القوى المناهضة للتطبيع تزداد شعبية
العاهل الأردني رفض لقاء مسؤولين اسرائيليين
ويحمّل اسرائيل مسؤولية فشل المسيرة السلمية
أبدت اسرائيل قلقاً كبيراً نتيجة فتور العلاقة مع الاردن في الآونة الأخيرة، إذ حاولت عبر مسئولين عديدين، وخاصة عبر سفارتها، الاعراب عن هذا القلق للمسؤولين الأردنيين والعمل على وضع حد لهذا الفتور، إلا أن المسؤولين الاردنيين لا يصغون إلى ما يقوله الاسرائيليون، ويغضون الطرف عن كثير من الطلبات والشكاوى والاتصالات.
تعاظم مناهضة التطبيع
مصادر اسرائيلية قالت أن قوى مناهضة التطبيع في المملكة الاردنية تزداد قوة وشعبية في الآونة الأخيرة. وذكرت هذه المصادر أن شركة التأمين التي توفر بوالص تأمين لسيارات السفارة ولسنوات طوال قد أبلغت السفارة الاسرائيلية أنها لا ترغب في تجديد هذه البوالص الآن، وعلى السفارة ايجاد شركة تأمين أخرى.. وادعت هذه المصادر أن موقف الشركة هذا جاء تلبية وتجاوباً لمطلب القوى المناهضة للتطبيع مع اسرائيل.
وقالت المصادر الاسرائيلية أن حجم تصدير المنتوج الزراعي من اسرائيل إلى الأردن قد انخفض منذ أوائل العام الحالي بنسبة تتراوح ما بين 25 – 30 بالمائة، وهذا يعود الى عاملين: الأول: رفض الناس ابتياع المنتجات الاسرائيلية، والثاني أن التجار أنفسهم أصبحوا غير متشجعين على الاستيراد من اسرائيل. كما ان التصدير من الأردن إلى اسرائيل قد انخفض أيضاً وخاصة في مجال الزيتون.
وتقول المصادر الاسرائيلية أن القوى المناهضة للتطبيع تلقى آذاناً صاغية من أبناء الشعب الأردني، ويتجاوبون مع رغباتها، كما ان الحكومة الاردنية ذاتها تعطي الضوء الأخضر لهذه القوى بالعمل الحر وممارسة نشاطاتها من دون أي قيد، وان الحكومة الاردنية نفسها هي أول مقاطعة للسياسة الاسرائيلية.
موقف الملك عبد الله حازم جداً
العاهل الأردني الملك عبد الله بن الحسين حازم في موقفه تجاه اسرائيل إذ أنه رفض الاجابة على مكالمات هاتفية عديدة لرئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتنياهو، ورفض رفضاً قاطعاً استقبال نتنياهو أو أي من أعضاء الحكومة اليمينيين، وحتى أنه لم يسمح لهم بزيارة الأردن في الفترة الأخيرة.. والموقف الحازم نابع من عدة عوامل أساسية هي:
· إستمرار سياسة تهويد المدينة المقدسة بشتى الطرق والوسائل، والتحدي الاسرائيلي لموقف الأردن وموقف المجتمع الدولي من ذلك.
· استمرار سياسة مضايقة أبناء المدينة المقدسة، وكذلك تقييد حرية العبادة بالإضافة الى الاعتداءات المتكررة على المقدسات المسيحية والاسلامية على حد سواء.
· استمرار سياسة الاستيطان إذ تواصل الحكومة الاسرائيلية اقرار خطط لبناء آلاف الوحدات السكنية على أراضي القدس العربية.
· تواصل البناء الاستيطاني وبوتيرة سريعة في العديد من مناطق الضفة.
· شروط نتنياهو "التعجيزية" للعودة الى طاولة المفاوضات ومنها الاعتراف الفلسطيني المسبق بيهودية الدولة، وكذلك افشاله لكل المبادرات للعودة الى طاولة المفاوضات.
التحذير من التغاضي
عن القدس وحق العودة
خلال لقاءاته واجتماعاته مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس يصر العاهل الاردني الملك عبد الله على ضرورة عدم التغاضي عن موضوعين أساسيين، وعدم اظهار أي ليونة أو تخاذل تجاههما وهما: موضوع القدس إذ أنها يجب أن تكون جزءاً من الاراضي العربية المحتلة في حزيران 1967 ولا حل من دون تحريرها.. وهنا يوضح العاهل الاردني أن القدس ليست الأحياء العربية، بل البلدة القديمة وما هو داخل اسوار المدينة.
أما الموضوع الثاني فهو حق العودة الذي يجب التمسك به وعدم التنازل عنه.. وأصر العاهل الأردني على الرئيس عباس أن يتضمن مشروع قرار الاعتراف بالدولة الفلسطينية على ذكر هذين الموضوعين، وعدم تجاهلهما في النص.
وهناك تنسيق أردني فلسطيني متين للتعامل مع الوضع الحالي، وهذا التنسيق يشجع القيادة الفلسطينية على عدم الرضوخ للضغوطات الممارسة عليها، ومواصلة التمسك بالثوابت الفلسطينية.
ويعمل الأردن على مساعدة القيادة الفلسطينية بشتى الميادين، إذ أنه معني أكثر من أية دولة عربية في اقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس، لأن قيام مثل هذه الدولة يزيل الى حد كبير شبح الدولة البديلة أو الخيار الأردني إذ أن الاردن يرفض رفضاً كاملاً أن يتم حل القضية الفلسطينية على حساب الاردن، وهذا يرفضه أيضاً الفلسطينيون، إذ أن الحل يجب أن يكون وفقط على الأرض الفلسطينية.
الأصوات اليمينية الاسرائيلية
المعادية للأردن
ولا شك أن الأردن يراقب عن كثب تصاعد قوة اليمين الاسرائيلي، وأصوات أعضائه التي تنادي بأن يكون الحل للقضية الفلسطينية على حساب الأردن. وقد عقدت ندوات ومؤتمرات ولقاءات بهذا الخصوص، والغريب أن رئيس وزراء اسرائيل لم يدن هذه التصريحات المناوئة للاردن، وغض الطرف عنها، مما يجعل الأردن حذراً من تعامله مع هذه الحكومة اليمينية المعادية للسلام، والتي لا تحترم أيضاً اتفاقيات السلم الموقعة مع الأردن والفلسطينيين على حد سواء، لذلك لا بد أن يكون رد الاردن حازماً وحاسماً وقوياً، وهذا ما يفعله الملك عبد الله إذ أنه لا يتهاون مع مثل هذه المواقف اليمينية، وسيعمل على التصدي لها ولكل سياسة اسرائيلية تعبث بالاستقرار، وتفشل كل جهد مبذول لاحياء المسيرة السلمية.
الموقف الاسرائيلي المتطرف هو الذي يقف وراء تعاظم دور المؤسسات المناهضة للتطبيع.. واذا واصلت اسرائيل سياستها ولم تأبه لكل ما تحذر منه فإن العلاقات معها ستزداد توتراً في الاشهر القليلة القادمة، لأن الأردن لن يغض الطرف عن هذه الممارسات ويعتبر الجمود السياسي عاملاً رئيسياً من عوامل عدم استقرار في المنطقة.