الوضع الفلسطيني الداخلي سيء جداً، ولا يبشر بالخير، ولا بمستقبل جيد نسعى اليه، لان هناك العديد من الاحداث تعطي مشهداً قاتماً عن أحوالنا.. ومن هذه الوقائع المؤسفة:-
· قيام عضو في المجلس التشريعي باللجوء الى مبنى المجلس التشريعي للاحتماء به، والتهرب من امر اعتقال اصدره النائب العام بحقها. وتقوم ضجة كبيرة حول حصانة "البرلماني" في الدولة الفلسطينية الآتية، وفي السلطة الوطنية الحالية!
· مسؤول كبير في نقابة الموظفين العامين، بسام زكارنة، يختفي عن أهله وبيته، بعد ان استدعي للتحقيق معه كما قالت واعلنت زوجته. ولا علم لاحد من المسؤولين حول هذا الاختفاء!
· ضابط في الأجهزة الأمنية، وهو أسير محرر، يتم اطلاق النار عليه واغتياله اثناء توجهه نحو منزله في احدى قرى محافظة جنين، والفاعلون مجهولون.
· اغتيال الاسير المطلوب لاسرائيل عمر النايف وهو داخل السفارة الفلسطينية في بلغاريا، وقيام مجهولين بتصفيته بعد انتهاك سيادة وحصانة السفارة!
· الحجز على اموال مؤسسة "فلسطين الغد" التي يرأس مجلس ادارتها رئيس الوزراء السابق سلام فياض، بحجة تبييض اموال محوّلة من الهلال الاحمر الاماراتي، والتحقيق حول المؤسسة والتدقيق في اوراقها مما ادى ذلك، ورغم براءتها، الى شل خدماتها الكبيرة للعديد من المؤسسات في الوطن.
هذه الأحداث هي اضافة الى ما تتناقله وسائل اعلام حركتي "فتح" و"حماس" من اتهامات متبادلة حول اعتقالات سياسية واستجوابات سواء في الضفة أو القطاع.
هذه الاحداث تشكل مشهدا فلسطينياً مأساوياً لابناء شعبنا، فهل نحن ناضلنا من اجل ان تكون لنا سلطة وطنية بدلا من ان تحمينا نجدها تحمي نفسها، وبحاجة الى من يحميها.
هذا المشهد يتحدث عنه الكثيرون، ويتمنون بألا يروه مستقبلاً.. والغريب ان أي حدث بحاجة الى تدخل الرئيس عباس اما لتصويبه أو الغائه.
اذا كان هناك انعدام لافق سياسي لتحريك المسيرة السلمية، فهل هذا يعني الا نهتم بأنفسنا وبوضعنا الداخلي.
في الانتخابات التشريعية الاخيرة لم تحصل الفصائل الفلسطينية المستقلة واليسارية على اقل من عشرة مقاعد من المجلس التشريعي من اصل 132 مقعدا، وهذا يعني ان شعبية هذه الفصائل في وضع سيء جدا.. وان هناك عدم رضى على ادائها.
الوضع بحاجة الى تصويب، بحاجة ماسة الى معالجة، بحاجة الى منع وقوع احداث تعبر عن ظلم واستبداد، أو تعبر عن عدم استقرار في مناطقنا الفلسطينية، وهذا ما تريده اسرائيل للادعاء باننا لا نستحق دولة، لان عدم الاستقرار يحدث فلتانا أمنياً مما يهدد الامن القومي الاسرائيلي، ولذلك فهي ترفض فكرة الانسحاب من أراضينا بسبب هذا الادعاء أو العذر!
نقرأ في وسائل اعلامنا المحلية عن مناشدات للرئيس محمود عباس من اجل تحقيق عدالة لهذا الشخص او ذاك.. وهذا يعني أننا من دون الرئيس سنعيش في وضع اجتماعي سيء، وانه لولا وجوده لكنا في وضع اكثر مأساوياً وحالكاً!
ومن أجل تصويب الوضع لا بد من اجراءات فعالة، ومن اهمها احترام القانون، وان يكون هذا سيدا يحترمه الجميع من اعلى الهرم الى ادناه.. وكذلك يجب الا تكون اجراءات السلطة انتقامية بحق هذا الشخص او ذاك، ويجب ان نشعر جميعنا اننا نعيش في امان وطمأنينة، وان الجميع تحت القانون وليس هناك مواطن واحد فوق القانون..
هذه المشاهد يستغلها اعداؤنا لينقلوا تقارير وصور سيئة ومشوهة عن قيمنا واحوالنا وعيشنا. فهل نبقى في هذا الوضع، ونوفر لاعدائنا هذه الصور السيئة عنا!
لا بدّ من التغيير، وهذا لا يتم الا عبر تغيير الفكر، والى ضخ دماء جديدة لفصائلنا جميعا، اذ ان هناك قيادات ما زالت تحكم وترسم رغم كبر سنها، ورغم فشلها في الحصول على شعبية لهذا الفصيل او ذاك.
لقد ملّ شعبنا من الوضع الحالي السيء، وهو بحاجة الى تغيير شامل وكبير.. وما نقوله ليس موجها ضد احد، بل هو موجه ضد ما نعانيه لاننا نريد التخلص منه.. نريد ان ينتهي الانقسام، ونريد أن نرى وحدة وطنية حقيقية وجادة، وأن نرى خطة مقاومة او نضال موحدة، ولا نريد ان نرى حملات اعلامية متبادلة لانها جارحة جدا ومؤذية للشعب الفلسطيني برمته.
متى يتم تصويب هذا الوضع؟ ومتى ننعم بالاستقرار الاجتماعي؟ صحيح ان الاحتلال يسبب لنا معاناة كبيرة، ولكن لا بدّ من تخفيف هذه المعاناة من خلال وحدتنا، ومن خلال تخلصنا من صور واحداث ومشاهد سيئة ومقلقة ومرفوضة، لا تبشر بمستقبل مشرق!