مقتل اسرائيليين واصابة 7 باطلاق النار
العوامل المساعدة لاستمرار التوتر في القدس
قبيل الساعة العاشرة والنصف من صباح الاحد الموافق 9/10/2016، قام فلسطيني، يبلغ من العمر 39 عاماً، باطلاق النار من سيارته على ركاب ينتظرون الصعود الى القطار الخفيف في محطة تلة الذخيرة، مقابل المقر الرئيسي للشرطة الاسرائيلية في الشيخ جراح.. وواصل سيره في سيارته، ولحقت به دراجة نارية للقوة الخاصة الاسرائيلية المعروفة باسم "يسام"، وحاولت اطلاق النار عليه، فأطلق النار على الشرطيين من القوة الخاصة، فقتل الضابط يوسف كيرما (29 عاماً)، واصيب رفيقه برجله.
وبعد تبادل اطلاق النار قتل الفلسطيني الذي يدعى مصباح أبو صبيح (أبو العز)، واصيب في هذه العملية حوالي سبعة آخرين، ومعظمهم، حسب المصادر الاسرائيلية، هم مدنيون، والقتيلة في هذا الحادث امرأة اسرائيلية تدعى ليفانا مليخي (60 عاماً) عملت موظفة في الكنيست لمدة 30 عاماً، وام لثلاث بنات، وجدة لسبعة احفاد!
من هو مصباح أبو صبيح
منفذ العملية هو مصباح أبو صبيح من سكان سلوان أساساً، وتقيم بعض افراد عائلته في منطقة الرام، اذ انه صدر بحقه امر ابعاد عن المسجد الاقصى لمدة ستة شهور، وهو ساري المفعول حتى لحظة استشهاده. اعتقل لمدة عام كامل، واطلق سراحه. وفي العام 2013 اعتقل بتهمة الاعتداء على شرطي، ومن ثم افرج عنه، واغلق الملف، ولكن تم فتحه مجددا في العام 2015. وصدر حكم بسجنه لمدة اربعة شهور كان من المفروض ان يدخل السجن لقضاء محكوميته في ايار المنصرم، ولكنه طلب تأجيله الى يوم الاحد 9/10/2016 ووافقت المحكمة على ذلك.
يسمى بـ "أسد الاقصى" لانه من المرابطين فيه والمدافعين عنه. له علاقات اجتماعية قوية في منطقة سلوان، ولذلك فهو محبوب جماهيريا في تلك المنطقة، متزوج واب لثلاث ابناء وبنتين، أكبرهم عز، ولذلك كان يُدعى أيضا بـ "أبو العز".
تمت مصادرة السيارة البيضاء التي كان يستقلها، وكذلك سلاحه الاتوماتيكي، كما قامت اسرائيل بالاحتفاظ بالجثة، ومنعت العائلة من اقامة بيت عزاء في القدس، فقررت اقامته في منطقة الرام.
وكانت السلطات المحتلة قد اعتقلت والد الشهيد مصباح، ومن ثم اطلق سراحه. وشنت حملة اعتقالات شملت العديد من ابناء العائلة "أبو صبيح"، وابناء منطقة سلوان. وبناءً على طلب جهاز الامن العام، اصدر القاضي امراً قضائياً يحظر فيه نشر أية معلومات عن التحقيق الجاري حول: من أين حصل على السلاح "الغالي"، وكذلك من دفع له ثمن السيارة ومواضيع أخرى!
عملية مباغتة
لم تتوقع السلطات الاسرائيلية وقوع هذه العملية، ولم تكن هناك انذارات حول امكانية وقوع عمليات مقاومة، وكذلك يتواجد في القدس حوالي اربعة آلاف شرطي لتوفير الامن في القدس بسبب قرب حلول عيد الغفران (يوم 12/10/2016)، ويتبعه عيد المظلة (العرش) الذي يستمر لمدة اسبوع كامل.
هناك تساؤلات تطرح: هل كان هناك تقصير امني، خاصة ان ابو صبيح له نشاطات امنية؟ وهو من الناشطين في الدفاع عن الاقصى، وهو ينتمي الى فصيل ديني "حماس" أو الجهاد الاسلامي اذ ان الحركتين باركتا العملية، واشارتا الى تبنيها!
وتساؤلات اخرى تطرح: هل استمرار مداهمة واقتحام الحرم سيؤدي الى استمرار وقوع عمليات مماثلة؟ وماذا عن التوقيت، هل اعد "أبو صبيح" نفسه للقيام بعملية قبيل الاعياد اليهودية لذلك لم يدخل السجن قبل شهور بل اجل ذلك الى يوم 9/10/2016، يوم القيام بعمليته؟ هل هناك من ساعده في ذلك؟ من موّله؟ هل هناك علاقة لحركة حماس او الجهاد الاسلامي بالعملية؟ هل هناك مخططات للقيام بعملية اخرى؟
هذه التساؤلات ستجيب عليها الاجهزة الامنية بعد ان تُلغي قرار منع نشر أي تفاصيل عن العملية، وبعد ان يكمل التحقيق وتكتمل الصورة.
رد فعل اسرائيلي غاضب ومندفع
بعد القيام بهذه العملية، شددت اسرائيل اجراءاتها على المعابر مع الضفة الغربية، وكذلك وضعت حواجز في وسط المدينة، اضافة الى اغلاق شوارع، وابواب البلدة القديمة لفترة وجيزة، واضافة ايضا الى ان سيارات الشرطة كانت تسير بصورة جنونية!
هناك تصريحات عديدة غاضبة ضد ابناء القدس، وكذلك تصريحات تطالب بتشديد الاجراءات القمعية. وبعض الوزراء نادوا باستمرار اقتحام الحرم القدسي الشريف او تصعيد البناء الاستيطاني في القدس والضفة الغربية.
ردود فعل فلسطينية
تفاوتت ردود الفعل الفلسطينية بين الفصائل الفلسطينية. وكما ذكر سابقاً، قامت حركتا الجهاد الاسلامي وحماس بالترحيب بالعملية ومدحتها. واعتبرتها رد فعل طبيعي على وجود الاحتلال.
حركة "فتح" في القدس اعلنت عن اضراب حداد عام في وسط المدينة، التزم فيه فقط من هم داخل وحول المدينة. أما في الضواحي فبقيت المحال التجارية مفتوحة امام المواطنين. العديد من الفصائل الاخرى اصدرت بيانات دعم للعملية.
عوامل مساعدة..
هناك عدة عوامل مساعدة ومحرضة على القيام بمثل هذه العمليات ومن اهمها:-
1. استمرار قيام يهود متزمتين ومستوطنين باقتحام المسجد الاقصى بحراسة وحماية الشرطة الاسرائيلية.
2. تصريحات استفزازية لمسؤولين اسرائيليين بضرورة تقسيم اداء الصلاة في الحرم زمنياً، وكذلك سن قوانين تؤكد حق اليهود في ذلك.
3. غياب افق لتحرك سياسي!
4. تدهور الوضع الاقتصادي في المناطق الفلسطينية وخاصة في القدس.
5. الاجراءات الاسرائيلية اليومية بحق ابناء القدس، والتعامل معهم بصورة عنصرية ومذلة ايضا.
6. هناك تشجيع اعلامي من الفصائل الفلسطينية لاستمرار "انتفاضة القدس" وذلك عبر وسائل الاعلام!
وماذا بعد؟
تساؤلات يطرحها المواطن الفلسطيني ابن القدس: ماذا بعد؟ هل يستمر هذا الوضع؟ والى متى؟ والى أين؟ وكيف؟ ومن المسؤول؟ ومن يدفع الثمن!
الاجابة على هذه التساؤلات ليست بالامر السهل، لان المعطيات معقدة وواردة من عدة جهات واطراف. والقدس تبقى نقطة التحول في النضال ضد الاحتلال.