18/5/2011- خان يونس - البيادر السياسي:
نظمت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في مدينة خان يونس أمس الثلاثاء مهرجاناً تأبينياً لعضو لجنتها المركزية د.فيصل خلف الله، والذي رحل عنا يوم الأحد الماضي، اثر مرض عضال ألم به، بعد حياة حافلة بالعطاء والنضال.
وحضر المهرجان عدد كبير من قادة وكوادر وأصدقاء الجبهة الشعبية، وممثلي القوى الوطنية والإسلامية والمؤسسات الأهلية والمجتمعية والجامعات، وعائلة الفقيد.
وافتتح الرفيق خليل شراب المهرجان بالسلام الوطني الفلسطيني، والوقوف دقيقة صمت حداداً على روح الرفيق القائد، وكل شهداء شعبنا وعبر قائلاً "قبل ايام فقد شعبنا أحد فرسانه ومقاتليه الاشداء , ذلك القائد الذي افنى حياته في صفوف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين , رافعاً لواء الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية ".
وأشاد عضو اللجنة المركزية الفرعية للجبهة الشعبية الرفيق عبد الرؤوف الفرا في كلمة الجبهة الشعبية بمناقب الراحل، لافتاً أنه كان قائداً أعطى وطنه وشعبه أكثر من 31 عاماً من النضال، عرف عنه صدق انتماءه الوطني والحزبي وسريته العالية حيث كان يوازي بين تعليمه الجامعي جنباً إلى جنب مع نضاله في الجبهة الشعبية.
واستعرض الفرا أبرز المحطات الرئيسية في حياة الدكتور الراحل وتجربته، مشيراً أن النكبة ومن ثم النكسة أثرت أثراً كبيراً في حياته، مشيراً أنه في صغره كان يقوم بعملية استكشاف الطريق لمجموعات الجبهة الشعبية الأولى، ومن ثم التحاقه بالدراسة بتركيا عام 1980، وانتماءه للمنظمة السرية لها عام 1981، وكان من أوائل الملتحقين بمعسكرات الجبهة في لبنان في الاجتياح الإسرائيلي عام 1982، لتأدية واجبه الوطني باتجاه شعبه، فكان مقاتلاً عنيداً في مخيمات المية المية والبداوي وصبرا وشاتيلا.
وقال الفرا: " وبعد رحيل الثورة الفلسطينية من بيروت بعد حصار دام ما يقارب 90 يوماً عاد الدكتور القائد ليكمل مشواره الدراسي، ويوماً بعد يوماً يزداد ايمانا وقناع بعدالة قضيته وافكار حزبه التقدمية التحررية، متمتعاً بنشاط ثوري وحيوية عالية وسرية مطلقة في تنفيذ المهام التنظيمية والنضالية، ولم يتوانَ لحظة في تأدية مهامه على أكمل وجه عندما وقع عليه الاختيار ليكون أحد أعضاء الوحدة الخاصة التابعة للجهاز العسكري للجبهة، وخضوعه لعدد من الدورات العسكرية والأمنية المتنوعة، وتنفيذه المهام التي حددت بكل دقة وجراءة في ساحات متعددة من أوروبا".
وأضاف الفرا أن الدكتور الراحل استطاع أن يتقن العمل السري بالامتياز، واصل تعليمه الجامعية حتى حصوله على شهادة في الاقتصاد من جامعة أسطنبول، عاد بعدها إلى ارض الوطن، ولم يبحث عن رفاهية هنا وهناك، بل عن وطن تم سلبه وكيفية استرداه، فلم ينتظر طويلا حتى انخرط في صفوف الجبهة، وتولى مسئولية المنظمة الحزبية في غزة الغربية، وتدرج في المواقع التنظيمية في الجبهة وكان عضواً في اللجنة المركزية لفرع غزة وعضويته في اللجان المتخصصة منها الثقافية والاقتصادية، حيث شهد له بالالتزام والانضباط العالي إلى جانب ذلك مارس عمله الأكاديمي والأسري باقتدار.
وأكد الفرا أنه كان يغلب العمل الوطني على حياته الخاصة، وكان دائماً ميدانياً يتابع ويحفز ويقود إلى أن صرعه المرض.
وقال الفرا: " عزاءنا أن شعبنا العربي والفلسطيني جاء في يوم وداعك واستقبلك بانتفاضة على الحدود في الذكرى الثالثة والستين للنكبة، وسالت الدماء العزيزة عل ارض فلسطين ومحيطها العربي لتقول لك ونحن نودعك أننا سنشفى قريبا من جراح النكبة التي أدمتنا".
وتوجه الفرا في كلمته بالتحية للشهداء والجرحى الذين سقطوا يوم احياء ذكرى النكبة في سبيل التحرر الوطني، وكل أسرى وأسيرات شعبنا وفي مقدمتهم الرفيق الأمين العام أحمد سعدات ولكل من شارك واجب العزاء في القائد الدكتور فيصل خلف الله.
وفي ختام كلمته عاهد الفرا روح القائد الدكتور أن تبقى الجبهة وفيه له وللشهداء والوطن، وأمينة على الخط الفكري والسياسي والنضالي الذي انتمى إليه حتى يتحقق لنا الحلم بتحرير ارض فلسطين كل فلسطين من البحر إلى النهر واقامة الدولة الديمقراطية على ترابنا الوطني.
من جانبه، أكد الدكتور محمود خلف الله في كلمة ذوي الراحل أن القائد الدكتور كان رجلاً عالماً فاعلاً صادقاً جمع في شخصيته الثورة في كل معانيها ، ثورة العلم والقلم والسلاح، شهدناه ثائرا بقلمه فكان عالما عبقرياً شهدت له مجالس العلم بذلك، وكان ثائراً وفارسا وقد شهدت ميادين النضال بذلك.
وأشار الدكتور خلف الله أن الراحل أشعل في الشباب جدوة الطموح والنجاح، كان ودوداً بلا حدود يشارك الجميع أفراحهم وأحزانهم، رحيماً بلا قيود، والكل يشهد بذلك حيث أن دمعته كانت تسبق ملامح وجهة إذا اراد أن يشارك أحدهم همه، يبكي حباً وعطفاً، كان فيلسوفاً له رؤيته الثاقبة وفكره المستنير يعرف له وما عليه، متواصل المشاعر، تجده في بعض الاحيان جدياً بلا حدود، وتجده أحياناً أكثر صاحب نكتة ودعابة وفكاهة، ولعل هذه السمات في شخصية القائد أهلته لأن يكون موفقاً في دراسته، وما صقل شخصيته الوطنية ما كان يسمع من صغره من قصص النكبة والنكسة وما شهد بام عينه مما مارسه الاحتلال على أرضنا .
واستذكر خلف الله موقفاً للدكتور الراحل عندما شنت دولة الاحتلال الحرب على غزة، وعرضت الجهات التركية المختصة على الفقيد تأمين له طريق العودة إلى تركيا بأبنائه وبناته على اعتبار أنهم يحملون الجنسية التركية، ورفضه ذلك وقولهم لهم أنه وزوجته وابنائه فلسطينيو الجنسية ولن يغادر هذا الوطن ولن يترك ابناء شعبه إلا أن تراق روحه.
من جهته، قال الدكتور سمير المدلل رئيس قسم الاقتصاد في جامعة الأزهر في كلمة الجامعة، أنه من أصعب هذه اللحظات تأبين رجل اجتمعت فيه صفات الدكتور الجامعية ونقاء المناضل، اجتماعي العلاقات، جاء رحيله مفاجئاً دون سابق انذار في ذكرى النكبة لتكون ذكراك محفورة في الذاكرة".
وأكد المدلل أن الدكتور فيصل اندمجت حياته مع مسيرة النضال والكفاح الاسطوري لشعب واجه التضحيات بالمقاومة فكان من صناع مسيرة الانبعاث الفلسطينية الصاعدة نحو الشمس والحرية، مناضلاً في صفوف الجبهة مؤمناَ بحقوق شعبنا بالعودة والاستقلال.
ولفت إلى أنه كان نموذجاَ في الاستقامة والنظافة والروح المبدئية ومثالاً للفكر والثقافة، مثّل فقدانه خسارة للعائلة ولأصدقائه وزملائه ورفاقه في العمل والجبهة الشعبية.
وختم كلمته قائلاً: " عزائنا رفيقي الرحل بالأجيال التي تربت وبالجموع الحاشدة التي حضرت جنازتك المهيبة.. العزاء لرفاقك والوفاء بالنضال والسير على دربك حتى الحرية والاستقلال والمناضلين والشهداء ".