نسمع كل يوم عن حوادث اعتداء على المسيحيين في العديد من الدول العربية والاسلامية ، وتتمثل هذه الاعتداءات بحرق الكنائس أو تخريبها أو تفجيرها،واعتداء على الرموز الدينية وتكسيرها، اختطاف لرجال الدين أو قتلهم، وكذلك الاعتداء والقتل للمدنيين من المسيحيين. وكان أسوأها ، التفجير الذي استهدف مؤخراً كنيسة جميع القديسين التاريخية في مدينة بيشاور شمال غرب باكستان الذي أودى بحياة 78 شخصاً واصابة أكثر من 120 آخرين.
في مصر فقد تم الاعتداء على أكثر من 100 موقع مسيحى ما بين كنيسة أو مدرسة للراهبات أو ملجأ أطفال، وفي سورية قصف وحرق الكنائس بالجملة ، منابرها وصلبانها والكتب المقدسة وصور القديسين ، وفي العراق لم يسلم رجال الدين ولا الكنائس ولا المواطنين المسيحيين من الاعتداءات التي تسببت بتهجير المسيحيين منها خوفاً على حياتهم.. غل وحقد أعمى قلوبهم وعقولهم ، ولم تسلم حتى المساجد من الاعتداءات وبخاصة في حلب التي أحرق فيها الجامع الأموي الذي يزيد عمره عن 1300 سنة ، وكذلك قتل رجال الدين المسلمين كما فعلوا بالشيخ العلامة البوطي، وللأسف بأيدي من يدعون الاسلام، والاسلام منهم براء.
حوادث الاعتداء باتت تتسارع بشكل ملحوظ رغم كل النداءات لوقفها ، فما هي أسباب هذه الحملة الشعواء على المسيحيين في ظل صمت عربي ودولي تجاهها؟!
انها حملة، بل سياسة مبرمجة تستهدف، عدا عن ترحيل المسيحيين عن المنطقة العربية وبخاصة في سورية ومصر والعراق، وقد غادرها عدد كبير منهم بعد الهجمات الأصولية والسلفية والتكفيرية، فهي تستهدف أيضاً تأجيج الصراع في الشرق الأوسط للنيل من الوحدة الوطنية في العالم العربي بالذات، واثارة الفتن والخلافات وحتى الاقتتال ، وكل ذلك لتحقيق أهدافها في السيطرة عليها وعلى مقدراتها من خلال تقسيمها ورسم خارطة جديدة للشرق الأوسط، والدليل الأكبر على ذلك هو تغاضي أمريكا والدول الأوروبية بالذات عن هذه الاعتداءات، والتي بعضها تشترك في المؤامرة الخطيرة على دولنا العربية، بقيادة امريكا واسرائيل، من خلال تسليح العصابات التكفيرية بحجة تسليح المعارضة لتحقيق الديمقراطية المزعومة ، ورغم أن هذه الدول والمنظمات الدولية جميعها أقامت الدنيا ولم تقعدها عندما قامت حركة طالبان بهدم تمثال بوذا في أفغانستان والتهديد بتحطيم كل التماثيل الأثرية فيها قبل عشرة أعوام .
فما هذا التناقض الذي نستغربه، ونستغرب أكثر أن دولاً تدعي بانها مسيحية تقوم بمساعدة من يقومون بقتل وتشريد المسيحيين، وفي حرق الكنائس والمعابد وبيوت الله، فهل الديمقراطية المزعومة تتحقق بمثل هذه الأعمال البربرية الوحشية التي يندى لها الجبين.. وهل الديمقراطية تتحقق على مذبح الفتن واثارة الخلافات واثارة النعرات الطائفية والدينية .. وكيف يرضى أبناء الوطن الواحد أن يسمحوا بأن يكونوا مع آخرين أدوات لتنفيذ المخططات الجهنمية التي يقوم بها أعداء وطننا العربي.
بيوت الله يجب أن تكون في منأى عن كل الخلافات والاختلافات والاقتتال .. هذا ما يدعو اليه الدين الاسلامي السمح، والمسلم الحقيقي لا يرضى أبداً بأن يخالف تعاليم دينه، والقيام بمثل هذه الأعمال البربرية الوحشية. فكيف لهؤلاء المعتدين أن يدّعوا بأنهم مسلمون وهم يرتكبون أعمالهم الوحشية باسم الدين وباسم الله عز وجل، فهل الله تعالى يرضى عن مثل هذه الأمور.. ففي آية قرآنية جاء "والفتنة أكبر من القتل" فكيف اذا كانت فتنة واعتداءات واختطاف وحرق وتفجير وقتل..
ان الجهاد بحسب الدين الاسلامي لم يشرعه الله لقتل النفوس البريئة، والاعتداء على بيوت الله، وانما شرعه لاقامة الحق والعدل والاصلاح بين الناس.. فكيف وهم حتى لم يسلم أبناء دينهم ولا المساجد من اعتداءاتهم ، فالى أي حال وصل هؤلاء !! والى أي منحدر هم ينزلقون!! ولماذا ومن أجل ماذا؟! ماذا سيجنون من أعمالهم البربرية هذه؟! هل سيحققون بها الاصلاح والديمقراطية والحرية؟! بل أنهم للأسف وكما قلت سابقاً ينفذون مآرب ومخططات صهيونية أميركية اوروبية ستدمر وطننا العربي بأكمله.. وعدا أنهم سيلقى بهم في مزابل التاريخ، فان أسيادهم الذين يأمرونهم ويدفعون بهم الى ارتكاب مثل هذه الأعمال الوحشية سيتخلون عنهم عندما ينهون مهمتهم، تماماً كما فعلوا بغيرهم، والأمثلة كثيرة على ذلك، لأن من يرضى على نفسه بأن يخون شعبه ووطنه وقوميته ودينه من أجل مكاسب مادية أو حتى معنوية، فالخائن لن يؤتمن أبداً حتى من أسياده، لأنه كما خان نفسه بخيانته لوطنه ودينه، من السهل جداً أن يخونهم.