بمناسبة مرور عشر سنوات كاملة على رحيل القائد الخالد والرمز ياسر عرفات (ابو عمار)، أحيت الجماهير الفلسطينية في الداخل وفي الشتات هذه المناسبة حيث أقيمت مهرجانات وفعاليات عديدة تحدثت عن انجازات الرئيس عرفات وتضحياته الكبيرة، وحكمته وحنكته في ادارة النضال لانهاء الاحتلال وتحقيق الاستقلال.
أهم هذه الاحتفالات التي تمت في رام الله لرعاية الرئيس محمود عباس (أبو مازن) وذلك يوم الثلاثاء الموافق 11/11/2014 بحضور شخصيات فلسطينية اضافة الى اركان القيادة الفلسطينية. وألقى الرئيس عباس كلمة مهمة جداً حول الرئيس عرفات وحول الوضع الحالي، وكانت هناك كلمات للقوى والفصائل الفلسطينية المختلفة وايضاً لرئيس مؤسسة عرفات الدكتور ناصر القدوة.
وبعد مرور 10 سنوات كاملة على ترجل الفارس عرفات، يمكن الاستنتاج والقول، لا بل التأكيد، أن رحيله لم يكن طبيعياً، بل كان تصفية أو عملية اغتيال، والجميع أجمع، سواء لجان أو أطباء أو قيادات، بأن الرئيس رحل مسموماً، ولم يعرف بعد كيف وصل السم اليه، ومن دس السم له، مما أدى الى فقدانه للمناعة، فتوفي خلال فترة قصيرة.
تساؤلات كثيرة
ما زال المواطن يطرح تساؤلات عديدة وكثيرة: هل من الممكن الا نعرف من قتله واغتاله؟ وكيف تم تسميمه؟ ومن نفذ عملية التصفية والاغتيال؟ وهل لجان التحقيق التي شكلت عجزت عن معرفة ذلك؟ ومن هم المتورطون في حادثة الاغتيال؟
هناك أسئلة أخرى، ولكن لن يهدأ المواطن الا بعد معرفة كل تفاصيل عملية الاغتيال، ولن يرتاح شعبنا الا بعد الكشف عن كل الأمور التي توصلت اليها لجان التحقيق المختلفة التي شكلت بعد رحيل الرئيس عرفات.. وهل من المعقول أن تمر عشر سنوات وهناك عجز كبير في الكشف عن كل الأمور.
اسرائيل مسؤولة..
ليس خافياً على أحد من أن اسرائيل كانت تسعى الى تصفية الرئيس عرفات بشتى الطرق والوسائل، وأعلنت عن ذلك مراراً وتكراراً عبر تصريحات رئيس وزرائها في ذلك الوقت ارئيل شارون. وحاصرت قوات الاحتلال مبنى المقاطعة، وقصفت بالقذائف، وبقي الرئيس عرفات صامدا، ولم يستسلم بل أصر على الشهادة.. وقد أُعلن في ذلك الوقت أن اسرائيل تسعى للتخلص منه.
هنا اجماع فلسطيني على أن اسرائيل هي التي وقفت وراء عملية الاغتيال عبر دس السم في جسده. والجميع أجمعوا على أن اغتيال عرفات كان لمصلحتها، اذ أن مواقفه كانت ثابتة ورفض أن يحيد عنها.. وكان جل همه انهاء الاحتلال البغيض واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
ورغم معرفتنا او اشتباهنا باسرائيل هي المسؤولة عن الاغتيال، الا أننا لم نستطع اثبات ذلك، لان هناك ضعفاً ما في مكان ما سواء في التحقيق الفوري أو في معرفة الثغرة التي تؤدي الى الاتهام.
ولكن رغم العجز في ايجاد الاثباتات، فان ذلك لا يعني أننا نستسلم ونغلق ملف التحقيق، اذ أن هذا التحقيق يجب أن يستمر ويتواصل حتى كشف كامل الحقيقة، ولربما تتبين وثائق من داخل اسرائيل بعد 50 عاماً حول هذه العملية تدين اسرائيل بارتكاب هذه الجريمة بحق الرئيس عرفات.
ولا بدّ من متابعة كل ما يكتب وكتب في السابق عن الاغتيال في وسائل الاعلام العبرية، وفي الكتب، ولا بدّ أن تبقى لجنة التحقيق قائمة، وان تواصل البحث والتحقيق لمعرفة حقيقة مهمة وهي كيف تم تسميم الرئيس عرفات وهل هناك من أيادٍ فلسطينية شاركت في ذلك.
خالد للأبد
سيبقى الرئيس عرفات خالداً للأبد في التاريخ الفلسطيني اضافة الى خلوده في ذهن كل القادة والزعماء وأبناء شعبنا الفلسطيني، سيبقى خالداً في التاريخ العالمي لأنه حقق انجازات للقضية الفلسطينية عبر النضال الوطني المشروع... وخلوده قد يؤدي في نهاية المطاف الى الكشف عن تفاصيل عملية اغتياله.
الرئيس عرفات حي روحياً ونفسياً ومعنوياً، وسيبقى كذلك لأنه الزعيم الرمز، ولانه هو نفسه كان الرقم الصعب في القضية الفلسطينية.
عاش الرئيس عرفات مناضلاً شريفاً... ومات بعزة وفخر... ولذلك فهو نائم في قبره قرير العين... وسيرتاح جسده أكثر حينما تتكشف خيوط المؤامرة، ويعاقب قاتله والمشرف والمنفذ لجريمة اغتياله.