الاطماع الاسرائيلية بالسيطرة عليه ما زالت قائمة
فشل اليهود المتعصبين حتى الآن من فرض السيادة على الحرم القدسي الشريف لا يعني أن الاطماع قد رحلت، بل ان السعي متواصل من أجل تحقيق هذه الاهداف من خلال وسائل عديدة يمارسها هؤلاء المتعصبون المتطرفون الذين جعلوا من معركة الدفاع عن الحرم القدسي الشريف يومية ومتواصلة، وجعلوا القدس تعيش في حالة توتر وارتباك وعدم استقرار، ومنحوا السلطات الامنية الاسرائيلية عذر فرض قيود على أعمار المصلين وخاصة أيام الجمعة، تحت ذريعة أن هناك جهات فلسطينية تسعى للقيام بنشاطات سياسية بعد انتهاء الصلاة، وتمضي الصلاة، ولا يحدث أي شيء، سوى مصادمات بين رجال الشرطة والذين منعوا من الدخول الى البلدة القديمة، وأدوا الصلاة في الشارع على أبواب البلدة القديمة.
لا يريدون تواجداً عربياً داخل الحرم، ولذلك فهم يقومون وعلى مدار عدة أيام باغلاق أبواب الحرم فجرا لمنع أبناء القدس من أداء صلاة الفجر. ويستمر الاغلاق حتى الساعة العاشرة صباحاً، أي أن أبواب الحرم تغلق لمدة ست ساعات على الاقل، وبذلك يتم منع طلاب المدرسة الابتدائية من الدخول والالتحاق بصفوفهم الا بعد الساعة العاشرة قبل الظهر، وكذلك طلاب المدرسة الشرعية الثانوية وطلاب العلم في المصاطب.
الاستفزاز من الجانب الاسرائيلي
اغلاق الحرم فجراً لعدة أيام بين فترة واخرى هو بحد ذاته استفزاز ضد المصلين وضد ابناء القدس، ويصعد من التوتر في البلدة القديمة.
ويتواصل الاستفزاز عبر قيام مجموعات متدينة متزمتة ومتعصبة باقتحام ساحات الحرم من بوابة باب المغاربة تحت حماية ورعاية الشرطة الاسرائيلية، ويقوم أحياناً بعض رجال الدين باقتحام هذه الساحات، مما يولد غضباً في الشارع الفلسطيني.
واضافة الى ما ذكر، فإن اعضاء كنيست متطرفين جدا من حزب الليكود وبقية الاحزاب تقوم بجولات في الحرم القدسي الشريف، وكان من بين هذه الزيارات جولة عضو الكنيست المتطرف جدا موشيه فيجلين وشلته في الحرم مما ادى الى تصدي المتواجدين له، والقاء الأحذية عليه. وقد اضطرت الشرطة الى حمايته واخراجه فورا من ساحات الحرم القدسي الشريف.
وهناك بعض الزوار أو المقتحمين للحرم يحاولون رفع العلم الاسرائيلي، أو تأدية بعض الشعائر الدينية مما يؤدي ذلك الى تصدي المصلين المتواجدين داخل الحرم لهم، ومنعهم من مواصلة مثل هذا الاستفزاز.
ومما زاد الطين بلة، أي ما زاد الامر تصعيدا وتوتراً، هو قيام الكنيست (البرلمان) الاسرائيلي بدراسة سن قانون يفرض السيادة اليهودية على الحرم الشريف، وقد عقدت جلسة لبحث ذلك بعد أن تأجلت لاسبوع، ومن المتوقع عقد جلسة أخرى. ومثل هذه الاخبار والاجراءات الاسرائيلية تستفز المسلمين والعرب ليس في مدينة بيت المقدس، بل في كل العالم.
الحفريات متواصلة
أما اذا تابعنا موضوع الحفريات تحت الحرم الشريف، فهي مستمرة، وابناء القدس من سكان البلدة القديمة يسمعون ليلاً ونهاراً اصوات ادوات تعمل تحت بيوتهم.. وهناك مساع اسرائيلية لاقامة العديد من المشاريع الدينية تحت الحرم، وذلك بهدف القول والادعاء أن ما تحت الارض في الحرم القدسي الشريف هو لليهود، وكذلك لمنع أي توسيع للحرم حتى يستوعب أكبر عدد من المصلين.. أي أن للحفريات هدفاً خطيراً، وهو السيطرة على ما تحت الحرم لمحاصرته، ومنع توسيعه من خلال اجراء حفر تحت أبنيته، وكذلك تدعي اسرائيل ان الهواء لها، وهذا ايضا يهدف الى منع اقامة أي بناء أو توسيع ساحات الحرم عموديا.. أي ان الحرم محاصر عمقا وجوا، واسرائيل تفكر للسيطرة على ساحاته أو تقسيمه بين الجانبين اليهودي والاسلامي.. وعينها متجهة نحو المسجد الاقصى لان تدميره يوفر الاجواء والامكانيات لاقامة الهيكل اليهودي المزعوم.
انتهاك لاتفاقيات السلم
ما تقوم به اسرائيل تجاه الحرم القدسي الشريف من استفزازات يومية واجراءات تمهد للاستيلاء عليه، هو مخالف لاتفاقيات السلم الموقعة مع الاردن، اذ ان المملكة الاردنية هي صاحبة الوصاية على هذه المقدسات الاسلامية في القدس. ويعني ان اسرائيل تنكث بالاتفاقيات الموقعة ولا تحترمها.. وهذا مؤشر خطير الى ان اسرائيل ليست شريكاً حقيقياً في مسيرة السلام، فهي تفعل ما تريده، ضاربة بعرض الحائط اية اتفاقية تخالف مصالحها أو خططها.
لقد حاول الاردن بشتى الطرق والوسائل ايصال الرسائل الى الحكومة الاسرائيلية ضد الاجراءات بحق المقدسات، وفي بعض الاحيان تتجاوب الحكومة الاسرائيلية مع مثل هذه الرسائل لفترة قصيرة، ثم تنسى هذا التجاوب.. وتعود لتنفيذ اجراءاتها واعتداءاتها على هذه المقدسات.
وانطلاقاً مما ذكر، فإن اسرائيل لا تحترم القوانين الدولية، ولا تؤمن بحرية العبادة، فهي ضد كل شيء يخالف أو يعارض مصالحها. ولذلك فهي تشعر بانها فوق القوانين.. ولكن هذا الوضع لن يبقى للابد، فامكانية تغيّر وتبدل المعطيات واردة، وهذا ما يجب أن تدركه اسرائيل، وتعرف أن النكث بالمعاهدات له ثمنه الباهظ وهذا ما ستثبته السنون القادمة.