* مطلوب حراكاً فلسطينياً وعربياً لإعادة القضية الفلسطينية إلى سلم الاهتمامات
* الكرة في ملعب حماس الآن للعمل الجاد على تحقيق المصالحة
* ما يثار عن خلاف بين القيادة الفلسطينية وبعض الدول العربية مجرد ادعاءات لا أساس لها من الصحة
القاهرة- خاص بـ"البيادر السياسي":ـ حاوره/محمد المدهون
جاء المؤتمر السابع لحركة فتح ليؤكد من جديد على أن الحركة لا تزال قوية ومتماسكة وتمتلك زمام المبادرة، وقادرة على الاستمرار في قيادة المشروع الوطني، بالرغم مما سبق وتلا هذا المؤتمر من خلافات واتهامات بالإقصاء، فهناك من وصفه بـ"مؤتمر المقاطعة" إلا أن المؤتمر شكل ركيزة أساسية للانطلاق نحو استكمال مشروع التحرر الوطني الذي قادته حركة فتح منذ عشرات السنين.. لكن السؤال ماذا بعد ؟ وأين تقف حركة فتح الآن ؟ وهل سقطت غزة في المؤتمر ؟ وما انعكاسات الرسائل التي أطلقها الرئيس على عملية المصالحة ؟.. هذه الأسئلة وأخرى وجهتها "البيادر السياسي" لـ القيادي الفتحاوي البارز في الساحة المصرية الدكتور جهاد الحرازين في الحوار التالي الذي أكد خلاله على وحدة الحركة، نافياً بشكل قاطع وجود أي انقسامات بداخلها. كما تناول اللقاء آخر المستجدات السياسية، خاصة زيارة الرئيس للسعودية، وما يثار عن خلافات بين القيادة الفلسطينية وبعض الدول العربية، وعملية المصالحة وسبل إعادة القضية الفلسطينية إلى مسارها ومكانتها في المحافل العربية والدولية. وفيما يلي نص اللقاء.
فتح إلى أين؟
* بعد نجاح المؤتمر السابع.. أين تقف حركة فتح الآن؟
-استطاعت حركة فتح بعد أن عقدت مؤتمرها السابع أن تجدد شرعيات لجانها القيادية، وخاصة أن هذا الاستحقاق الفتحاوي جاء ليرسل رسالة للجميع بأن فتح لا تزال تمثل الركيزة الأساسية للمشروع الوطني والنضالي بما تملك من ثقل سياسي ووطني، الأمر الذي جسد أثناء انعقاد المؤتمر من خلال مشاركة أكثر من 60 وفداً دولياً وعربياً ليوضح حالة الاهتمام الدولي والعربي بالدور الذي تقوم به حركة فتح، ولذلك جاء انعقاد المؤتمر ليكون انطلاقة متجددة في مسيرة العمل السياسي الوطني الفلسطيني، حيث استطاعت حركة فتح خلال هذا المؤتمر أن تضع مجموعة من البرامج السياسية والاجتماعية والوطنية الخاصة بعملية البناء والتحرر لأجل إكمال المسيرة الوطنية التي قادتها هذه الحركة الوطنية العملاقة، والتي قادت المشروع الوطني والتحرري الفلسطيني، واستطاعت أن تحافظ على الهوية الفلسطينية المستقلة وتثبيتها في كافة المحافل الدولية
غزة لم تسقط
* هناك من يقول أن غزة سقطت في المؤتمر.. ما حقيقة ذلك؟
- أولاً غزة لم تسقط في المؤتمر، لأن حركة فتح هي حركة واحدة موحدة لا يوجد بها تقسيمات جغرافية، ولأن النهج الفتحاوي المتأصل لدى أبناء الحركة جميعاً يجعل من الحركة ومؤسساتها عنواناً لكل الفتحاويين في شتى بقاع الأرض، ولذلك هناك اللجنة المركزية التي تعمل لتحقيق البرامج التي أقرها المؤتمر، وتطبيقها على أرض الواقع بما يشمل الكل الفتحاوي في كافة بقاع الأرض دون أي تمييز بين مكان وآخر، لذلك نقول بأن فتح نجحت ولم يسقط أحد، لأن الأساس هو انعقاد المؤتمر، ونجاح فعاليته، لأنه يمثل الكل الفتحاوي، ويعبر عن جميع أبناء فتح، سواءً الذين شاركوا في المؤتمر كأعضاء، أو غيرهم من أبناء فتح لا تزال تمثل الركيزة الأساسية للمشروع الوطني.
انقسام بغيض
• هل تتوقعون اهتماماً أكبر من قبل السلطة بقضايا غزة بعد المؤتمر؟
- غزة حاضرة بكل قضاياها على طاولة القيادة الفلسطينية، ولذلك هناك اهتمام في كافة القضايا التي تهم أبناء قطاع غزة والضفة الغربية والقدس، لأن القيادة الفلسطينية تهتم بكافة قضايا المواطنين الفلسطينيين أينما كانوا، ولم تتخل عن مسئولياتها تجاه قطاع غزة، مع التأكيد على أن المعاناة التي يعيشها أبناء قطاع غزة هي ليست بسبب إهمال أو تقصير من قبل السلطة الفلسطينية، بل بسبب حالة الانقسام البغيض الذي ضرب النسيج الاجتماعي الفلسطيني وخلق شرخاً في المواقف السياسية .
حركة موحدة
• بالرغم من الحديث عن انقسامات داخل حركة فتح وتيارات، إلا أن المؤتمر أكد على وحدة الحركة.. هل من جهود للم الشمل الفتحاوي؟
- أولاً حركة فتح هي حركة موحدة لديها مؤسساتها وهياكلها، وقد استطاع المؤتمر السابع أن ينتخب قيادة للحركة، سواءً اللجنة المركزية أو المجلس الثوري، واستطاع المؤتمر أن يرسل رسالة إلى الجميع بأن فتح حركة راسخة موحدة ومنظمة لديها من النظم والضوابط التي تحكم علاقاتها وعلاقات عناصرها ببعضهم البعض، مع التأكيد على أن أبواب الحركة مشرعة لكل أبنائها، ولكل من يلتزم بنظامها الأساسي والداخلي، ويلتزم بشرعية مؤسساتها، ومن يمثلها بعيداً عن أية حالات تجييش، لأن الانتماء هو لفتح فكراً وعملاً وليس لأشخاص.
الكرة في ملعب حماس
• الرئيس بعث برسائل إيجابية باتجاه المصالحة في كلمته في المؤتمر.. هل المناخات مهيأة الآن لاستئناف عملية المصالحة ؟ وهل من اتصالات بحركة حماس بهذا الخصوص؟
- الرئيس أبو مازن سعى في كل المناسبات والأوقات، ولا يزال يعمل جاهداً لتحقيق المصالحة الوطنية بكافة الوسائل والطرق، لإدراكه الكامل بأن تحقيق الوحدة الوطنية أمر ضروري واستراتيجي لمواجهة الاحتلال ومخططاته التهويدية، ولا يزال يمد يده من أجل تحقيق هذه المصالحة، والكل يدرك من الذي يعطل تحقيق المصالحة في كل مرة يتم التوافق فيها بين الجانبين. لذلك فان الكرة ملقاة بملعب حركة حماس الآن للعمل الجاد على تحقيق المصالحة، وخاصة أن الظروف لا تحتمل التأخير في ظل ما تشهده المنطقة من تطورات متسارعة ومتلاحقة على كافة الأصعدة، ولذلك أيضاً نأمل أن تكون هناك رؤية واضحة لدى حركة حماس نستطيع من خلالها الوصول إلى تحقيق المصالحة وإنهاء الانقسام لتخفيف المعاناة عن كاهل أبناء الشعب الفلسطيني والتفرغ لمواجهة الاحتلال ومخططاته التهويدية.
لا خلافات عربية
* الرئيس زار السعودية بعد حديث عن توتر العلاقات بين السلطة وعدد من الدول العربية من بينها السعودية.. ما أهمية هذه الزيارة ؟ وما هي مدلولاتها ؟
- تأتي زيارة الرئيس الفلسطيني للمملكة العربية السعودية في سياق حالة التشاور التي يجريها الرئيس أبو مازن مع أشقائه العرب للتشاور فيما يتعلق بقضايا المنطقة، وخاصة القضية الفلسطينية، وباعتبار المملكة العربية السعودية لها مكانتها وثقلها السياسي في المنطقة، فتأتي هذه الزيارة للوقوف على آخر المستجدات الخاصة، وكيفية التحضير لمواجهة الاحتلال في الأروقة الدولية، مع التأكيد على أن العلاقة الفلسطينية العربية لم تشهد أي توترات. وهناك اتصالات ومشاورات دائمة بين القيادة الفلسطينية والقيادات العربية في إطار حالة السعي الحثيث لمواجهة مخططات الاحتلال، ومناصرة القضية الفلسطينية ودعمها في كافة المحافل الدولية. وكل ما يثار عن وجود حالة من التوتر أو الخلاف بين القيادة الفلسطينية وبعض الدول العربية هي مجرد ادعاءات لا أساس لها من الصحة، لأن القضية الفلسطينية هي قضية العرب الأولى، والقيادة الفلسطينية برئاسة الرئيس أبو مازن حريصة دوماً على تمتين هذه العلاقات وتجسيدها بشكل إيجابي، لأن العرب يمثلون السند والظهير الداعم للقضية الفلسطينية ولحقوق الشعب الفلسطيني، ولذلك ستشهد المرحلة المقبلة مجموعة من الزيارات والاتصالات التشاورية بين القيادة الفلسطينية والقيادات العربي، حيث كان هناك لقاءً للمجموعة العربية الخاصة بعملية السلام والتي ترأستها جمهورية مصر العربية وبعضوية كل من الأردن والمغرب وفلسطين، إضافة للأمين العام لجامعة الدول العربية لتنسيق المواقف، واتخاذ قرار يتعلق بإجراء مشاورات لتقديم مشروع قرار حول الاستيطان وإنهاء الاحتلال إلى مجلس الأمن، بما يعني أن الاتصالات مابين القيادة الفلسطينية والقيادات العربية على قدم وساق، وأنه لا وجود أساساً لأي حالة فتور في العلاقات العربية الفلسطينية.
الانشغال العربي
* في ظل التزاحم الكبير في الأحداث على الساحة العربية والدولية.. أين تقع القضية الفلسطينية اليوم ؟ وما هي سبل إعادتها إلى الصدارة؟
- أدت بعض الأحداث الجارية في المنطقة العربية إلى أن تتصدر سلم الاهتمامات الدولية، وخاصة الأزمة السورية، ومواجهة الإرهاب، وما يحدث في اليمن وليبيا والعراق إلى تراجع الاهتمام الدولي بالقضية الفلسطينية، ووجه الاهتمام إلى تلك القضايا، الأمر الذي تطلب أن يكون هناك حراك فلسطيني وعربي لإعادة القضية الفلسطينية إلى سلم الاهتمامات، وخاصة بعدما كشفت النوايا الإسرائيلية التي حاولت استغلال حالة الانشغال الدولي بالقضايا الأخرى لتمرير مجموعة من مخططاتها التهويدية والاستيطانية في القدس ومناطق الضفة الفلسطينية، مما أدى إلى وجود حالة من الحراك الدبلوماسي السياسي الفلسطيني تجاه كافة المؤسسات والمنظمات الدولية لفضح ممارسات الاحتلال، وإعادة لفت الأنظار إلى ما يحدث في الأرض الفلسطينية من اعتداءات وجرائم ترتكب بحق الشعب الفلسطيني وأرضه وممتلكاته ومقدساته، إلى أن كانت المبادرة الفرنسية، وما تلاها من دعوات داعمة لهذه المبادرة أعادت القضية الفلسطينية مرة أخرى إلى تصدر المشهد السياسي العرب، وخاصة في اجتماعات مجلس الجامعة العربية على مستوى القادة أو وزراء الخارجية أو المندوبين.. كل ذلك أدى إلى الحفاظ على وجود القضية الفلسطينية في المشهد السياسي الدولي، وهو ما لمسناه من حالة التصويت الساحق الذي حصلت عليه فلسطين في الجمعية العامة للأمم المتحدة من خلال تصويت 177 دولة لصالح حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، ومعارضة 6 دول فقط، وهذا لم يأت إلا من خلال ترجمة الجهود السياسية والدبلوماسية التي قادها الرئيس أبو مازن للحفاظ على حضور القضية الفلسطينية في المحافل الدولية والإقليمية والعربية.