الاجراءات الاسرائيلية متواصلة لتعزيز
السيطرة والهيمنة على الاراضي المحتلة
ارتفعت مؤخراً وتيرة الاستيطان في كل من الضفة الغربية والقدس العربية، وتم الاعلان عن بناء مئات الوحدات السكنية في عدة مستوطنات بموافقة الحكومة الاسرائيلية ذاتها. وهذه القرارات الرسمية لدولة اسرائيل تعتبر تحديا للمجتمع الدولي الذي يعتبر المستوطنات جميعها والمقامة على اراضي عربية محتلة هي غير شرعية. وهناك قرارات دولية تؤكد ذلك، واسرائيل لا تأبه بهذه القرارات لانه ليس هناك من يطالبها باحترام قرارات الشرعية الدولية، بل ان الامم المتحدة تختار وتنتخب مندوب اسرائيل لدى الامم المتحدة رئيسا للجنة القانونية التابعة للامم المتحدة بمنصب مساعد الامين العام للشؤون القانونية، مع ان اسرائيل لا تحترم القانون الدولي ولا تعيره أي اهتمام.
عندما تريد أن تناكف العالم كله، تعلن عن اقامة المزيد من الوحدات السكنية، هذا ما تم ضد قرار الاتحاد الاوروبي، الذي هو مجرد حبر على ورق، لمقاطعة منتجات المستوطنات من خلال وضع ملصقات عليها بأنها مصنوعة في مستوطنات الضفة والقدس.
واذا ارتفعت وتيرة النضال ضد الاحتلال الاسرائيلي، فان اسرائيل ترد على ذلك باقامة المزيد من الوحدات السكنية، وبمصادرة المزيد من الاراضي اضافة الى اجراءات قمعية، وممارسة عقاب جماعي بحق أي منطقة يتم فيها تنفيذ عملية مقاومة مهما كانت نوعيتها وفاعليتها.
ومؤخراً طرح اقتراح على اقامة مستوطنات جديدة، أو نقل مستوطنات مقامة على اراضي ذات ملكية خاصة الى اراض اميرية او الى اراضٍ يمتلكها اشخاص غائبون، أي هي بملكية الغائبين عن الوطن.
ولمعاكسة العالم كله وتحديه، هناك اقتراح بضم مستوطنة معاليه ادوميم الى دولة اسرائيل. وقد يتم التصويت على هذا الاقتراح الذي قدمه عدد من الوزراء واعضاء الكنيست اليمينيين المتطرفين جدا.
معاني النشاطات الاستيطانية
ماذا تعني هذه القرارات الاستيطانية؟ والى ماذا تهدف؟ وما هي تداعياتها في المستقبل؟ اسئلة تطرح بين فينة واخرى.. وكثيرون يعرفون الاجابة عليها.
القرارات الاستيطانية التي تقرها الحكومة الاسرائيلية تأتي من اجل ارضاء قوى اليمين المشاركة في الائتلاف الحكومي، لابقاء هذا الائتلاف متماسكا وقويا. وتعني ان الحكومة الاسرائيلية لا تأبه لكل الانتقادات لسياسة الاستيطان والتوسع، وانها ماضية في ذلك.
وتعني هذه القرارات ان حل الدولتين قد ولى، وان التفاوض مع الجانب الفلسطيني لن يكون على اقامة دولة، بل على ادارة كيان ليس مستقلا، هو تحت الهيمنة الامنية الاسرائيلية. أي ان المفاوضات هي لاعطاء السلطة الفلسطينية صلاحيات ادارية، وليس هيمنة او سيادة على الارض.
فكيف يمكن ان تقام دولة فلسطينية مستقلة وهناك مستوطنات، وطرق التفافية تقطع اوصال الدولة. وكيف يمكن ان تكون هناك دولة والقدس ليست جزءاً منها؟ وكيف سيقبل الفلسطينيون بحل من دون ممارسة حق العودة؟ وكيف ستكون هناك دولة وغور الاردن تحت السيادة الامنية الاسرائيلية الكاملة؟
القيادة الفلسطينية تطالب بوقف الاستيطان للعودة الى طاولة المفاوضات، ولكن اسرائيل ترفض هذا الشرط لان الاستيطان جزء من سياستها ولن تتنازل عنه.
اما اهداف استمرار هذه السياسة فيمكن تلخيصها بامر اساسي واحد وهو ان اسرائيل لن تقبل بالتنازل عن الارض في الضفة الغربية، وهي ترفض رفضا تاما الانسحاب من هذه المناطق، كما ان هناك اجماعا داخل الائتلاف الحكومي الحالي على رفض اقامة دولة فلسطينية مهما كان شكلها، حتى ان هناك رفضا لاقامة أي كيان فلسطيني "ممسوخ" لان اعضاء الحكومة لا يريدون بقاء هذا الشعب على ارضه، ولا يريدون تحقيق سلام الا ذاك الذي يخدم مصالحهم، ويؤمن مطالبهم، ويحقق احلامهم وتطلعاتهم وامنياتهم التوسعية.
الرأي العام ضد التنازل عن الارض
قد يقول مراقبون ان اعضاء الائتلاف الحكومي هم متطرفون، لا يريدون تحقيق أي سلام ولو كان هزيلا، لكن الشعب في غالبيته يريد "السلام". ولكن هذا القول غير صحيح لان من انتخب هؤلاء هم ابناء الشعب في اسرائيل. ولذلك فهم اتوا من خلال صناديق الاقتراع، ويعبرون عن آرائهم.
واضافة الى ذلك، فان استطلاعا للرأي العام الاسرائيلي اجري مؤخرا بمناسبة مرور 49 سنة على حرب حزيران 1967، واشارت نتائجه الى ان 55 بالمائة من الشعب الاسرائيلي يريدون بقاء الوضع على ما هو عليه، وعدم اعطاء الفلسطينيين حقوقا كاملة، كما ان ثلث المشاركين في الاستطلاع يؤيدون ضم الضفة كاملا لاسرائيل.
أي ان سياسة الحكومة الاسرائيلية هي تطبيق لما يرغبه الشعب الاسرائيلي، أي استمرار الاحتلال، وعدم العودة الى طاولة المفاوضات الا لاضاعة الوقت، او لاستلام تنازلات من القيادة الفلسطينية.
التوجه نحو حل الدولة الواحدة
أمام هذه السياسة الاسرائيلية التوسعية، وامام رفض اقامة دولة فلسطينية، وامام رفض الانسحاب من الاراضي الفلسطينية المحتلة، فان حل الدولتين رحل ومن دون رجعة، وان التوجه الآن نحو حل الدولة الواحدة ثنائية القومية، الا اذا كانت هناك مخططات اسرائيلية سرية لتهجير ابناء الشعب الى الخارج تحت مسميات وبظروف مفتعلة وخطيرة، عندها لن تكون على هذه الارض سوى دولة "يهودية" كما يريدونها.. وهذا امر مستحيل في القرن الحادي والعشرين الا اذا باع العالم كله ضمائره وتآمر مع غلاة التطرف في اسرائيل.
ان موضوع التهجير قد يكون امنية، ولكنها لن تتحقق لان هناك شرفاء في العالم لن يسمحوا بذلك لانهم يخافون ان يتكرر المشهد على دول عديدة، وبالتالي يدخل العالم في نفق مظلم، نفق العيش في الغاب!
r.a.d.
1.7.2 trial version. Copyright telerik © 2002-2007. To remove this message, please
.