محاولة فرض حل ممسوخ للقضية الفلسطينية
ما ان غادر الرئيس باراك اوباما البيت ليحل مكانه الرئيس الاميركي الجديد دونالد ترامب، حتى بدأت القيادة الاسرائيلية استغلال التغيير في الادارة، وعلاقة ترامب الجيدة مع اسرائيل، في طرح عطاءات لاقامة آلاف الوحدات السكنية الاستيطانية سواء في مناطق الضفة والقدس آخذين بعين الاعتبار عدة حقائق ومؤشرات ومن أهمها:
· أكد الرئيس ترامب وقوفه الحازم والقوي الى جانب اسرائيل عندما طرح القرار 2334 على مجلس الأمن، وطالب باستخدام الفيتو الاميركي لافشاله!
· أعلن عدة مرات خلال حملته الانتخابية أنه ليس ضد المستوطنات، ولا مانع لديه من ضمها الى اسرائيل.
· عين سفيرا لاسرائيل هو دافيد فريدمان، وهو مؤيد للاستيطان وشارك في حملات حشد الأموال لهذه المستوطنات.
· أكد ترامب وبكل صراحة أن القدس الموحدة هي عاصمة دولة اسرائيل.
هذه المؤشرات شجعت نتنياهو والوزراء الاسرائيليين على المضي قدما في توسيع البناء الاستيطاني، واقامة مستوطنات جديدة، وكذلك "تشريع" اغتصاب ومصادرة أراضٍ فلسطينية لصالح المستوطنات.
وتعالت الأصوات مؤخراً تطلب ضم مستوطنة معاليه أدوميم لاسرائيل، وهي بالفعل تابعة لاسرائيل سواء شئنا أو أبينا.
وهناك أصوات متطرفين تطالب القيادة الاسرائيلية بضم مناطق "ج" (C) في الضفة الغربية ومنع اقامة مشاريع فيها لصالح الفلسطينيين.
لقاء ترامب نتنياهو
كان نتنياهو يأمل أن يكون أول زعيم في العالم يلتقي بالرئيس ترامب، ولكن هذه الامنية لم تتحقق اذ سبقه الى ذلك رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي، وكذلك العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني. اما لقاء نتنياهو فقد حدد يوم 15 شباط 2018. وقد تم تأجيل اللقاء لاسباب غير معلومة مع ان نتنياهو توقع ان يتم اللقاء اوائل شهر شباط الجاري. وعوضا عن ذلك فقد رتب نتنياهو لقاء مع رئيسة وزراء بريطانيا "ماي" يوم 6 شباط 2018، حوالي تسعة أيام قبل لقائه بالرئيس ترامب.
ومن أجل ان يكون اللقاء قويا ويضم مواضيع بحث عديدة، فقد أجّل نتنياهو بحث موضوع ضم "معاليه أدوميم"، وكذلك العديد من القضايا، حتى يأخذ موافقة ترامب عليها حتى لا يحرجه، ولا تكون هذه المستوطنات موضوع البحث الرئيسي.
نتنياهو سيطرح في اللقاء موضوع الملف النووي الايراني والتجارب الصاروخية الايرانية، وسيشكو بأن أمن اسرائيل في خطر. وكذلك سيبحث مشاركة اسرائيل اميركا في التصدي للارهاب وخاصة تنظيم داعش واخوانه من التنظيمات الارهابية.
ومن المتوقع أن يبحث نتنياهو مع الرئيس ترامب ممارسة ضغط على الدول العربية المعتدلة للتعاون مع اسرائيل، وتطبيع العلاقات معها لسببين:
الاول: من أجل التفاوض وايجاد حل حول القضية الفلسطينية اذ ان الجانب الفلسطيني لا يريد التفاوض، ولذلك فهو، أي نتنياهو، يريد العرب التفاوض مع اسرائيل بعد تطبيع العلاقات معها.
الثاني: التعاون المشترك للتصدي للارهاب من خلال تشكيل تحالف عسكري بهذا الخصوص.
وسيشرح نتنياهو وسيدعي بأن خيار الدولتين يشكل خطراً أمنياً على اسرائيل الا اذا اعترف الفلسطينيون بيهودية دولة اسرائيل، وكذلك تبقى السيادة الأمنية على المناطق الفلسطينية بيد اسرائيل. وبالاضافة الى كل ذلك، سيتهم السلطة الوطنية بدعم عمليات المقاومة ضد الاسرائيليين من خلال صرف مكافآت لعائلات الذين ينفذون هذه العمليات المقاومة. وسيتهم الرئيس عباس بأنه غير معني بالسلام.
حل ممسوخ
لن يقدم نتنياهو خطة حل او تصورا لاتفاق مع الجانب الفلسطيني، ولكنه سيقدم وعدا للرئيس ترامب باعداد ذلك التصور، وتقديمه له عبر لجان التحالف المشتركة.
وسيدعي نتنياهو بأن اقامة دولة فلسطينية مستقلة كاملاً هو أمر خطير للامن الاسرائيلي، لان اسرائيل لن تستطيع الاعتماد على القوى الامنية الفلسطينية. وقد يرضى نتنياهو بحكم ذاتي للفلسطينيين أو ادارة مدنية لهم. وان الدول العربية التي ستقيم علاقات مع اسرائيل ستدعم هذا الحل وهذا الحكم الذاتي الممسوخ!
ولن يتردد نتنياهو في قبول مبدأ تبادل اراضٍ ومواطنين، فهو مستعد للتخلص من منطقة المثلث بأكمله، فيتخلص من حكم مئات الآلاف من فلسطينيي الداخل. ويقول نتنياهو أنه من الضروري التخلص من نصف العرب في دولة اسرائيل حتى تكون الدولة يهودية، وفي هذا الأمر والتوجه يؤيده وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان.
وعودات جديدة
دونالد ترامب سيجد تعهدات الرئيس بوش الابن الذي قطعها في رسالته لرئيس وزراء اسرائيل في نيسان 2004. وسيؤكد دعمه لاسرائيل، واتخاذ الاجراءات المناسبة لحماية أمنها.
ولكنه، أي ترامب، وضمن عقليته، يرفض أن تُملا عليه شروط ومطالب، فهو يؤمن بعظمة اميركا وقوتها. وبالتالي سيقول وبصورة غير مباشرة لنتنياهو "اذا حبيبك عسل فلا تلحسه كله".. أي لا ضرورة لاجراءات استفزازية، ولا ضرورة لقوانين استفزازية أيضا. وسيقدم وعدا للضغط على القيادة الفلسطينية للعودة الى طاولة المفاوضات. لانه معني بحل هذا النزاع من أجل ازالة الأخطار المحدقة باسرائيل.
اللقاء سيكون مثمراً وجيداً، ولكن نتنياهو سيفهم أن ترامب معني بالداخل وفي قضايا أخرى أكثر أهمية، فلا يريد من نتنياهو او من غيره من زعماء العالم ابعاده عن قائمة أولوياته التي أعدها هو بنفسه مع أعضاء طاقم ادارته!