أسباب وعوامل المواجهة السياسية بين البلدين
هل يستطيع الرئيس ترامب إلغاء اتفاق دولي مع ايران
هل "معاداة" ايران لابتزاز دول الخليج العربية
الرئيس الاميركي دونالد ترامب هو معارض قوي للاتفاق الدولي مع ايران حول برنامجها النووي. وقال في حملته الانتخابية أنه سيعمل على إلغاء هذا الاتفاق. وهذا القول ساهم في توتر العلاقات الاميركية مع ايران، ومما زاد التوتر ايضا انتقاد البيت الابيض للتجربة الصاروخية الباليستية الايرانية مؤخرا الى حد التهديد، وكذلك ضم ايران الى قائمة الدول التي يُمنع مواطنوها من دخول الولايات المتحدة.
وقد ردت ايران باعتبار ما تقوم به من تجارب عسكرية للدفاع عن نفسها هو امر داخلي وخاص بها، وكذلك فان الاتفاق النووي الدولي لم يمنع ايران من تطوير قدراتها الصاروخية. وقامت ايران أيضاً بمنع الرياضيين الاميركيين من دخول ايران للمشاركة في مسابقة دولية ردا على منع رعايا ايران من دخول اميركا!
السؤال الذي يطرح: هل يستطيع الرئيس ترامب إلغاء الاتفاق الدولي مع ايران الذي تم تثبيته أيضاً بتبنيه من قبل قرار لمجلس الامن الدولي. أما التساؤلات الأخرى التي يمكن اضافتها: ما هي الاهداف من انتقاد هذا الاتفاق؟ وهل سيصل التوتر الى حد المواجهة "الساخنة"، علماً أن هناك تعاوناً اميركيا ايرانياً في العراق في محاربة والتصدي للارهاب، وخاصة لتنظيم داعش، وكذلك هناك تعاون ايراني اميركي في التصدي لطالبان، ومن اجل استقرار افغانستان. أي أن اميركا تعادي ايران في الوجه وفي الوقت نفسه تصافحها من الخلف!
أسباب معارضة ترامب للاتفاق النووي
تعود أسباب انتقاد ترامب ومعارضته للاتفاق النووي الايراني الى:
· الحزب الجمهوري في اميركا لم يوافق عليه وانتقده جيدا، وترامب سواء شئنا أم أبينا هو من المعارضين له داخل هذا الحزب.
· لأن الاتفاق وقّع في عهد ادارة اوباما، في عهد كانت اميركا فيه ضعيفة!
· هناك تحريض اسرائيلي ضد الاتفاق عبر اللوبي الصهيوني الاميركي الذي لم يرض عن الاتفاق، بل كان يرغب في توجيه ضربة عسكرية لايران، وادارة الرئيس اوباما لم ترغب في التورط بحرب جديدة.
· هناك انزعاج من دول الخليج من هذا الاتفاق، وتمت معارضته وادت الى توتر العلاقات الاميركية الخليجية الى حد ما!
· ادعاء "اسرائيل" بأن هذا الاتفاق لم يزل الخطر الايراني على أمنها، وخاصة قيام ايران بتجارب صاروخية بعيدة المدى قد تصل الى اسرائيل في حال المواجهة العسكرية بينهما، مع ان ايران قالت عدة مرات انها لن تهاجم اسرائيل، بل انها تعمل لمنع أي اعتداء عليها!
امكانية تعديل الاتفاق
هل هناك امكانية لتعديل الاتفاق مع ايران؟ حسب التصريحات للدول التي شاركت في التوصل اليه قالت ان هذا الاتفاق ثابت، وان لا امكانية لاعادة فتحه أو إلغائه، لانه ثمرة جهود سياسية مكثفة استمرت سنوات طوال. وغالبية الدول الموقعة عليه تعارض اعادة فتح الملف الذي انطوت صفحته، وايران ملتزمة به.
ونظراً لعدم امكانية التعديل، لا بدّ لادارة ترامب ايجاد مبرر لمعاداة ايران، فاتهمتها ادارة ترامب بانها تدعم الارهاب عبر التدخل في العديد من الدول العربية سواء في سورية أو في اليمن أو في العراق، وهذا يعكس تناقضاً في السياسة الاميركية اذ أن ايران تحارب فعلاً الارهاب، فهي ضد كل التنظيمات الارهابية كما أن هناك تعاوناً ايرانياً اميركياً في العراق وهذا التعاون واضح!
التجارب الصاروخية "الشماعة"
لأن ادارة ترامب تجد صعوبة كبيرة في اقناع الدول الموقعة على الاتفاق على اعادة فتح الملف، فانها تحاول اتخاذ التجارب الايرانية الصاروخية، وتطوير امكانياتها العسكرية الدفاعية سببا او شماعة تدخل بها الى الاتفاق النووي، باعتبار هذه التجارب وهذه الاستعدادات العسكرية بمثابة خرق للاتفاق، وتشكل ايران تهديداً على الدول في المنطقة وخاصة اسرائيل.
إلا أن هذا المدخل لن ينجح لان روسيا والصين والمانيا وفرنسا لن تقبل به، ولن ينطلي عليها، وبالتالي فان المواجهة مع ايران ستكون "سياسية"، ولن تصل الى حد المواجهة العسكرية.
أهداف التصعيد الاميركي
التصعيد الاميركي للتوتر السياسي مع ايران له أهدافه الخطيرة ومن أهمها:-
1. اعطاء رسالة للشعب الاميركي بأن ادارة الرئيس اوباما السابقة كانت فاشلة، وادارة ترامب تحاول ترقيع ما تم من اتفاقات "ضعيفة" جدا بالنسبة لاميركا وعظمتها!
2. التأكيد على أن هناك خلافا اميركيا مع روسيا والصين، وليس هناك أي تحالف.. ربما يكون هناك تعاون لمصلحة مشتركة، ولكن العلاقة لن تصل الى حد التحالف!
3. أبناء دول الخليج في حال قلق، وبالتالي بحاجة الى الدعم الاميركي، وكذلك لحماية اميركا لها من أي اخطار أمنية مستقبلية، وبالتالي تبتز اميركا هذه الدول للحصول على ما تريده من اموال أو أمور اخرى!
4. ارضاء اللوبي الصهيوني في اميركا، اذ انه غير راضٍ عن الاتفاق، وبالتالي يكون اللوبي داعماً لادارة ترامب في كل اجراءاتها بخصوص ذلك، وهذا يعني دعم الموقف الاسرائيلي تجاه الاتفاق، وتجاه ايران.
مراقبون عديدون حذروا الرئيس ترامب من التهور في "توتير" العلاقة مع ايران، لان ذلك ليس في مصلحة اميركا.. وان لغة التهديد لن تساهم في "احتضان" أو "احتواء" ايران، بل سيساهم في اضعاف النفوذ الاميركي في منطقة الشرق الاوسط بأسرها.