خبران نشرا في وسائل الاعلام العبرية يوم الخميس 12/1/2012 أكدا بشكل لا يدع مجالاً للشك بان اسرائيل لا تقيم أي اعتبار لحقوق الانسان، ولا تحترم أية أعراف وقوانين دولية تؤكد على وجوب احترام هذه الحقوق، وكل هدفها هو تحقيق دولة "اسرائيل الكبرى" .. دولة يهودية صرفة، ومن أراد أن يعيش فيها فعليه أن يعيش تحت رحمة قوانينها الظالمة والتي تطبق فقط على غير اليهودي ..
تحت عنوان "المحكمة العليا تقرر: مواطنو الدولة لا يمكنهم ان يعيشوا في إسرائيل مع أزواجهم من المناطق.." جاء في مقدمة الخبر ان " محكمة العدل العليا ردت بأغلبية 6 قضاة ضد 5، أربعة التماسات رفعت ضد تعديل قانون المواطنة والدخول الى إسرائيل. ويحظر تعديل القانون لم شمل العائلات بين زوجين أحدهما عربي مواطن إسرائيلي والآخر من سكان المناطق، الا في استثناءات ضيقة. وقد اقر تعديل القانون كحالة طوارئ لسنة في العام 2003 ومنذ ذلك الحين تم تمديده 12 مرة" . فما أكثرها من قوانين الطوارئ التي يطبقها الاحتلال متى يشاء وكيفما يشاء ليمس بحقوق المواطن الفلسطيني وبكرامته!! ..
ورغم أن خمسة قضاة عارضوا القرار متهمين إياه بأنه غير دستوري، كما قالت القاضية بينيش، ويمس بالحق في الحياة العائلية، وبالحق في المساواة كما قال القاضي عدنا أربيل، ومن شأنه أن يخلق مظهر " التصنيف العرقي" كما قالت القاضية استر حايوت، ولا يناسب قيم إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية كما قال القاضي ادموند ليفي، ويخرق التوازن المناسب بين احتياجات العموم وحقوق الفرد كما قال القاضي سليم جبران، إلا أن قضاة الأغلبية أخذوا حجة المس بأمن الدولة وسيلة لإقرار القانون الجائر كما جاء في القرار" في الوضع الحالي يعرض استقرار الفلسطينيين في نطاق اسرائيل للخطر سلامة العموم"وهذا يؤكد ان إسرائيل ليست الدولة الديمقراطية كما تدعي، وتحت حجة امن الدولة تعطي لنفسها الحق باتخاذ أي قرار، او إقرار أي قانون حتى وان تعلق ذلك بحق الفرد في العيش مع أسرته تحت سقف واحد كما هو الحال في أي مكان في العالم إلا هنا تحت حكم "اسرائيل". فمصطلح "أمن الدولة" هو الحجة التي تستخدمها القيادة الاسرائيلية أمام الرأي العام العالمي لتتخذ أي اجراء تريد ومتى تريد، وحتى الاعتداءات الوحشية بكافة أنواع الأسلحة وحتى المحرمة منها لتتستر خلف وهم حماية نفسها، ولتظهر بمظهر المظلوم الذي يدافع عن نفسه.
فأية قوانين في الدنيا تسمح بتشتيت أسرة مهما كانت الأسباب، بل وتعمم القانون على الجميع من دون استثناء. فلو ان إسرائيل تريد الحفاظ على أمنها كما تدعي فهي كانت ستطبق هذا القرار فقط على حالات فردية وليس بشكل جماعي ضاربة عرض الحائط بكل القيم والمواثيق الإنسانية. ورغم النداءات والطعن بهذه القرار من قبل بعض مؤسسات حقوق الإنسان إلا أنها رفضت الالتماسات ضد تعديل القانون لتستمر في غيّها، وفي إجراءاتها التعسفية وسياسة التطهير العرقي ضد كل من هو غير يهودي. ان اسرائيل تهدف من وراء الاستمرار في تطبيق هذا القرار، وبخاصة على مواطني القدس، هو خوفها من تغيير الميزان الديمغرافي لصالح العرب ولتفريغ المدينة من أبنائها كوسيلة من وسائل تهويدها الذي تسعى إليه جاهدة منذ أول يوم احتلال للمدينة المقدسة..
أما الخبر الثاني الذي تناقلته وسائل الإعلام الإسرائيلية ومنها "إسرائيل اليوم" وتحت عنوان "لأول مرة منذ عقد: جنود بالبزات في الحرم.." جاء في الخبر " زار هذا الأسبوع جنود بالبزات العسكرية الحرم. وذلك بعد أن كان الأمر محظورا منذ بداية الانتفاضة الثانية.. عشرة جنود من لواء المظليين سمح لهم بالحجيج يوم الأحد الى الحرم، المكان المقدس للشعب اليهودي، يرافقهم قائد وحدة الأماكن المقدسة، المقدم شرطة آفي بيتون". هذا الخبر أيضا يؤكد عدم احترام إسرائيل للمشاعر الدينية التي هي حق من أهم حقوق الإنسان ، بل وهو إصرار على الاعتداء على المقدسات والمس بمشاعر المقدسيين، فالسماح بزيارة مثل هذه، ولجنود ببزاتهم العسكرية تشكل سابقة خطيرة تستهدف المس بالمقدسات والاستيلاء عليها وبخاصة- وهو الأمر الأخطر- ادعاءهم بأن الحرم هو المكان المقدس للشعب اليهودي، وهم يؤكدون يوماً بعد يوم إصرارهم على محو هذا المعلم الديني التاريخي من الوجود لينصب مكانه ما يسمونه "الهيكل المقدس"، والذي أحضروا مجسماً له ووضعوه بالقرب من الحرم القدسي الشريف لاستفزاز المقدسيين، وللتلميح لهم بأن هذا الهيكل سيتم بناؤه في أية لحظة على أنقاض الحرم.. والدليل على ذلك نشرهم لصور وخرائط وقد استبدل الحرم القدسي الشريف بالهيكل المزعوم.
ما يجري في القدس يثير ألف سؤال وسؤال، ورغم ان الاجابات معروفة والهدف الذي ينشده الاحتلال معروف، ولكن فما زالت الآذان تُصَم والعيون تتعامى عما يجري.. وان كان أصدقاء الاحتلال مثل أمريكا وبعض الدول الغربية يفعلون ذلك مسايرة لاسرائيل ، الا اننا نستغرب من الموقف العربي تجاه ما يحدث في القدس ومقدساتها، فلماذا لا تهرع جامعة الدول العربية لعقد قمة عربية من أجل القدس؟! واذا قالت انها تريد عقدها، فالاجراءات للم شمل الزعماء العرب تستغرق وقتاً طويلاً ، بينما تعقد القمة العربية فوراً من أجل اتخاذ اجراءات بحق دولة عربية شقيقة مثلما فعلوا مع سورية، رغم انني أتحدى بأن تكون أي من الأنظمة العربية التي تدعي دفاعها عن حقوق الانسان والديمقراطية تطبق ولو نسبة بسيطة منها.. سؤال برسم الاجابة...