اردوغان رفض المشاركة في المؤتمر شخصياً لأنه يعلم أن ترامب يريد تنصيب العاهل السعودي أو السعودية زعيمة على العالم الاسلامي. وكذلك فان تركيا وقطر وسلطنة عمان والعديد من الدول لها علاقات دبلوماسية جيدة مع ايران، فلا يمكن أن توافق على هكذا بيان عنيف، وكذلك لن تشارك في أي قوة عسكرية "اسلامية" لخوض حروب في المنطقة لا داعي لها، ولخدمة اميركا واسرائيل.
هدف مهم غير معلن
هناك هدف اميركي مهم لم يعلن، ومكشوف للجميع وهو أن الرئيس ترامب يريد اقامة علاقات "علنية" بين اسرائيل والدول العربية. وعقد هذا المؤتمر وكلماته، واجتماعاته كانت تؤكد أن لا بدّ من تحالف لمواجهة الارهاب، وخاصة الايراني، وكان يفخر بصورة غير مباشرة، واحياناً بصورة مباشرة، بأنه هو تحالف كل الدول في المنطقة ومن بينها اسرائيل!
وهذا الهدف إن تم تحقيقه فسيكون على حساب القضية الفلسطينية، وسيدعي مؤيدو وداعمو هذا الهدف ان التطبيع مع اسرائيل يفيد الدول العربية في التصدي لتوسع النفوذ الايراني، وكذلك لتشجيع اسرائيل على الانسحاب من الاراضي المحتلة، والتوصل الى حل سياسي ما، أو فرض حل سياسي على الفلسطينيين!
مؤتمر "اعلامي" فقط
المؤتمر هو اعلامي.. دعاية للسعودية، وقد دفعت ثمن هذه الدعاية بتوقيع اتفاقات مع اميركا تصل قيمتها الى 380 مليار دولار، وهو مؤتمر "رشوة" لاميركا للحفاظ على النظام السعودي وتقبل كل سيئاته وممارساته، وكذلك رشوة اميركا لعدم التوصل الى حل سياسي في سورية الا بعد رحيل الرئيس الأسد.. وقيام اميركا باعتدائين على سورية، وكان آخرهما قصف مواقع للجيش السوري في الجنوب السوري، وهذه رسالة ضمان للسعودية كي تدفع ثمن ذلك.
المؤتمر لن يحقق أي شيء، وقراراته لن تكون الا مجرد حبر على ورق، وهذا ما ستثبته الاسابيع والاشهر القادمة.