* 8 آلاف مُهجر لا يزالون يقطنون الكرفانات في ظروف مأساوية
* الحصار أصبح ضارباً جذوره في كل مناحِ حياتنا ولن نستطيع مواجهة أي عدوان جديد
* الحروب في الدول العربية أثرت على التزام المانحين تجاه قطاع غزة
غزة- خاص بـ"البيادر السياسي":ـ حاوره/ محمد المدهون
لا تزال عملية الإعمار تسير ببطء شديد في غزة نتيجة القيود الإسرائيلية، وعدم التزام الدول المانحة بما تعهدت به في مؤتمر الإعمار الذي عقد بالقاهرة في أعقاب العدوان الأخير الذي تعرض له قطاع غزة عام 2014، 5 مليار و400 مليون دولار حصيلة الأموال التي تعهدت بها الدول المانحة لم يصل منها سوى القليل، مما أثر بشكل كبير على عمليات الإعمار، وفاقم من معاناة آلاف الأسر التي فقدت بيوتها، والتي لا يزال الكثير منها يعيش في كرفانات لا تصلح للحياة الآدمية.. ولإلقاء المزيد من الضوء على هذه القضية الهامة التقت "البيادر السياسي" عضو اللجنة الشعبية للاجئين في مخيم البريج، مسئول لجنة المشاريع وملف الوكالة محمود شعبان النمروطي وأجرت معه الحوار التالي.
دمار لا يوصف
* ثلاثة حروب مدمرة تعرض لها قطاع غزة دمرت آلاف المنازل الفلسطينية وشردت ساكنيها.. بداية هل لك أن تعطينا إحصائية دقيقة لعدد المنازل التي دمرت خلال الحروب الثلاث الماضية وعدد المهجرين ؟ وإلى أين صلت عمليات الإعمار؟
- لقد مر على قطاع غزة 3 حروب خلفت دماراً لا يوصف، والمئات من الشهداء وآلاف الجرحى، أما المهجرون خلال فترة الحرب فهم يعدون بالآلاف بما يقرب " 300 ألف" هجروا من منازلهم خلال الحرب، فمنهم من عاد إلى بيته وسكنه، وبعضهم لم يجد حتى ملامح منزله لأنه سوي بالأرض، وبدأنا نسمع مصطلحات جديدة دخلت في حياتنا مثل هدم كلي، ضرر بليغ، ضرر طفيف، أضرار جسيمة، حيث بلغ مجموع المنازل التي وقع عليها الضرر في حرب 2014: (175الف منزل) منها (142 ألف منزل للاجئين) والتي تكفلت وكالة الغوث بإعادة أعمارها، وتم توزيعها بالشكل التالي ( 7 آلاف منزل هدم كلي ) و ( 3417 منزل ضرر بليغ)، أما الأضرار الجسيمة فقد بلغت ( 3700) منزل، وبلغت الأضرار الجزئية ( 123830 منزل). فبنظرة أولية، وبعد مرور عامين على انتهاء الحرب، فإن الإنجاز في إعادة الإعمار أرقام لا تستوي للأرقام المسجلة للمتضررين، فالهدم الكلي لم ينجز إلا ( 104 ) منازل التي تم إعادة بناؤها و( 2065) منزل في مرحلة البناء، وجزء كبير منها متوقف البناء فيه نتيجة عدم توفر الدفعات المالية، ومازال هناك ما يقارب (55 ألف منزل ) لم يتسلم أصحابها مبالغ مالية لإكمال إصلاح منازلهم.. هذه الأرقام تشير وتدلل وتؤكد على أنه سيمر وقت طويل من أعمارنا ونحن في إعادة الإعمار، فبعد انعقاد مؤتمر القاهرة والتي تم الاتفاق على اعادة إعمار قطاع غزة بمبلغ ( 5 مليار و400 مليون دولار ) حيث قدمت وكالة الغوث خطة لإعادة إعمار منازل اللاجئين والمؤسسات بمبلغ ( 720) مليون دولار، ولكن عند التنفيذ، وجدنا إن هناك معيقات كثيرة، فمنها خطة ( سيري ) لتوريد مواد البناء ( السيستم ) والذي أضحى مكبلاً ومعيقاً لإعادة الإعمار، ففي حالة توفر الأموال لا تتوفر مواد البناء والعكس أيضاً، وبناءً على البيانات للبنك الدولي فإنه وصل قطاع غزة ما قيمته (مليار و300 مليون دولار ) وما وصل إلى وكالة الغوث منها لا يتجاوز(260 مليون دولار) والتي دفع منها ما يقارب ( 25 مليون دولار ) بدل إيجار ونستنتج من ذلك أن عملية الإعمار لم تتجاوز 20% .
تغيرات وحروب
* هناك لوم لوكالة الغوث واتهامها بالتقصير في قضية عملية الإعمار.. ما صحة ذلك ؟
- وكالة الغوث هي جهة داعمة للاجئين الفلسطينيين، وهي التي تتحمل مسؤولية حماية المخيمات باعتبارها تحت ولايتها القانونية.. نحن ندرك أن موضوع إعادة الإعمار قد أثر بالسلب على الممولين لوكالة الغوث، حيث أن ما يحدث من تغيرات وحروب قد أثر على المنح المالية التي تقدم للوكالة، وكثير من الدول قد وجهت اهتماماتها إلى الملف السوري والملف اليمني وفقدنا كفلسطينيين الكثير من التعاطف، وكذلك من التمويل ويمكن أن ألوم وكالة الغوث أنها بعد هذه السنوات ليس لديها القدرة المالية الثابتة والتي تستخدمها في تغطية برامجها بل تعتمد على ممولين مختلفين لتغطية البرامج .
* نسمع عن تعويضات ومنح تقدم من الكويت وغيرها لأصحاب المنازل.. ما حقيقة هذه التعويضات؟
- نعم.. الكويت دولة صادقة بتعاملها وفي تحقيق التزاماتها أمامنا كفلسطينيين، وحقيقة أنها التزمت بما تعهدت به في مؤتمر إعادة أعمار غزة بالقاهرة، وتقدم دفعات مالية باستمرار، حيث موزعة هذه الأموال على أكثر من جانب، منها وزارة الأشغال العامة ووكالة الغوث والـ UNDP وهذا يعطي جزءاً ليس بالبسيط وخاصة أصحاب المنازل الهدم الكلي، حيث أن الكويت تكفلت بما قيمته 200 مليون دولار منها إعادة بناء منازل 75 مليون دولار وهناك مبالغ أخرى تكفلت بها في مشاريع تنموية في قطاع غزة .
مشردون في كرفانات
* هل مازال هناك مشردون في مراكز الإيواء؟
- لا يوجد الآن مراكز إيواء، ولكن مازالت ما يقارب (8000 أسرة) لا يقطنون منازلهم فمنهم من يسكن في الكرفانات، حيث سيمر عليهم الموسم الثالث من البرد والشتاء، ونعرف قيمة الأخطار التي يتعرضون لها كل عام، والآخرون حياتهم مرتبطة بقيمة الإيجار الذي يقدم لهم من وكالة الغوث لتغطية أجرة المنازل المؤقتة التي يقطنونها، حيث أننا في الأيام البسيطة المقبلة سنجد أزمة جديدة لهؤلاء لعدم توفر أموال لدى وكالة الغوث لتغطية أجرة المنازل في الشهور المقبلة، وهذا الأمر يزداد سوءاً لعدم توفر ممولين وعدم التزام كثير من الدول بما تعهدت بهِ في مؤتمر إعادة الإعمار التي لم تفِ التزاماتها .
حرب رابعة
* ما هي صورة الوضع في حال تعرض القطاع لحرب رابعة ؟
- نحن مازلنا نعيش نتائج الحرب الأخيرة على غزة عام 2014، ومازالت آثرها ظاهر للعيان، ومازالت معاناة أهلنا مستمرة، ففي حال تعرضنا لحرب جديدة فمقومات صمودنا ضعيفة، والبنية التحتية متهالكة، فمازال قطاع غزة يعيش أزمتين متتاليتين من الكهرباء والماء، والحصار الذي أصبح ضارباً جذوره في كل مناحِ حياتنا.. لا يوجد لدينا أي قدرة في حرب جديدة،، لن نجد مكان يأوي أهلنا ولن نجد من يوفر القوت لأولادنا فالوضع والصورة مأساوية .
دور مميز
* أنتم في اللجنة الشعبية للاجئين.. ما هو دوركم الإغاثي في مثل هذه الظروف، وماذا قدمتم للمهجرين؟
- بداية نحن كلجنة شعبية في مخيم البريج التي تتبع لمنظمة التحرير الفلسطينية المسؤولية الملقاة على عاتقها هو الجانب السياسي والحفاظ علي الحق التاريخي، ولكن نتيجة التغير في واقعنا وازدياد الوضع سوءاً كان لنا الدور المميز في التخفيف قدر المستطاع عن أهلنا، فأصبحت لدينا مسؤولية في متابعة كل الإشكاليات ما بين وكالة الغوث والمتضررين، وكان لنا الدور المميز، كذلك في إدارة مراكز الإيواء، حيث أننا قمنا بتوفير ما نستطيع في البداية من إمكانيات للحياة في مراكز الإيواء، والتنسيق المستمر والضغط على وكالة الغوث بتوفير ما يلزم لمراكز الإيواء، وتكون ملائمة للعيش بقدر المستطاع .
خطة سيري
* ما هي رسالتكم للجهات المانحة؟
- إن الحصار أضحى ظلماً على شعبنا الفلسطيني ويمس كل جوانب حياتنا، وما تم الاتفاق عليه من برنامج إعادة الإعمار قد زاد الأمر سوءاً، فخطة " سيري " تسير بشكل أكثر تعقيداً وفي أي لحظة نعاقب بعدم إدخال مواد البناء، فكل شيء مرتبط بهذه الخطة التي يجب إعادة النظر بها، وكذلك نناشد الدول التي شاركت في مؤتمر إعادة الإعمار أن تفي بالتزاماتها المالية لتستطيع المؤسسات المكلفة بتنفيذ إعادة الأعمار وإنجازه .