من أجل الهروب من تحمل مسؤولياتها، تحاول الحكومة الاسرائيلية توجيه اتهامات باطلة وعارية عن الصحة ضد شعبنا الفلسطيني، وتتهمه بأنه المعتدي، وانه الظالم، والجلاد والقاتل والمحتل لاراضي اسرائيل.. وانه ارهابي، فتمارس بحقه شتى أنواع الاجراءات القمعية والتعسفية واللاانسانية.
ولا تريد الحكومة الاسرائيلية، ممثلة برئيسها ووزرائها اعضاء الائتلاف الحكومي، الاعتراف بالحقيقة المرة بأنهم هم من يُوتّرون ويصعّدون الامور، ويخلقون اجواء عدم استقرار وفوضى في منطقة الشرق الأوسط كلها بشكل عام، وفي الديار المقدسة بشكل خاص. ونجزم القول بأن اسرائيل تتحمل المسؤولية الكاملة عن كل ما يجري لاسباب واضحة المعالم وأهمها:-
1. رغم أن القيادة الفلسطينية، ممثلة بمنظمة التحرير، اعترفت بدولة اسرائيل على حدود 4 حزيران 1967، وتنازلت عن حوالي 80 بالمائة من اراضي فلسطين التاريخية في سبيل تحقيق سلام شامل ونهائي، الا ان اسرائيل لم تقدر هذا الاعتراف، بل انها أهملته، وتجاوزته بممارسات مست منظمة التحرير ذاتها!
2. قدمت القيادة الفلسطينية تنازلات جمة من اجل تحقيق تقدم ما في المفاوضات والتوصل الى سلام نهائي، الا ان اسرائيل لم تقدر ذلك. ومن هذه التنازلات القبول بمبدأ تبادل اراضٍ، حتى تبقى المستوطنات المقامة على اراضي الضفة قائمة.. وقبلت بالتنسيق الامني برعاية اميركية للحفاظ على الهدوء، الا ان اسرائيل ما زالت يوميا تقتحم المناطق الفلسطينية، وتعتقل وتهدم منازل وتصادر اراضٍ عديدة.
3. بعد 22 عاماً من المفاوضات، فان وضع المواطن الفلسطيني أصبح أسوأ مما كان قبل اتفاقيات اوسلو، وآفاق تحقيق سلام شامل او حتى سلام مؤقت غائبة وغير متوفرة!
4. القوانين الاسرائيلية التي تسن عبر البرلمان الاسرائيلي هي ظالمة وقاسية اذ ان العقوبات على راشقي الحجارة، اي المناضلين سلمياً، أصبحت أشد وأقسى مما كانت عليه في السابق، حتى ان محاكمة وسجن طفل قاصر فوق 14عاماً أصبح أمراً مسموحاً به، مخالفين بذلك كل الشرائع الدولية التي تحافظ على حقوق الطفل.
5. الممارسات العنصرية ضد المواطنين العرب في اسرائيل، واعتبارهم درجة عاشرة، وبالتالي غياب المساواة في المواطنة، ناهيك عن محاولة اعطاء دولة اسرائيل الصفة الدينية، اذ انها دولة لليهود وكأنها ليست لمواطنين غير اليهود، وتصر على أن يقوم الفلسطينيون بالاعتراف بذلك.
6. الاقتحامات اليومية للحرم القدسي الشريف من قبل متطرفين، فئة معربدة من اليهود، وبحماية الدولة، هي عامل استفزاز وتحريض ضد الفلسطينيين، واعتداء سافر على الاماكن المقدسة. وتستطيع اسرائيل "لجم" هذه الفئة إنْ ارادت ذلك، ولكنها لا تريد لاطماع واهداف خطيرة!
7. بروز وظهور جماعات متطرفة تعتدي على شعبنا الفلسطيني تحت يافطة "تدفيع الثمن"، أو غيرها من الأسماء من دون أي ردع لها، حتى ان الاحكام القضائية التي تصدر بحق المعتدين على العرب هي مخففة جداً.
8. المعاملة القاسية لأبناء القدس، والتمييز في الخدمات وشتى انواع الاجراءات الضرائبية، والتفتيشية والاستفزازية تخلق حقداً لا بل كرهاً شديداً، وتشجع المواطن على الدفاع عن نفسه وحقوقه وكرامته وحياته وعيشه!
هناك اجراءات كثيرة متنوعة من حواجز عسكرية ومن مداهمات واذلالات واهانات يعرفها الجميع.. وكلها هذه وقود لاندلاع واستمرار هبّة غضب ضد هذه السياسة الاسرائيلية.
والأنكى من كل ما ذكر من اجراءات، فان هناك وزراء اسرائيليين يدلون بتصريحات استفزازية للنيل من الفلسطينيين وحقوقهم، وحتى بعضها تطالب بترحيلهم، واخرى تطالب بمصادرة اماكنهم المقدسة.. وهؤلاء جميعا يصبون الزيت على النار.
لا بدّ أن تعرف الحكومة الاسرائيلية انه ما دام هناك احتلال، فان مقابل ذلك سيكون هناك نضال الذي شرعته الانظمة والقوانين الدولية.. وما دامت هناك اجراءات قمعية، وقوانين استفزازية، فان النضال سيتصاعد ويأخذ اشكالاً عديدة.
لقد ساهمت الحكومة الاسرائيلية في تأجيج الوضع وتصعيد نضال شعبنا من خلال اجراءاتها وممارساتها، ومن خلال تمسكها باحتلال هذه الاراضي.. وان هذه الهبّة الجماهيرية ستبقى مستمرة بوتائر مرتفعة أو منخفضة الى ان يزول الاحتلال وتحقيق سلام شامل ونهائي يؤمن لشعبنا الفلسطيني ادنى طموحاته الوطنية، واهمها اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
مهما حاولت اسرائيل تبرير اجراءاتها القمعية الا انها تتحمل كل المسؤولية في الوضع المتوتر الحالي.. وعليها فقط ان تنهي احتلالها لارضنا العربية في اسرع وقت، لان الاحتلال هو الداء الخطير والخبث الذي يجب ان يعالج فوراً ومن دون تردد.