* الدولة السورية قدمت لنا الدعم الأكبر في العالم
* على الفنان تجسد معاناة وصمود شعبنا في وجه المستعمر الغاصب
* الهم الفلسطيني حاضر في كل أعمالي بشكل أو بآخر
* احذروا عبدة الدولار فمن يسرق الوطن لا يدافع عنه
* تبقى القدس البوصلة الوحيدة لنا
* 22 من أفراد عائلتي قتلوا تحت الركام في مخيم اليرموك
دمشق- خاص بـ"البيادر السياسي":ـ حاوره من القاهرة/ محمد المدهون
هو فنان يحمل الوجع الفلسطيني في روحه، وتنصبغ به معظم تفاصيل لوحاته منذ أن بدأت أنامله تعانق الريشة والألوان.. عشرات وربما مئات الصحف التي كتبت عنه وما وفته حقه؛ فمنذ أكثر من ربع قرن وهو يرسم لقضايا الأمة العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية، جال بمعرضه (من أجلك يا قدس) في عدة بلدان عربية وأوروبية. وعندما تحرر الجنوب اللبناني على يد المقاومة اللبنانية انطلقت ريشته لتجسد المقاومة اللبنانية في لوحات واقعية. شاهدها الناس خلال معرض بعنوان (الحرية للجنوب) تحت رعاية الرئيس اللبناني السابق إميل لحود، عبر بها عن صمود ومقاومة الشعب اللبناني، وتبرع بثمن اللوحات لأسر شهداء الجنوب، وأثنى عليه حينها رئيس الجمهورية اللبناني، وقام بمقابلته وقدم له درع الأرز اللبناني برتبة الشرف. وإضافة إلى معارضه الوطنية التي تبلغ العشرات، أقام عدة معارض تراثية تبرع بثمنها للجمعيات الخيرية في سورية ولبنان. ومن معارضه التي تحمل الوجع الفلسطيني نذكر معرضاً تحت عنوان (تحية إلى صمود غزة) عبارة عن لوحة جدارية بطول (250م) تمثل الاحتلال الإسرائيلي والغطرسة الصهيونية منذ النكبة 1948 وكافة المجازر التي ارتكبها الصهاينة في صبرا وشاتيلا حتى قانا وإلى غزة، وأيضاً رموز اغتيلت على يد الموساد الإسرائيلي، وكل من تضامن مع شعبنا في غزة من الدول العربية والأوروبية... ومن المهم الإشارة هنا إلى أن الفنان عيسى يعقوب ينتمي إلى مدرستي الواقعية التعبيرية والرمزية اللتين تهدفان إلى نصرة قضايا الشعوب، وهو يؤكد أن هذا الانتماء لهاتين المدرستين ينبع من انتمائه إلى حب الوطن والأرض الخصبة التي حضنته..
سورية
كما يعتبر الفنان عيسي يعقوب أن أهم لوحة رسمها هي (أمه.. أم العبد.. أم الشهداء) التي قدمت ثلاثة من أبنائها هدية لأرض فلسطين. وقد قامت اللجنة الشعبية السورية لدعم الانتفاضة بطبع 500 لوحة ديجيتال للوحة "أم العبد"، وتم طلب تلك اللوحة من قبل كل من سمع بها أو سمع عنها، ووزعت إلى كافة أرجاء الوطن العربي وبعض الدول الأوروبية، وإلى الآن يطلب منه لوحات عن هذه اللوحة العظيمة وهي موجودة على الإنترنت..
وحول دور الفن وعلاقته بالإنسان والوطن والإيمان يؤكد يعقوب لـ"البيادر السياسي" أن الفن هو من أجل الإنسان، وأن الإنسان هو الأداة المطورة للفن الهادف والجمال وحب الوطن، ويؤمن بأن حب الوطن من حب الله الخالق الذي قدم لنا الفكر والصحة والعقل، ويعتبر يعقوب أن مساعدة الإنسان لأخيه الإنسان واجب أخلاقي ووطني وديني لأنه فعل خير، وفعل الخير هو من أعلى واجبات الإنسان في رسالته الكونية والوجودية... وتعد لوحته الجدارية التي حملت اسم (القدس العاصمة الأبدية لفلسطين) واستمر العمل بها 11 عاماً اللوحة الأكبر في العالم بطول 250 متراً وارتفاع 3 أمتار تجري الاستعدادات لتسجيلها في موسوعة غينيس للأرقام القياسية.. ويجسد الفنان يعقوب في هذه اللوحة الوحدة الوطنية بين الإسلام والمسيحية في فلسطين والوطن العربي، كما أنه أراد من اللوحة التي يعمل على عرضها في أكبر عدد من مدن العالم أن تبقى فلسطين في ذاكرة الأجيال...
"البيادر السياسي" كان لها هذا اللقاء مع هذه القامة الفلسطينية الكبيرة والمشرفة، وأجرينها معه الحوار التالي:
مركز القدس
* بداية نود أن تعطينا فكرة حول مركز القدس للإعلام والفنون وأبرز نشاطاته، وكفنان تشكيلي فلسطيني.. هل لك أن تحدثنا عن نفسك وعن أبرز الأعمال الفنية التي قمت بها؟
** بالنسبة للأنشطة التي يقوم بها مركز القدس للإعلام والفنون كثيرة جداً، منها أنني أقمت عدة معارض باسم المركز بعنوان "من أجلك يا قدس"، وتجولت به في كافة المحافظات السورية ولبنان ودبي وعدة بلاد أوروبية وشاركت بمنتدى القدس الدولي عام 2007 في اسطنبول، ونال جائزة أقوى لوحات تمثل وتجسد معاناة الشعب الفلسطيني وصموده، عرضت من خلاله رموزاً فلسطينية من كل الفصائل التي استشهدت على يد العدو الصهيوني، ونشرت الصحف التركية عن معرضي يومياً في كل الصحف، إضافة إلى أن أربعين محطة وتلفزيوناً أوروبياً أجروا معي مؤتمراً صحفياً خاصاً خلال إقامة المعرض.. ومركز القدس لا ينتمي إلى أي فصيل، إنما ينتمي لفلسطين والقدس وكل من يقف مع فلسطين، ويعتمد معنوياً على كل من يحب فلسطين. أما مادياً يعتمد المركز على رسم بعض اللوحات لأشخاص اعتباريين وأيضاً لوحات دمشقية. ومن الأنشطة التي أقمتها أيضاً باسم المركز معارض (عشق وطن) لأن مولدي في دمشق الحبيبة، والدولة السورية تدعمني معنوياً ومادياً. وعلى صعيد آخر قمت بإنشاء معمل الزعتر الفلسطيني الأخضر "ماركة أم العبد"، والدتي، وحصلت على شهادة الآيزو الدولية، أجود أنواع الزعتر في العالم، ويتم تسويقه الآن في لبنان وسورية، ومن أرباحه أقوم بإيواء وإطعام أكثر من 130 فرداً من أسرتي النازحين من مخيم اليرموك. وهناك مشروع كتبت عنه الصحف من 6 سنوات بدأت به قبل بداية الأحداث في سوريا، وهو أكبر جدارية في العالم تمثل فلسطين منذ النكبة وحتى حرب غزة بطول 200 متراً ارتفاع متر ونصف وكنت أنوي افتتاحها في ساحة الأمويين بدمشق وحصلت على رعاية مفتي الجمهورية العربية السورية والبطريرك لحام و17 وزارة في سورية وعندما بدأت الحرب على سورية قمت بإضافة 100 متراً وسميت الجدارية (فلسطين منذ النكبة وحتى العدوان على سورية) وقد لاقى المشروع تشجيعاً من كافة مسؤولي الدولة... وهنا أود الإشارة إلى أن مركز القدس للإعلام والفنون يقوم برعاية الفنانين الموهوبين الذين يحبون فلسطين وسورية من خلال إقامة معارض لهم مجاناً، كما يقوم بطباعة صور عن فلسطين وعن مخيمات الشتات، وأيضاً منشورات فنية تخص فلسطين والنكبة والمعاناة وصور عن القدس، مسرى النبي ومهد السيد المسيح، وقدمت باسم المركز دروع القدس لكافة المراجع الدينية المسيحية والإسلامية، كما قمت بتقديم درع القدس مع كنيسة القيامة إلى البطرك بشارة الراعي والبطريرك لحام ومفتي القدس محمد الحسين الذي عبر عن ألمه لما حصل بعائلتي في اليرموك، حيث استشهدت شقيقتي وكل أولادها وأحفادها، فقام بالاتصال معي معزياً، ووعدني بإرسال مساعدة مادية مع ماهر الشبلي وحتى الآن للأسف لم يوصل الشبلي تلك المساعدة، أما بالنسبة لأعمالي فهي تعبر عني، ومن المهم أن أشير هنا إلى أنني دائماً أرسم الحدث في وقته وفي حينه أي بشكل مباشر.
رسالة الفنان
* ما هي الرسالة التي يحملها الفنان التشكيلي الفلسطيني؟
** الرسالة التي يحملها الفنان الفلسطيني يجب أن تظهر من خلال أعماله الفنية بأن فلسطين وطنه الأول والأبدي، وينقل من خلال لوحاته عشقه لفلسطين أرض أجداده، كما عليه أن يجسد معاناة وصمود شعبنا في وجه المستعمر الغاصب... هذا الشعب العظيم الذي لم يبخل يوماً بتقديم الشهداء من أجل قضيته العادلة والمحقة بتحرير الأرض والإنسان من جبروت العدو وظلمه وطغيانه.
* كيف تنظرون إلى ما يجري في فلسطين من أحداث؟ وكيف تجسدون الواقع الفلسطيني؟
** ننظر بألم تجاه معاناة شعبنا، وألم آخر تجاه الأنظمة العربية المتخاذلة والمتصهينة.... وكما أخبرتك إن الهم الفلسطيني حاضر في كل أعمالي بشكل أو بآخر.
دعم سوري لا محدود
* إلى أي مدى تجدون تشجيعاً ودعماً من قبل أشقائنا السوريين؟ وماذا تعني لهم القضية الفلسطينية؟
** أكبر دعم بالعالم كله نجده من الدولة السورية شعباً وحكومة وقيادة، أكثر حتى من قياداتنا الفلسطينية، سواءً على الصعيد المعنوي أو المادي، ويومياً الصحف السورية والإعلام السوري بكافة وسائله يتحدث عن القضية الفلسطينية التي يعتبرها ويتعامل معها السوريون على أنها قضيتهم المركزية الأولى.
حلم العودة
* ماذا يعني لكم حلم العودة إلى فلسطين؟
** حلم العودة إلى فلسطين كان قبل أن تأتي حماس قوياً جداً، وكان هناك أمل كبير، يكفي أنه لم يكن قبل حماس أي من الفصائل متخاذلاً أو إخوان مسلمين، لأن الإخوان المسلمين صناعة صهيونية وأنا لا أثق بهم، وما فعله خالد مشعل بعد أن استضافته سورية على أنه مقاومة فظهر بأنه إخوان مسلمين، والإخوان هم ضد القضية الفلسطينية وضد سورية التي حملت لواء القدس.. والطريف والمثير للسخرية بآن معاً أنه قد وعدني مشعل عام 2006 عندما فازت حماس بالانتخابات، حيث سألته هل تعد أطفالي وأطفال الشتات بأن يعودوا إلى القدس بعد فوز حماس فكان رده بالحرف الواحد: "بشر أولادك من يركب قطار حماس سيدخل القدس" إلا أنه وكما ظهر قد خذل أولادي وخذل الشعب الفلسطيني بالشتات، والنكبة الثانية هي مخيم اليرموك عاصمة الشتات التي كان هو سببها من خلال تدميره وذهب ضحية ذلك التدمير 22 من أفراد عائلتي تحت الركام...
* كيف تنظرون إلى ما يجري في القدس من اعتداءات وتهويد؟
** بالرغم من كل آلامنا في سورية تبقى القدس البوصلة الوحيدة لنا ونتألم لها ولما يجري على أيدي الغزاة الصهاينة من إساءات متكررة ومخطط تهويدي عنصري غادر وظالم... مازلت أرسم يومياً القدس، وألقي محاضرات من أجل التنبيه إلى خطر التهويد، وأدعو العالم لاتخاذ موقف جاد يرفض إجراءات الصهاينة وإيقاف أفعالهم اللا إنسانية بحق شعبنا...
* هل من رسالة توجهونها لأهلكم داخل الأرض المحتلة؟
** نعم أريد أن أقول لهم تمسكوا بالأرض واستشهدوا من أجل القدس، واحذروا القيادات الخائنة والجواسيس التي تعبد الدولار، فهم عبادي الشيطان، ومن يسرق الوطن لا يدافع عن الوطن.