أريحا- إختتم مركز السبيل مؤتمره الثالث لرُعاة الكنائس والذي تواصل لمدة ثلاثة أيام في مدينة أريحا وشارك فيه أكثر من سبعين راعي كنيسة من مختلف الأراضي المقدسة بحضور ممُيز للعديد من رؤساء الكنائس والأساقفة. وجاء المؤتمر تحت شعار " الراعي أمام التحديات المعاصرة " وجاء التركيز اليوم الأربعاء على وثيقة "وقفة حق" التي أطلقها مجموعة من رجال الدين المسيحيين وعدد من العلمانين. " هذه الوثيقة هي كلمة الفلسطينيّين المسيحييّن للعالم حول ما يجري في فلسطين. هي وثيقة كتبت في هذه اللحظة الزمنيّة التي نريد أن نرى فيها تجلّّي نعمة الله في هذه الأرض المقدسة وفي المعاناة التي نمرّ بها. وبهذه الروح تطالب الوثيقة المجتمع الدولي بوقفة حقّ تجاه ما يواجهه الشعب الفلسطينيّ من ظلم وتشريد ومعاناة وتمييز عنصريّ واضح منذ أكثر من ستة عقود. وهي معاناة مستمرّة تمرّ تحت سمع وبصر المجتمع الدوليّ الصامت والخجول في نقده للاحتلال. كلمتنا هي صرخة رجاء وأمل مغلّفة بمحبّة صادقة مقرونة بصلاتنا وإيماننا بالله نوجّهها إلى أنفسنا أوّلا وإلى كلّ الكنائس والمسيحيّين في العالم نطالبهم بها بالوقوف ضد الظلم والتمييز العنصري ونحضّهم على العمل من أجل السلام العادل في منطقتنا داعين إيّاهم إلى إعادة النظر في أيّ لاهوت يبرّر الجرائم المرتكبة ضد شعبنا ويبرّر قتله وطرده من وطنه وسرقة أرضه".
وبعد ذلك أقيمت المحاضرة الختامية للمؤتمر ضمت كل من الأب جمال خضر والمطران عطاالله حنا والقس متري الراهب والذين أشاروا إلى ضرورة الانطلاق نحو العقد الجديد في روح مسكونية، عبر وضع مخططات دقيقة لاستمرارية خدمة الكنائس في الأراضي المقدسة.
وفي الأمس حمل المؤتمر شعار " الحوار المسيحي الإسلامي "وشارك في هذا اليوم أكثر من 40 شيخ من منطقة الضفة الغربية ورحب القس د. نعيم عتيق بالمُشاركين في المؤتمر وأشار إلى الهدف الرئيس من البرنامج ألا وهو " أن نلتقي ونتعارف، فالتعارف يقودنا إلى التفاهم، والتفاهم يقودنا إلى الإحترام- احترام الآخر. والإحترام يقودنا إلى قبول الآخر. وقبول الآخر يقودنا إلى الخدمة معاً. إذن الهدف هو الخدمة- خدمة شعبنا وبلدنا – خدمة إخوتنا الفقراء والمعوزين- خدمة إخوتنا المظلومين- خدمة العدل والحق، البِر والإستقامة، الأمانة والصدق، خدمة السلام والأمان".
تلاها كلمة ترحيب من مفتي الديار الفلسطينية سماحة الشيخ د. محمد حسين الذي شدد على أن مشكلتنا ليست دينية بل الاحتلال بحد ذاته، بالإضافة لذلك رحب كل من غبطة البطريرك ميشيل صباح وسماحة قاضي القضاة الشيخ تيسير التميمي مؤكدين على واجب رؤساء الدين المسيحيين والمسلمين بتحويل الأرض إلى أرض مودة، لإزالة أي توتر في الشارع الفلسطيني.
وتحت عنوان " مسؤوليتنا كفلسطينيين نحو العيش المشترك المسيحي الإسلامي " قدم الأب د. رفيق خوري راعي كنيسة اللاتين في بيرزيت كلمته بالإشارة إلى " أهمية العيش المشترك في المجتمع الفلسطيني فهو تراث الشعب الفلسطيني ويشكل جانب ثقافي أساسي لوجوده. وبالتالي لا يجب ان نتغنى بهذا التراث إنما علينا المحافظة عليه وتطويره وتعزيزه كي يصبح ثقافة فلسطينية راسخة. فمسؤولية راعي الكنيسة التشديد على العيش المشترك عبر إيصال الرسالة الإنسانية والإجتماعية والمحبة، وبتعليم ذلك في كلياتنا ومعاهدنا ومدارسنا ".
تلاها محاضرة الداعية الشيخ زهير الدبعي، الذي تحدث عن ضرورة المقاومة اللاعنفية السلمية مُشيراً إلى ان التعددية سُنة من سُنن الله سبحانه وتعالى، ومهما إختلفت معتقدات الإنسان الفلسطيني فهو مواطن له كافة الحقوق، وعليه كل الواجبات
وإستمرت الجلسات مع كل من الأساتذة د. جريس سعد خوري مدير مركز اللقاء والبروفسور ذياب عيوش نائب رئيس مجلس مركز اللقاء، وجاءت الجلسة تحت عنوان " الإنسان الفلسطيني في المجتمع الواحد " ووضح د. خوري الأمور التي تؤدي إلى التوتر في العلاقات بدءاً من التربية في المنازل والمدارس والخطابات الدينية المغلوطة، وصولاً إلى التحريض الذي تتبعه بعض وسائل الإعلام المرئية والمسموعة، وغياب سلطة القانون في أخذ الإجراءات اللازمة. وأشاد البروفسور عيوش بضرورة توحيد وتوطيد الروابط المسيحية الإسلامية لما تحمله من صبغة قومية وإيمانية ووطنية، دون المساس بإيمان وعقيدة الآخر وإحترامها.