المطلوب ابقاء ملف الأسرى في مقدمة أولوياتنا
أفرجت سلطات الاحتلال الاسرائيلي في ساعة متأخرة من مساء يوم الثلاثاء الموافق 29 تشرين الأول 2013 عن الدفعة الثانية من أسرانا القدامى المعتقلين في السجون الاسرائيلية منذ ما قبل اتفاق اوسلو، وشملت هذه الدفعة 26 أسيراً. وكانت السلطات الاسرائيلية قد أفرجت عن الدفعة الاولى (26 أسيراً أيضاً) قبل ثلاثة شهور تقريباً، ليصل مجموع عدد الأسرى الذين أطلق سراحهم 52 أسيراً من أصل 104 أسير لم يشملهم أو تناساهم اتفاق اوسلو!
الشعب الفلسطيني استقبل هؤلاء الأسرى، الدفعة الثانية، وكان الرئيس محمود عباس في مقدمة مستقبليهم والاحتفال بتحررهم من الأسر في مقر المقاطعة في رام الله إذ أعلن أنه "لن يكون هناك أي حل أو اتفاق ما دام أسير واحد يقبع في السجن".
اطلاق سراح الدفعتين من الأسرى القدامى الذين قضوا أكثر من 20 عاماً في السجون الاسرائيلية يعتبر انجازاً، ولكن هذا الانجاز هو خطوة مهمة رغم صغرها، وهي بادرة أمل قوية في اطلاق سراح جميع الأسرى في السجون الاسرائيلية. واطلاق سراح هؤلاء اعاد ملف الأسرى الى الواجهة، وأكد أن سياسة الاعتقال ستنتهي حتماً، وسيفرج عن جميع أسرانا في المستقبل سواء شاء الجانب الاسرائيلي أم أبى ذلك.
ملاحظات حول الافراج
في الدفعتين المفرج عنهم، لم يشمل الافراج عن أي فلسطيني من أبناء القدس، أو عام 1948، وهذا لا يعني انه لن يتم الافراج عنهم، بل سيتم كما تم الاتفاق على ذلك، ولكن اسرائيل حاولت الاستفزاز ووضع أسماء الاسرى الذين سيفرج عنهم في هاتين الدفعتين لاظهار انها صاحبة القرار في اختيار أسماء من سيفرج عنهم في هذه الدفعات.
وحاولت اسرائيل الادعاء بأن الافراج عنهم كان بمثابة صفقة للعودة الى المفاوضات المباشرة، وهذا صحيح، ولكن الجانب الفلسطيني لم يقبل بتوسيع الاستيطان أو اقامة مستوطنات جديدة. وهذا الادعاء هدفه أولاً وأخيراً "التقليل" من أهمية هذا الانجاز الفلسطيني، وكذلك محاولة لارضاء اليمين الاسرائيلي بالقول أن الافراج عن هؤلاء تم مقابل ثمن ما.
وحاولت السلطات الاسرائيلية ايهام الرأي العام العالمي كله بأنها اتخذت قراراً أليماً وصعباً لصالح المسيرة السلمية، وانها معنية بتحقيق سلام في المنطقة.
ولكن الأكثر أهمية في الافراج عن هذه الدفعة من أسرانا القدامى هو أن ملف الاسرى عاد ليأخذ مكانته الطبيعية في الاهتمام والمتابعة بعد أن وضعته التحركات السياسية والأوضاع الاقليمية جانباً في السنوات الاخيرة.
واصبح هذا الملف من أهم القضايا التي تحتاج الى حل وفي أسرع وقت ممكن.. وتحتاج الى متابعتها يومياً من أجل التخفيف من معاناة هؤلاء الأسرى.
فرحة لن تكتمل
الفرحة بالافراج عن 26 أسيراً من الضفة والقطاع ورغم أهميتها لم ولن تكتمل كما قال المفرج عنهم، الأسرى المحررون، إلا بالافراج عن جميع أسرانا القابعين في سجون الاحتلال.
ومما أثر على أجواء الفرح بتحرير الاسرى، هو استشهاد الأسير حسن الترابي (23 عاماً) في مستشفى العفولة نتيجة اصابته بمرض عضال.. وهذا الاستشهاد ذكّر القيادة والعالم وكل معني بالامر بأن حسن الترابي هو الأسير رقم 205 الذي يستشهد داخل السجون الاسرائيلية منذ حزيران 1967، وان هناك وعلى الأقل 85 أسيراً يعانون من مرض السرطان، ولا يحصلون على الرعاية الطبية اللازمة، وان هناك المئات من الاسرى المرضى الذين يحتاجون الى عناية طبية فورية، وبصورة جادة، وهناك مطالبة بضرورة تشكيل لجان طبية فلسطينية ودولية للقيام بمعالجة أسرانا في السجون ما دامت اسرائيل تقدم الاعذار لتقاعسها في معالجة هؤلاء الاسرى المرضى، وكذلك فإن الافراج عن أسرى لا يبرر استمرار اسرائيل في مداهمة المناطق واعتقال أبناء شعبنا الفلسطيني وبالعشرات شهرياً وأسبوعياً وأحياناً يومياً!
سياسة القمع في السجون
لا بدّ أيضاً من الاشارة إلى أن سلطات الاحتلال ما زالت تمارس شتى أنواع اجراءات القمع ضد أسرانا في سجون الاحتلال من اقتحامات، ومن وضع أسرى في زنازين العزل، وفي محاولة مصادرة كل الانجازات التي حققت عبر نضالهم، وتهربها من الاتفاقات الموقعة مع اللجان في الاسر.
هذه السياسة لا بدّ من أن تتوقف، ولا بدّ من تخفيف معاناة الاسرى اليومية، ولا بدّ من اجبار اسرائيل على التعامل معهم كبشر... وأسرى حرب، وعليها الادراك بأن معاملتها القاسية لاسرانا ستنعكس سلباً عليها في المستقبل.
متابعة مستمرة
ملف الأسرى عاد ليحتل مكانته في اهتمامات قيادتنا وشعبنا، ولكن هذا الاهتمام يجب ان يبقى مستمراً ومتواصلاً على مدار الساعة، والا يكون موسمياً.. وكذلك على المؤسسات الحقوقية التي تعنى بقضايا الاسر وحقوق الانسان متابعة الملف باستمرار وعلى مدار الساعة، ومن دون أي تردد أو تلكؤ او تقصير لان ملف الاسرى من أهم الملفات. ولن يهدأ بال شعبنا إلا بالافراج الكامل عن جميع أسرانا العرب في سجون الاحتلال الاسرائيلي.