حذار من تهاون عربي بسبب التطبيع القادم
احتفلت اسرائيل خلال الأيام الأخيرة بالذكرى الخمسين لاحتلال مدينة القدس العربية. وبدأت هذه الاحتفالات مساء الأحد 21/5/2017 في وسط المدينة، وعند حائط المبكى بحضور الرئيس الاسرائيلي روفين ريفلين، ورئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتنياهو، وكذلك كبار المسؤولين الاسرائيليين، وادعوا في كلماتهم أن القدس ستبقى موحدة، والعاصمة الأبدية لاسرائيل، ولن يتم التنازل عنها. وجاءت هذه الاحتفالات عشية وصول الرئيس الاميركي دونالد ترامب الى اسرائيل والبقاء فيها ليومين كاملين.
شملت الاحتفالات مسيرات وندوات وورشة عمل عديدة. وكان الملفت في هذه الاحتفالات هي المسيرات الاستفزازية التي شهدتها شوارع المدينة، وخاصة الجزء المحتل منها لتؤكد أن القدس "محررة"، وهي جزء من اسرائيل.
وقد دعا مسؤولون اسرائيليون، مثل تسيبي حوطوفلي نائبة وزير الخارجية في اسرائيل، الجماهير للتوجه الى ساحات الحرم القدسي الشريف، للتأكيد في هذا اليوم على انه ملك لليهود. وبالفعل اقتحم مستوطنون ساحات الحرم، يوم الاربعاء 24/5/2017، ووقعت مواجهات بين شرطة الاحتلال وحراس المسجد الاقصى اذ تم الاعتداء على هؤلاء الحراس، كذلك اعتقال عدد منهم. وقد أفرج عنهم فيما بعد، إلا أن ثلاثة منهم منعوا من دخول الحرم لمدة اسبوعين كاملين.
تصريحات نتنياهو الاستفزازية
بعد مغادرة الرئيس الاميركي ترامب اسرائيل بعد ظهر الثلاثاء 23 ايار 2017، وفي احتفال رسمي قال رئيس وزراء اسرائيل متعهدا امام الحاضرين، ونقلت تصريحاته معظم وسائل الاعلام الاسرائيلية "ان الحرم القدسي الشريف سيبقى الى الابد تحت السيادة الاسرائيلية، ولن يتم التنازل عنه بتاتا!"
هذا التصريح وأمثاله يشجع المستوطنين على اقتحام الحرم القدسي الشريف تحت بند "الزيارة" المشروعة لكل مواطن يهودي، ولكن ما يقوم به المستوطنون ليس بالزيارة بل باستفزاز، ومحاولة ممارسة بعض الشعائر الدينية، فيتصدى لهم حراس الحرم، وهذا ما يقلق ويربك اسرائيل، لانها تريد من هؤلاء الحراس أن يكونوا جزءاً من رجال الأمن الاسرائيلي يلبون أوامرهم، وينصاعون لتعليماتهم الاستفزازية.
وهذه التصريحات ستشجع الاسرائيليين على زيارة الحرم، عبر اقتحامه بحراسة من رجال الشرطة، وسيبقى الحرم نقطة احتكاك خطيرة جدا قد تولد صدامات عنيفة مستقبلاً!
اجراءات قمعية
اتخذت السلطات الاسرائيلية المحتلة سلسلة من الاجراءات القمعية لمنع التصدي لاقتحامات المستوطنين للحرم القدسي الشريف تمثلت بالآتي:
· اصدار اوامر منع للعديد من الاشخاص الذين يتواجدون داخل الحرم مرابطين فيه لفترات زمنية محددة تجدد تلقائياً.
· منع بعض حراس الحرم من التواجد في الحرم القدسي الشريف من خلال الاعتقال أو أوامر ابعاد ايضا.
· اغلاق أبواب الحرم في فترات محددة لتهيئة الظروف لاقتحام المستوطنين له بهدوء، ومن دون أية معارضة.
· تحديد الفئة العمرية للذين يسمح لهم بأداء الصلاة فيه.
· منع أي ترميمات، ولو كانت بسيطة، إلا باذن من السلطات المحتلة. حتى ان أي عامل فني يريد اصلاح عطب معين يحتاج الى اذن للدخول بمعداته ولو كانت بسيطة جدا.
ورغم هذه الاجراءات، الا أن أبناء القدس ما زالوا متمسكين بالحرم، ولن يتنازلوا عنه. وتواجدهم المستمر فيه هو خير صمود وتصدي لهذه الاجراءات القمعية!
حذار من التهاون
وفد فلسطيني من القدس والضفة التقى مسؤولا رفيعاً في احدى دول الخليج، وطرح عليه الوضع السيء في الحرم، والاطماع الاسرائيلية فيه، وان هناك مخططاً لهدمه. لن يتردد المسؤول في الرد قائلاً: "اذا هدموا الحرم، فإننا سنعيد بناؤه بأفضل مما هو عليه الآن". هذا القول تُشتم منه رائحة التهاون العربي في مواجهة الاطماع الاسرائيلية الخطيرة جداً.
هناك تخوف فلسطيني، وهو في مكانه، بأن التطبيع العربي مع اسرائيل الذي قد يتحقق بفضل جهود ومساعي الرئيس الاميركي دونالد ترامب، قد يؤدي الى مزيد من التهاون، لأن هذه الدول لا تريد اغضاب اسرائيل، وهي "بحاجة" اليها، لذلك فلن تقدم على أي خطوة للحفاظ على هذا المكان المقدس الطاهر!
وتقول مصادر اسرائيلية وبكل صراحة ان ردود الفعل العربية والاسلامية على ما يتعرض له الحرم من اقتحامات واعتداءات يومية هي باهتة جدا، وان الاردن وحده هو الذي يقف ضد هذه الاجراءات الاسرائيلية، وضد الأطماع الخبيثة فيه، وهو أكثر المتعاونين مع القيادة الفلسطينية لوضع حد لهذه الاعتداءات اليومية الاستفزازية التي قد تقود الى صراع ديني وليس سياسيا.
لا بدّ من التحذير من أي تهاون بحق الحرم القدسي الشريف، وخاصة المسجد الأقصى. ويجب الدفاع عنه، فهو مكان مقدس ليس لأبناء فلسطين المسلمين فقط، بل هو مقدس ومهم لأكثر من 1,2 مليار مسلم في العالم! فهل من مهتم ومصغ الى هذا التحذير!! نأمل ذلك.