ابعاد الاجتماع ودوافع عقده، وأهميته
لأول مرة منذ سبع سنوات، أي منذ الانقسام الفلسطيني الذي حدث في حزيران عام 2007، وسيطرة حركة "حماس" على مقاليد السلطة في قطاع غزة، يعقد مجلس الوزراء الفلسطيني الموحد، أي حكومة التوافق الوطني، اجتماعاً في قطاع غزة برئاسة الدكتور رامي الحمد الله، وبمشاركة جميع الوزراء. وتم في هذا الاجتماع دراسة موضوعين مهمين، وهما: اعمار قطاع غزة، وتوفير رواتب للعاملين الذين انضموا الى السلطة الوطنية في القطاع في عهد حركة "حماس". وقد تم وضع مشروع اعادة الاعمار ودراسته واقراره، والذي أعده نائب رئيس الوزراء د. محمد مصطفى، وكذلك العمل على دراسة توفير رواتب أو سلف للعاملين المدنيين على أن يبحث موضوع توفير رواتب للعسكريين في المستقبل.
اعداد للاجتماع
قبل الاتفاق على عقد الاجتماع الحكومي في القطاع، جرى اتفاق بين حركة "حماس" و"فتح" بعد سلسلة من اللقاءات تم خلالها الاتفاق على ما يأتي حسب مصادر خاصة وعليمة:-
1. حكومة التوافق او الوفاق الوطني هي المسؤولة عن مشاريع اعمار قطاع غزة، وهي المسؤولة عن ادارة شؤون البلاد اقتصادياً واجتماعياً.
2. الذهاب الى مؤتمر المانحين الذي سيعقد يوم 12/10/2014 في القاهرة بحكومة واحدة تمثل السلطة الوطنية موحدة، لان المؤتمر لن ينجح اذا لم تكن هناك مثل هذه الحكومة.
3. منح سلفة للموظفين أو العاملين المدنيين لدى "حماس" خلال وجودها في السلطة، مع تشكيل لجنة لبحث أمور هؤلاء وضمهم الى ديوان الموظفين حتى يصبح من هو أهل لذلك، عاملاً أو موظفاً رسمياً لدى السلطة الوطنية.
4. موضوع الموظفين في السلك الامني ستدرس حالتهم في المستقبل القريب عبر لجنة تشكل بخصوص ذلك.
5. التمسك بموضوع الوحدة، وعدم التفريط بها مهما تكن الأسباب، وتنفيذ الاتفاقات السابقة قدر الامكان.
6. موافقة حماس على تسلم عناصر أمن من السلطة الوطنية، ولربما حرس الرئيس، مسؤولية ادارة المعابر مع كل من اسرائيل ومصر، اذ أن هاتين الدولتين الجارتين تصران على التعامل مع السلطة الوطنية، وليس مع حركة حماس.
7. وقف كافة اشكال الاستفزازات وتبادل الاتهامات بين الحركتين.
هذا الاتفاق ساهم الى حد كبير في "نجاح" مؤتمر اعمار القطاع لان الجانب الفلسطيني لم يذهب منقسماً على ذاته بل موحداً. كما ان هناك بنوداً أخرى تم الاتفاق عليها، لم يعلن عنها ومن أهمها:-
1. الحفاظ على الهدوء والتهدئة مع اسرائيل، وعدم اعطائها اي مبرر لشن حرب جديدة.
2. مواصلة التشاورات بين الجانبين حول الخطوات السياسية القادمة لمواجهة اسرائيل والعمل على ازالة الاحتلال.. وان يكون هناك موقف موحد في هذا السياسي الكبير في اروقة الأمم المتحدة أو مختلف المنظمات الدولية.
دوافع الاتفاق من كل من الحركتين
أرادت حماس أن تظهر نواياها الجيدة تجاه المصالحة، ولذلك قبلت واعترفت بأن الرئيس عباس وسلطته مسؤولين عن ادارة القطاع في كل الامور ما عدا الأمنية، ولكن في الواقع هناك عدة ضغوط ودوافع اجبرتها على ذلك ومنها:-
· لا تستطيع حماس أن تنفذ مشاريع اعمار القطاع لانها تمر بأزمة مالية خانقة نظراً لشح الموارد المالية نتيجة مواقف الاخوان المسلمين في السنوات الاخيرة.
· لا تستطيع حماس توفير رواتب لاربعين الف موظف مع سلطتها اذ ان هؤلاء العاملين لم يحصلوا على رواتبهم منذ عدة شهور، وقبل شن اسرائيل حربها الثالثة على القطاع.
· لن يكون هناك فتح للمعابر الا اذا كانت السلطة الوطنية مسؤولة عن ادارتها، لان مصر تعترف وتعتبر ان قطاع غزة هي من مسؤولية السلطة الوطنية، وليست مسؤولية حماس، اي انها لم تعترف بأي سلطة في القطاع الا بالسلطة الوطنية الشرعية.
· لن تكون هناك مساعدات مالية للقطاع لتنفيذ المشاريع الا عبر مظلة السلطة في رام الله.
· المواطن الفلسطيني في القطاع يعيش ظروفاً صعبة، ويعتبر حماس مسؤولة عن ذلك، لذلك عليها التخفيف من هذه الظروف الصعبة عبر السلطة الوطنية، لانه ليس هناك من انفراج الا عبر السلطة الوطنية.
· التفاوض مع اسرائيل حول ادخال المواد الاساسية للاعمار، او للغذاء، أو الوقود لمحطات الكهرباء في القطاع لن يكون الا عبر السلطة الوطنية، وحماس لا تريد المفاوضات المباشرة، وكذلك لا تريد اسرائيل التفاوض مع حماس. ولن تسمح اسرائيل بتخفيف الحصار او دخول مواد الى القطاع الا بالتنسيق مع السلطة الوطنية.
أما حركة "فتح" فقد وجدت أن هذه الفرصة مؤاتية لتحقيق الوحدة، وانهاء الانقسام، واجراء الانتخابات، وكذلك فان الوحدة الوطنية ضرورية بعد أن فشلت مسيرة 20 عاماً من المفاوضات، والمرحلة القادمة تحتاج الى رص الصفوف. وكذلك أيضاً فان السلطة الفلسطينية تعيد سيادتها وسيطرتها على جزء مهم من الوطن، وبالتالي تمنع اسرائيل من تحقيق هدفها الأساسي، وهو الفصل بين القطاع والضفة للانفراد بكل جزء على حدة لتحقيق الاهداف.
اجتماع الحكومة الفلسطينية في القطاع كان ضرورياً لانه اعتبر خطوة اولى فعلية نحو جمع الشمل.. ولكن ما هو مطلوب أن تتواصل الخطوات، والا تسمح الحركتان لاسرائيل أو لخصوم الشعب الفلسطيني بالايقاع بينهما، وبالتالي اضعافهما، واضعاف الموقف الفلسطيني الذي هو في هذه الأوقات بحاجة ماسة وضرورة لرص الصفوف وخوض معركة سياسية لانهاء الاحتلال الاسرائيلي عبر قرار دولي جديد ملزم لاسرائيل وملزم للشرعية الدولية في تطبيقه.