دعم ترامب اللامحدود لاسرائيل يهيء الارضية
لحل الدولة الواحدة ثنائية القومية
هناك من يعوّل كثيراً على دور ادارة الرئيس الاميركي المنتخب دونالد ترامب الاتية في اوائل العام القادم بأن تلعب دورا فعالا في تحقيق السلام بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي بعد أن أعلن الرئيس المنتخب بأنه سيعمل جهده للتوصل الى اتفاق بين الجانبين. ولكن هذا التفاؤل في غير مكانه لعدة أسباب ومن أهمها اهتمامه بالقضايا الداخلية الآتية:
1. الرئيس ترامب يحتاج الى وقت كبير ليدرس الملفات بعد تسلمه منصبه يوم 20/1/2017. ولن يبدأ بتنفيذ سياسته ومنهجه إلا بعد مرور ثلاثة اشهر على الاقل على توليه الرئاسة، أي الى اواخر شهر نيسان القادم.
2. وعد الرئيس ترامب بالاهتمام بالشؤون الداخلية في اميركا ومن بينها اعادة تأهيل البنى التحتية، وهذه تحتاج الى جهد كبير في التخطيط والتنفيذ، كما انه سيعمل على تطوير وتعديل القوانين!
3. وعد بأن يعمل على طرد اللاجئين أو النازحين الاجانب المقيمين باميركا بصورة غير شرعية، وهذا يحتاج الى سن قوانين، وكذلك الى تنفيذ اوامر، وملاحقة هؤلاء، وهذه العملية ليست سهلة.
4. لم يتردد في تجديد وعده، حتى بعد انتخابه، بأن يقوم ببناء جدار يفصل اميركا عن المكسيك لمنع التهريب، والدخول الى اميركا بصورة غير شرعية، من قبل اللاجئين الى اميركا، أي لمنع التسلل ايضا!
أما فيما يتعلق بالقضايا الخارجية، فانه يريد تعزيز علاقاته مع روسيا، ووضع يده معها من أجل محاربة الارهاب، وخاصة تنظيم داعش واخواته من المجموعات "الفواحشية" العديدة تحت مسميات عديدة. ومحاربة الارهاب ليست عملية سهلة، تحتاج الى وقت كما تحتاج الى المزيد المفاوضات مع روسيا، وتحتاج الى دراسة لوضع خطة شاملة لتجفيف منابع الدعم لهذه التنظيمات الارهابية.
وطبعا هناك مشاكل خارجية عديدة لا بدّ من دراستها واتخاذ القرار المناسب لها.
خلاصة القول انه سيكون مشغولا، وسيكون ملف القضية الفلسطينية على الرف، وهناك عوامل تساهم في وضعه جانبا ومن أهمها:
· لا يريد ترامب ان يُغضب القيادة الاسرائيلية فهو داعم لها، ووعدها بعلاقات قوية متينة.
· قال خلال حملته الانتخابية انه لا يمانع ضم مستوطنات الضفة الى اسرائيل.
· ووعد ايضا خلال حملته الانتخابية بنقل السفارة الاميركية من تل أبيب الى القدس ليؤكد ان القدس الموحدة هي عاصمة ابدية لاسرائيل، وهذا ما وعد به الرئيس الاميركي السابق جورج بوش الابن في رسالة الضمانات الاميركية التي وجهها لرئيس الوزراء الاسرائيلي وقتئذ اريك شارون في نيسان عام 2004. وقد وعد رؤساء اميركيون سابقون بذلك، ولكنهم لم ينفذوا وعدهم، ولكن ترامب سينفذ ذلك ليؤكد العلاقة القوية مع اسرائيل، وانه صديق وفي وصادق لها، ولن يتراجع عن وعوداته!
انطلاقاً مما ذكر، فان الرئيس المنتخب ترامب لن يتدخل في موضوع القضية الفلسطينية، بل بالعكس سيكون تعامله جافا وجلفا مع القيادة الفلسطينية، والرؤساء الجمهوريون هم في العادة موالون لاسرائيل، وانه من الصعب ان يلتقي الرئيس ترامب بالرئيس عباس في المستقبل القريب جدا.
ترامب معني بدعم اللوبي الصهيوني له، وقد ينفذ طلباته من أجل تعزيز مكانته الداخلية. ولذلك فان القضية الفلسطينية ستبقى تراوح مكانها، وسيكون هناك جمود سياسي، وستواصل اسرائيل بناء المستوطنات في الضفة.
ودعم ترامب لاسرائيل، قد يعتبر موقفا سلبيا تجاه القيادة الفلسطينية الحالية، ولكنه على ارض الواقع فانه يخدم القضية الفلسطينية على المدى البعيد، لان هذا الدعم سيعزز وسيقوي حل الدولة ثنائية القومية اذ ان الواقع على الارض سيفرض ذلك على اسرائيل بعد عدة سنوات.. وهذا ما يخشى منه كبار مفكري دولة اسرائيل اليمينيين لان دعم ترامب سيقود اسرائيل الى الغوص في مستنقع الدولة ثنائية القومية. وفي حالة فوز ترامب بولاية ثانية عام 2020، فانه في ولايته الثانية قد يتفق مع روسيا، اذا كان هناك تعاون ووفاق، على تحقيق حلم الفلسطينيين باقامة دولة علمانية، وهذا ما كانوا يدعون اليه منذ عشرات السنوات!