أزمات مالية خانقة وتجاوزات لميثاقها
يوم 22 آذار هو يوم عطلة رسمية قبل عام 1967، وكان طلاب المدارس في القدس والضفة والاردن، وفي عدد من دول الوطن العربي يعطلون احتفاء بانشاء الجامعة العربية في هذا اليوم من عام 1945. وكانت الامال المعقودة على هذه الجامعة كبيرة ومهمة.
فهذه الجامعة هي وراء التوقيع على اتفاق دفاع مشترك عربي، وعلى اقامة سوق عربي مشترك، ولكن هذه الاتفاقات وحتى ميثاقها اصبح مجرد حبرا على ورق، أو أنه من مخلفات التاريخ.
لقد كان للجامعة العربية دور في الدفاع عن العرب، وتأكيد حضورهم على الساحة الدولية. وكانت العديد من الدول تحسب حسابات كثيرة قبل الاقدام على أي عمل يستفز العالم العربي. ويجب الا ننسى ان هذه الجامعة هي التي ساهمت، عبر قوتها ونفوذها الدولي، على تمرير العديد من القرارات الأممية لصالح القضية الفلسطينية، ولكن هذه الجامعة، وبسبب تعاظم الخلافات العربية العربية شلت، واصبحت هزيلة جدا جدا!
مرآة للواقع العربي
لا نستطيع أن نلوم أمينها العام مهما يكون أو كان، فالجامعة تعتمد في موازناتها على العرب جميعا، وتعتمد في قوتها على قوة النظام الرسمي العربي.. وقادة الأمة هم الذين يجعلونها قوية أو ضعيفة. وبدأ انهيار الامة العربية عام 1990 عندما سمحت هذه الجامعة بتوجيه ضربة للعراق بعد احتلاله للكويت، أي أنها منحت الشرعية لاميركا في الانتقام من العراق. وفي عام 2003 لم تقف موقفاً حاسماً ضد أي اعتداء أو عدوان على العراق فتم احتلال العراق، لأن العديد من القادة العرب رحبوا بذلك وفي العام 2011 وافقت على توجيه حلف الناتو ضربات عسكرية ضد ليبيا لاسقاط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي.
وبعدها وفي العام 2012 اتخذت قراراً بتجميد عضوية سورية، الدولة المؤسسة. والجامعة العربية كانت هزيلة لان النظام العربي الرسمي وصل الى حالة "الهزل" الكبير، وللاسف أصبحت هذه الجامعة تحت امرة وسطوة دولة قطر التي استخدمت ما تملكه من مال لشراء الذمم في تمرير قرارات وبيانات مخالفة ومتجاوزة حتى لميثاق الجامعة العربية نفسه.
وخلال هذه الفترة قادها ثلاثة امناء للجامعة: عمرو موسى، ونبيل العربي، واحمد ابو الغيط. وفي عهدهم تراجع العرب.. فانحدر دور الجامعة العربية الى ان وصل الوضع فيها الى قيام مجموعة كبيرة من الموظفين تقديم استقالاتهم. نظرا للعجز المالي، ولعدم تسلم رواتبهم على مدى شهور عديدة.
الامين العام الجديد أحمد أبو الغيط، لا يستطيع عمل أي شيء لأن مصير الجامعة مرتبط بالوضع العربي العام. فاذا تحسن فيتحسن وضع الجامعة، واذا ساء، ساءت أمور الجامعة العربية. وعالمنا العربي اليوم في أسوأ حالاته، ولذلك فلن يتوقع أحد أن يكون وضع الجامعة العربية أفضل مما هو حال العالم العربي الحالي!
اعادة هيكلة وتنظيم الجامعة اداريا
منذ سنوات يتم الحديث عن تحديث الجامعة من خلال وضع هيكل جديد لادارتها، ونظامها، وبمعنى أوضح هناك جهود لتحديث وتطوير قوانينها حتى يتماشى مع الوضع الحالي. وهذا الموضوع يطرح على القمم العربية التي لا تتخذ قراراً حاسماً وترحل القرار الحاسم لقمم قادمة!
تعاني الجامعة من أزمة مالية لأن الدول الأعضاء لا تسدد التزاماتها المالية، كما أن هناك دولاً عربية تقتطع من هذه الالتزامات نظرا لاوضاعها المالية السيئة. واما دول الخليج الثرية، فهي التي تسيّر الجامعة العربية، من خلال أموالها، والسيطرة على أمينها العام السابق نبيل العربي الذي اصبح اداة طيّعة في يد امير قطر.. وتم اتخاذ العديد من القرارات ضد سورية والعراق واليمن وليبيا. وذلك تلبية لرغبة قطر، الدولة الصغيرة غير المشاركة في تأسيس الجامعة العربية.
أي ان الجامعة العربية تحت هيمنة وسطوة المال الخليجي، ووصل الامر الى ان هذه الجامعة فقدت عروبتها من خلال اتخاذ قرارات مناوئة للعروبة، وداعمة للسيد الاميركي!
ويجب القول وبكل صراحة ان الجامعة العربية بحاجة الى ثوب جديد، والى نظام جديد، وميثاق جديد.. والى استقلالية القرار والا تكون تحت سطوة احد.. حتى تقول الكلمة الصادقة، وتكون الحامية للدول العربية لا المتآمرة عليها.
الانجاز الوحيد الذي تحققه هذه الجامعة هو ترتيب عقد قمة.. وآخر هذه القمم في الاردن يوم 29/3/2017.. وهذه هي القمة العربية العادية الـ 28، وقرارات القمم الاولى كانت اقوى وافضل من القرارات الحالية التي يجف حبرها قبل ان يغادر المشاركون قاعة المؤتمر.
الجامعة العربية بحاجة الى غربلة؟ فمن يستطيع عمل ذلك في ظل الوضع العربي المأساوي الحالي؟ لا احد، ولا بد من الانتظار حتى تعود العافية لبعض الدول العربية وخاصة سورية والعراق ومصر وليبيا واليمن.. وكل الأمل في ان تتحقق هذه "العافية" في أقرب وقت ممكن!