قرر مجلس الوزراء الفلسطيني برئاسة د. رامي الحمد الله اجراء الانتخابات المحلية (للمجالس البلدية والقروية) يوم 13 أيار القادم، كما كان مقرراً في السابق، على أن تجري في الضفة فقط، والغاء اجرائها في القطاع. جاء هذا القرار عقب اصدار حركة حماس بيانات وتصريحات رفضت قرار مجلس الوزراء باجراء هذه الانتخابات ضمن آلية جديدة بعد تأجيلها من يوم 8/10/2017. والآلية الجديدة تتضمن اقامة محكمة تابعة للجنة الانتخابات المركزية تدرس كل الشكاوى والطعون وتنظر فيها، وتقرر ما هو المناسب، وبالتالي سحب هذه الصلاحية من المحاكم البدائية سواء أكانت في الضفة أو في القطاع.
أسباب استثناء القطاع
رأى مجلس الوزراء أن حق ممارسة الاقتراع للمواطن الفلسطيني هو مقدس وضروري، وليس من الضروري تأجيل هذه الانتخابات لمجالس محلية، هي خدماتية، وليست سياسية. وخاصة أنه تم تأجيلها بعد أن وقع خلاف بين حركتي "حماس" و"فتح" حول الطعون بالقوائم، مما حدا التوجه الى المحكمة العليا الفلسطينية التي طلبت تأجيل الانتخابات في القطاع، وكذلك الغت قرارات المحاكم في القطاع معتبرة اياها غير شرعية.
أمام مجلس الوزراء خياران إما التأجيل لمرة ثانية، أو اجراء الانتخابات في الضفة الغربية، مع البلدات المحيطة بالقدس.
إذا قرر مجلس الوزراء التأجيل مرة ثانية، فهذا يعني القبول باعتراض حماس، ويعني أن الانتخابات لن تجري بتاتاً، وخاصة أن حماس رفضت اقامة محكمة خاصة بالانتخابات، فالتأجيل لا يؤدي الى تغيير حركة "حماس" لمواقفها، فبالتالي سيكون غير مُجدٍ.
واذا تم ربط هذه الانتخابات بتحقيق المصالحة الوطنية، فان ذلك يعني أن هذه الانتخابات لن تجري في المستقبل القريب. ولربما بعد سنوات طوال!
واما اجراء الانتخابات في الضفة الغربية فقط كما كان الحال عام 2012، فان هذا أمر ضروري، ويعني ذلك أن المسيرة الفلسطينية في تفعيل المؤسسات سارية دون عوائق نتيجة الانقسام، أي أن مجلس الوزراء يريد المضي قدما في بناء واستمرار عمل مؤسسات العامة بعيداً عن تأثرها بالانقسام اللعين.
ويجدرذكره أن "حماس" قاطعت انتخابات 2012، وجرت الانتخابات في الضفة الغربية، وتمتع المواطن بحقه في اختيار وانتخاب من يستطيع ان يقدم خدمات وعطاء أكبر لصالحه!
تداعيات القرار
هناك من يقول أن قرار مجلس الوزراء باجراء الانتخابات في الضفة الغربية يعزز الانقسام الفلسطيني، ويزيد "الطين بلة"، وان هذا القرار جاء نكاية بحركة حماس.
وبالمقابل هناك من يرد بالقول أن هذا القرار سليم وحكيم وصحيح لأن من حق مجلس الوزراء اتخاذ قرار باجراء الانتخابات في اية منطقة من مناطق الدولة، واستثناء المناطق التي يتعثر فيها اجراء هذه الانتخابات!
ويجدر ذكره ان عدة جهات فلسطينية سعت الى اقناع "حماس" بالمشاركة في الانتخابات، لكنها رفضت هذا السعي، واعتبرت قرار مجلس الوزراء انفرادياً من دون التنسيق مع الحركة. وهذا أمر مرفوض لان مجلس الوزراء يملك صلاحية اتخاذ القرارات دون العودة الى أي فصيل.
والانقسام قائم سواء اكانت هناك انتخابات أم لم تكن؟ وتحقيق المصالحة أصبح أمراً شبه مستحيل لان كل طرف متمسك بمواقفه ومطالبه، علماً أن هناك تغيّراً في موقف حركة حماس السياسي، إذ أنها أعلنت قبولها باقامة دولة فلسطينية على حدود 4 حزيران 1967، وقبولها بالمقاومة الشعبية، أي أنها اقتربت في نهجها من نهج حركة "فتح" باستثناء أنها ترفض الاعتراف بدولة اسرائيل!
إصرار على اجراء الانتخابات
وقد أكد مجلس الوزراء الفلسطيني اصراره على اجراء الانتخابات يوم 13 أيار مهما كانت التداعيات. وهذا الاصرار نابع من موقف الرئيس محمود عباس الذي يطالب الحكومة بالمضي قدماً بالحياة، وتلبية حاجات المواطن، وتوفير الفرص لانتخاب ممثليه في المجالس المحلية.
الفصائل الفلسطينية المنضوية تحت راية منظمة التحرير تؤيد بقوة اجراء هذه الانتخابات، ولم تقف الى جانب "حماس"، بل بالعكس تطالب حماس بالمشاركة في هذه الانتخابات.
هناك من يفسر عدم مشاركة حماس في الانتخابات هو شعورها بأنها قد لا تربح هذه الانتخابات في الضفة كما هي تسعى وتتمنى، لذلك لا تريد المشاركة فيها، وبالتالي تريد أيضاً منع اجرائها في منطقة القطاع التي تسيطر عليها. حتى يبقى القطاع تابعاً لها، لانها هي التي تختار أعضاء هذه المجالس، أي ان حماس، عبر هذا التصرف، ستلجأ الى تعيين المجالس المحلية بصورة تخدم مصالحها ومخططاتها!