تتبجح اسرائيل باستمرار أمام العالم بأنها دولة ديمقراطية تضمن حقوق الجميع بمن فيهم غير اليهود، ففي موقع التواصل التابع لوزارة الخارجية الاسرائيلية جاء في مقال تحت عنوان "أسئلة كثيرًا ما تطرح: إسرائيل والنزاع العربي الإسرائيلي والسلام" ونشر في تشرين الثاني 2007 هذا النص:
"ولأن إسرائيل تعرف نفسها كدولة ديمقراطية، فإنها تضمن حقوق جميع مواطنيها غير اليهود، تعيش في دولة إسرائيل أقلية عربية كبيرة، تشكل 20% تقريبًا من سكانها. ويتمتع السكان العرب في إسرائيل بالحقوق المدنية والسياسية الكاملة، بما فيها حرية التعبير، والدين، والعبادة... وبالإضافة إلى اللغة العبرية تعتبر اللغة العربية لغة رسمية في الدولة" .
ما سأركز عليه في هذا المقال هو موضوع اللغة العربية التي تدعي اسرائيل بأنها لغة رسمية ، فهذا الادعاء هو للاستهلاك فقط، ولاظهار ديمقراطيتها المزعومة أمام العالم، أما على أرض الواقع، فالفلسطيني وبخاصة في مدينة القدس مجبر على التعامل اليومي باللغة العبرية من قبل المؤسسات الاسرائيلية وبخاصة الرسمية منها..
ربما تأتي بعض الأوراق، وبخاصة عندما يتعلق الأمر بالدفع مثل ضريبة البلدية، فأنه يضاف اليها اللغة العربية مع اللغة العبرية، ولكن التفاصيل والحسابات وما الى ذلك فجميعها باللغة العبرية.. عندما تريد عمل موعد مع طبيب فالعديد من السكرتيرات في المراكز الطبية هن من اليهود الروس واللواتي لا يعرفن حتى اللغة الانكليزية، وبالتالي تجد صعوبة في التواصل ما بينها وبين المريض وحدوث أخطاء في المواعيد ومشاكل و...
عندما تذهب لتغيير هاتفك النقال أو لشراء جهاز جديد من إحدى الشركات المعروفة كبيليفون أو سيليكوم أو اورانج، جميع الاعلانات التي تبث في المقر باللغة العبرية ، والتعليمات أيضاً بالعبرية ، واذا حالفك الحظ ووجدت موظفاً عربياً فان الأوراق التي ستوقعها كلها بالعبرية، وبالتالي عليك إما إحضار من يتقن اللغة العبرية ليقرأ ما يوجد في الأوراق أو ستوقعها وأنت تظن بأنها أوراق روتينية ، لتفاجأ فيما بعد بأن ما اتفقت عليه مع موظف الشركة هو شيء، وما وقعت عليه هو شيء آخر، والأنكى من كل هذا وذاك ما قام به الموظف العربي الذي اعتمدت عليه ووثقت بأنه لن يغشك كونه من بني جلدتك، أن يقوم هذا الموظف بخداعك وتوقيعك على استلام أجهزة لم تستلمها ليقوم ببيعها معتمداً على ان الفاتورة أيضاً باللغة العبرية، وبما انك لا تفهم العبرية فانك لن تلاحظ ما قام به من عملية سرقة..
تذهب الى المستشفى لإجراء عملية جراحية، كل الاجراءات باللغة العبرية، وطبعاً قبل العملية يتم توقيعك على ورقة ، يقولون لك انها روتينية فتوقع عليها، والأمر نفسه عندما تقوم بعمل فحص الصورة الطبقية التي تستلزم تناولك لدواء معين ربما له تأثيرات جانبية عليك ، فتجد نفسك مجبراً على توقيع تلك الأوراق وأنت لا تعلم ما هو مضمونها، وكذلك فان جميع التعليمات التي ترافق أي فحص كان فانها باللغة العبرية.
حسابك في البنوك الاسرائيلية، عندما تطلب كشفاً بحسابك فانه أيضاً باللغة العبرية ، وبعض البنوك التي تستطيع من خلال مواقعها استخراج كشف بحسابك بالانجليزية تفاجأ بأنه لا توجد به التفاصيل الكاملة، والتفاصيل فقط موجودة بالكشف العبري الذي لن تفهم منه شيئاً اذا لم تكن تعرف اللغة العبرية. والحال نفسه في مواقع رسمية كثيرة، فالواجهة العربية لا تحتوي الا على معلومات عامة وأما التفصيلية فكلها باللغة العبرية .
كل شيء يشير الى أن اللغة العربية ليست لغة رسمية ، بل ونجد بأن اللغة الروسية أصبحت رسمية أكثر من العربية. ورغم ذلك فقد طرح النائب آفي ديختر، من حزب "كديما" مؤخراً على الكنيست، وبالتعاون مع "المركز للإستراتيجية الصهيونية"، مشروع قانون لإلغاء اللغة العربية كلغة رسمية في "إسرائيل"، ويطالب بإخضاع النظام الديمقراطي في "إسرائيل" لـ "الهوية اليهودية". ورئاسة الكنيست صادقت على طرح مشروع القانون على الهيئة العامة للقراءة الأولى بناءً على رأي قانوني من المستشار القضائي للكنيست ايال ينون بأن مشروع القانون المثير للجدل "ليس عنصريًا ولا يتعارض وتعريف إسرائيل "دولة ديموقراطية". وزاد أنه ينبغي على الأقلية العربية وغيرها من الأقليات داخل إسرائيل "أن تدرك حقيقة أن إسرائيل دولة يهودية"!!
هذه هي اسرائيل، وهذه هي ديمقراطيتها المزعومة!! بل هذه هي عنصريتها التي تثبتها كل يوم في تعاملها مع الفلسطينيين ابتداء بعرب الداخل وانتهاء بمواطني القدس. يريدون شطب الهوية الفلسطينية والتراث الفلسطيني، بل وحتى يريدون أسرلة الفلسطينيين .. يتبعون مقولة " هذا هو الوضع واللي عاجبه عاجبه واللي مش عاجبه لا نريده" أي بمعنى اما أن تصبحوا اسرائيليين قلباً وقالباً أو مع السلامة .. ولا يستبعد أيضاً أن يطلب من الفلسطينيين اعتناق اليهودية ان أرادوا البقاء على أرض فلسطين، بل هذا ما يريدونه عندما يطالبون بإخضاع النظام الديمقراطي في "إسرائيل" لـ "الهوية اليهودية"..
ان لغتنا العربية في خطر كما هو شعبنا في خطر وقدسنا في خطر .. خطر التهويد والترحيل لابنائها ولأخوتنا عرب الداخل بكل وسيلة كانت ، كل يوم بدعة جديدة، واجراءات عديدة تهدف الى طمس وجودنا وترحيلنا من وطننا.. هذه هي سياستهم وهذا ما يريدونه، فكيف سنرد عليهم وكيف سنمنع تهويدنا؟!!
وللحديث بقية...