هناك آمال باعادة اللحمة العربية من جديد
من المقرر أن تعقد قمة عربية عادية في عمان/ الاردن خلال الاسابيع القليلة القادمة، ومن المتوقع أن يشارك فيها عدد كبير من القادة العرب باستثناء الرئيس السوري الدكتور بشار الأسد لان قمة القاهرة في عام 2012 قررت تجميد عضوية سورية، الدولة المؤسسة للجامعة العربية.
هذه القمة تأتي في ظل خلاف عربي كبير، في ظل أوضاع صعبة تعيشها العديد من الدول: ليبيا، السودان، مصر، اليمن، العراق، وسورية. ومعظم هذه الدول العربية تعاني من آفة واحدة وهي "الارهاب" الذي كان وليد وصناعة ما يسمى الربيع العربي الذي انطلق اوائل عام 2011 ليحقق ما يسمى الديمقراطية، ولكنه حقق وللاسف الكبير التدمير والتهجير والمعاناة لهذه الدول العربية وشعوبها، اضافة الى أنه مزّق ما بقي من التعاون العربي، وقضى على "نفوذ" العرب على الساحة الدولية.
ما يميّز القمة الجديدة
هناك ما يميّز هذه القمة عن باقي القمم العربية السابقة ومن أهمها:-
· هذه القمة تعقد في العاصمة الاردنية عمان، ومواقف الاردن مؤيدة وداعمة للقضية الفلسطينية، والعاهل الاردني الملك عبد الله الثاني يقول ويحذر دائما من استمرار السياسة الاسرائيلية الرافضة للسلام، والمؤيدة للاستيطان. والاردن هو الراعي للاماكن المقدسة في القدس، وخاصة الحرم القدسي الشريف، أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، وهذا المكان المقدس المهم يتعرض يوميا لانتهاكات ولاقتحامات نظراً لاطماع يهود متطرفين فيه. ولذلك فان معالجة القضية الفلسطينية ستكون أفضل من القمم العربية لأن رئيس القمة على اطلاع وخبرة وعلم بما يجري ضد القضية الفلسطينية.
· لن يقبل الأردن بأي تعديل على المبادرة العربية التي أقرتها قمة بيروت في عام 2002، والتي أحد بنودها هو حق العودة للشعب الفلسطيني، واذا تم القبول بشطب هذا البند من المبادرة العربية بناءً على طلب اميركي، فان هذا يعني توطين اللاجئين الفلسطينيين في الدول العربية التي يقيمون فيها. والاردن يرفض ذلك لانه قد يهيء الأرضية مستقبلاً للقوى اليمينية الاسرائيلية في اعتبار الاردن الوطن البديل للفلسطينيين! وهذا أمر مرفوض تماماً فلسطينياً وأردنياً ولبنانياً وسورياً!
· يأتي عقد هذه القمة العربية بعد أشهر عدة من تولي ادارة الرئيس الاميركي ترامب مهامها. وقد كان رئيس القمة العربية الجديدة الملك عبد الله الثاني أول زعيم عربي يلتقي بالرئيس ترامب، ويشرح له صورة الوضع في المنطقة واخطار الارهاب ومخاطر استمرار سياسة الاستيطان الاسرائيلية، وتبعات الاقتحامات اليومية للمسجد الاقصى من قبل متطرفين يهود، واكدت مصادر عديدة أن لقاء الملك عبد الله الثاني مع الرئيس ترامب ادى الى حد كبير تغيير مواقف ترامب تجاه القدس وكذلك تجاه الاستيطان.
· هذه القمة تعقد في ظل تغيّر عالمي تجاه الازمة في سورية، اذ أن العالم كله ادرك أن ما تعانيه سورية هو من "الارهاب" الذي دعمته أكثر من 80 دولة، وها هي هذه الدول بدأت تدرك مخاطر. وضرورة التصدي له، وان ما كانت تقوله سورية من انها تتعرض لمؤامرة كونية كان صحيحا.. وهناك قادة عرب وعالميون يشكرون الله لان سورية صمدت، واستطاع الرئيس الأسد تحدي الارهاب ومواجهته بقوة كبيرة يكن له الجميع الاحترام والتقدير لهذا الصمود والصبر.
ما هو المتوقع
المتوقع أن تصدر هذه القمة، مثل القمم السابقة، بياناً أو مقررات عديدة جميلة تخاطب المشاعر. وقد يتضمن عدة قرارات جيدة، وهو التمسك بالمبادرة العربية كما هي من دون أي تعديل، وكذلك مساندة الموقف الفلسطيني، ورفض مخططات اسرائيل في تجاوز القيادة الفلسطينية.
وستتضمن القرارات محاربة الارهاب، وكذلك ضرورة ابقاء القادة العرب بالتزامات دولهم المالية تجاه الجامعة العربية التي تعاني من ازمة مالية لان بعض الدول العربية تتهرب من دفع التزاماتها المالية للجامعة العربية.
والمتوقع أن تسود القمة أجواء ودية، وان تكون المقررات والبيانات والخطابات جميلة وجيدة.
ما هو المفروض والمطلوب
لكن المفروض والمطلوب من هذه القمة حتى تكون نقطة انعطاف نحو الافضل:-
· التعاون فيما بينها على التصدي للارهاب الذي يقلق ويشكل خطراً على المنطقة بأسرها.
· اعادة التعاون، ولو بأدنى مستوياته، الى هذه الدول.
· أن تركز على أن العدو والخصم الأساسي للعرب جميعاً هي اسرائيل نظراً لعدم تنفيذها لقرارات الشرعية الدولية، وفتح صفحة جديدة من العلاقات الطيبة مع ايران.
· التعاون معا من اجل وضع حد للانتهاكات اليومية الاسرائيلية للمسجد الاقصى، ووقف كل الحفريات وشتى أنواع الاعتداءات عليه.
· ضرورة الغاء تجميد عضوية سورية في هذه الجامعة العربية، لان غياب سورية أكد تماماً ضعف الجامعة في السنوات السابقة.
· دعم الجهود لايجاد حلول سياسية فعالة في سورية واليمن وليبيا.. وان يكون للعرب دور فعال في ذلك.
آمال نأمل تحقيقها
كل ما ذكرت من مقررات متوقعة أو مفروضة تعبّر عن آمال كبيرة لكل مواطن عربي في هذه القمة. وقد تتبخر هذه الآمال مع انتهاء عقد القمة، ولكن في هذه القمة فان الآمال لن تتبخر لأن المعطيات الدولية والاوضاع تتطلب قرارات حاسمة وصارمة، وتتطلب التعاون العربي بأدنى مستوياته لان كل العرب في خطر، وكل المنطقة في وضع سيء، فلا بدّ من أن تعبر هذه القرارات عن أن القادة العرب جادون ويتحملون المسؤوليات الجمة. واذا تبخرت هذه الآمال ولم يتحقق حتى الجزء البسيط منها وهو التعاون، فان العالم العربي كله سيكون في وضع أخطر مما هو عليه الآن!