القدس.. أهمية قصوى لدينا، فلن يكلّ القلم عن الكتابة عنها، وعما تتعرض له من قبل الاحتلال الاسرائيلي من عمليات تهويد لن تتوقف الا اذا وقف الجميع يداً واحدة في سبيل الدفاع عنها.. لذلك نفرح عندما نجد من يهتم بالقدس، ونثمن أية خطوة تخدم قضيتها، وأي قرار يتخذ من أجل تذكير الجميع بما تتعرض له ..
وفي هذا الصدد أعلن مجلس إدارة الوحدة الاعلامية العربية، يوم السادس من شهر تشرين الأول الماضي، اختيار مدينة القدس عاصمة للصحافة العربية للعام ٢٠١٤. وقال الأخ علي يوسف، رئيس المجلس، بأن اختيار القدس عاصمة للصحافة العربية للعام 2014 جاء كجهد اعلامي لخدمة القدس أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، وأن المجلس يتحمل مسؤولية توجيه أنظار العالم من جديد لقضية رئيسية تم تغييبها منذ سنوات عن الاعلام العربي والدولي، وأن اختيار القدس جاء تماشيا مع الهدف الرئيس للمجلس، وهو توحيد الأقلام العربية الحرة تجاه القضايا التي تمس الوطن العربي بسوء.
لا شك أن هذا الخبر قد أثلج الصدور والنفوس بأن هناك ما زال من يهتم بالقدس وبقضيتها التي وضعت في طي النسيان والتناسي، وأهملت لتصل القدس الى مرحلة مأساوية لا تحسد عليها. جاء هذا الخبر، كما جاء من قبله قرار وزراء الثقافة العرب بإعلان القدس عاصمة الثقافة العربية لعام 2009، والذي رغم تفاؤلنا حينه بهذا القرار، وبأن هذا العام سيعيد الانظار الى مدينة القدس، الا اننا فوجئنا بأن القدس نفسها أهملت في الاحتفالات والفعاليات التي انطلقت من أجلها، فكانت كمن يحتفل بالعروس، والعروس مغيبة عن فرحها، فكانت صدمة لنا حيث لم تؤت تلك الفعاليات بالنتائج المطلوبة، وبقيت القدس تعاني من الاهمال والتهويد، رغم الوفود التي جاءت من الصحافيين والكتاب والفنانين العرب للمشاركة في اشعال شعلة احتفالاتها والتي جرت للأسف في بيت لحم وليس في القدس. ورغم تفهمنا بأن هؤلاء سيتم منعهم من دخول القدس من قبل الاحتلال، إلا أننا كنا نتوقع أن تتزامن هذه الفعاليات مع فعاليات أخرى في مدينة القدس والتي لم تشهد منها الا ما ندر، وهذا ما قوبل باستياء كبير من قبل مواطنيها، وبخاصة وأن بعض من عينوا للترتيب لفعاليات القدس عاصمة الثقافة العربية 2009، لم تكن لهم أية علاقة بالقدس، ولم يكونوا من مواطنيها. ومما زاد من الطين بلة أن الدول العربية تهربت من تطبيق وعودها الداعمة لاحتفالية القدس.
لذلك فاننا نأمل أن نكون قد استفدنا من الأخطاء التي حصلت في احتفالية القدس عاصمة الثقافة العربية، وأن يستطيع قرار اعتماد القدس عاصمة للصحافة العربية تحقيق الأهداف التي وضعت من أجلها، وبأن يتم القيام بالاجراءات الضرورية من أجل أن تكون القدس حقيقة عاصمة الصحافة العربية.
خطوات يجب أن تتخذ منا كفلسطينيين ، ليس فقط أن نتحدث عن القدس، ولكن أن يكون حديثنا عن القدس وما تتعرض له من قلب القدس نفسها.. قرأت في أحد المقالات، نشر في صحيفة القدس، حول موضوع "القدس عاصمة الصحافة العربية"، يتحدث فيه الكاتب عن بعض الخطوات ومن أهمها دعم صمود وتطوير الصحافة الفلسطينية في القدس، وترسيخ الصوت الاعلامي الفلسطيني فيها، وهذه خطوة هامة جداً ولكن أتساءل هنا، أين الصحافة الفلسطينية في القدس وأين مؤسساتها؟! فلم يتبق في القدس سوى مؤسستين صحفيتين هما مجلة البيادر السياسي والتي رغم محاولات صمودها في القدس مع كل الصعوبات والضغوطات التي تتعرض لها، الا انها لا تجد من يقف معها، وصحيفة القدس، وقد تم نقل المؤسسات الأخرى الى مدينة رام الله ، فحتى نقابة الصحافيين وللأسف فقد أغلقت مقرها في القدس منذ سنوات وسنوات وانتقلت الى رام الله، ورغم الوعودات التي سمعناها من نقيب الصحفيين الأخ الدكتور عبد الناصر النجار بإعادة المقر الى القدس، حيث قال في عدة مناسبات "أن نقابة الصحفيين تسعى إلى إيجاد مقر للنقابة في مدينة القدس، وستعمل على ذلك خلال الفترة المقبلة... وأن نقابة الصحفيين انتهت من إجراءات فتح مقرها الدائم في القدس المحتلة " ورغم أن رئيس الوزراء الأخ الدكتور رامي الحمد الله أبدى استعداد الحكومة للتعاون مع النقابة لافتتاح مقرها في مدينة القدس، ولكن حتى هذه اللحظة لم يتم نقل المقر ، رغم أن الحديث عن ذلك كان في بداية شهر تشرين الأول الماضي.
وأخيراً، اذ نشكر مجلس إدارة الوحدة الاعلامية العربية على مبادرته هذه، ونثمن جهوده من أجل اعادة الانظار الى مدينتنا المقدسة، فاننا نأمل بأن تتظافر كل الجهود من أجل، ليس انجاح هذا الحدث فقط، وانما ليتم التركيز على اعادة تفعيل الاطار الصحفي في القدس، ليكون الجسم الصحفي المقدسي قوياً يتناسب مع حدث الاعلان عن القدس عاصمة الصحافة العربية، والأهم من ذلك ليستطيع نقل الصورة الحقيقية عن القدس ومعاناتها ومن قلب القدس نفسها..