العرب وحدهم الخاسرون من نتائج الانتخابات الرئاسية
لانهم ليسوا حاضرين لا على الساحة الاميركية ولا الساحة الدولية
كلينتون قد تكون الاوفر حظاً لان الشعب
يريد تجربة قيادة امرأة له
المرشحان يؤيدان اسرائيل ولن يستطيع احد منهما
المس بالعلاقات التحالفية معها
بدأ السباق بين مرشحة الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون والمرشح الجمهوري دونالد ترامب، وستجري الانتخابات في بداية شهر تشرين الثاني القادم. وسيقوم الشعب الاميركي بانتخاب الرئيس رقم 45 في تاريخ الولايات المتحدة، واذا فازت هيلاري كلينتون فستكون المرأة الاولى التي تتولى هذا المنصب الرفيع.
أيهما أفضل حظاً بالفوز؟ ومن هو الافضل لاميركا؟ ومن الافضل للعالم كله؟ هذه تساؤلات يطرحها كثيرون، ولكن مهما كان رأي الخارج حول هذه المرشحة وذاك المرشح، فان صاحب الكلمة الاولى، وصاحب القول الفصل هو الشعب الاميركي، وهذا بالطبع يعتمد على الوعودات التي يقطعها كل من المرشحين اولا بالنسبة للامور الداخلية، لأن الاميركيين معنيون أولاً وأخيراً بأوضاعهم الداخلية من اقتصاد واستقرار وحياة هادئة وآمنة، أما فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، فان ذلك يأتي بالدرجة الثانية ولربما في الدرجة الاخيرة. ولذلك فان الوعودات التي تقدم في غالبها تتحدث عن الوضع الداخلي وتحسين الاقتصاد، وتخفيف الضرائب واحداث تغيير كبير لصالح المجتمع الاميركي!
مقارنة بين كلينتون وترامب
اذا أردنا المقارنة بين كلينتون وترامب بصورة موضوعية، فانه يمكن القول بأن كلينتون تمتاز بعدة أمور ومن أهمها:-
1. هي امرأة، والمجتمع الاميركي لربما يريد تجربة وللمرة الاولى قيادة اميركا من قبل هذه المرأة.
2. تمتاز بخبرة سياسية اذ كانت عضو مجلس الشيوخ لمدة 8 سنوات كاملة عن ولاية نيويورك (عام 2001 الى عام 2009)، وتولت وزارة الخارجية لاربع سنوات كاملة.
3. مرّت بساعات وايام عصيبة عندما كانت سيدة اميركا الاولى عندما كان زوجها بيل كلينتون رئيسا لولايتين متتالية، واثبتت أنها قوية وقفت الى جانب زوجها ولم تبعه أو تتخلى عنه في فضيحة "مونيكا" الشهيرة. كما انها وقفت الى جانب زوجها لدى توليه الرئاسة، وبالتالي تعرف جيدا دهاليز السياسة الاميركية، وكيفية ارضاء الشعب الاميركي الذي احب كلينتون وانتخبه لولايتين متتاليتين، وفي عهده تحسن وضع الدولار، والوضع الاقتصادي.
4. هي مثقفة تحمل درجة الدكتوراة في القانون، وشاركت في اعداد العديد من المشاريع لدعم الطفل والفقراء. ويذكر أنها درست في افضل الجامعات الاميركية وتخرجت منها وهي جامعة ييل (Yale).
5. تبلغ من العمر 69 عاماً، وهي ما زالت قوية العقل والبنيان.
أما ترامب فانه يمتاز بالامور التالية:
1. يبلغ من العمر 70 عاماً، وهو في صحة جيدة.
2. متقلب المزاج اذ تزوج ثلاث مرات.
3. هو من عائلة ثرية جدا، اذ انه يملك مع العائلة شركة قوية جدا. وهو ملياردير.
4. لديه خبرة اقتصادية جيدة لانه رجل اعمال لسنوات طوال، ويعرف ما يحتاجه الاقتصاد أو ارباب العمل.
5. شجاع في تصريحاته لا يخاف من احد.
6. لم يكتسب أي خبرة سياسية.
7. يقف بحزم ضد الهجرة الى اميركا وخاصة المهاجرين "المسلمين"!
8. يقف بحزم ضد الاسلام السياسي او المعتدل بعكس موقف اوباما، ولربما بعكس كلينتون ايضا التي قد تواصل نهج اوباما في التعامل مع القوى الاسلامية في العالم.
وخلاصة المقارنة العامة، فان لكل منهما ميزات، والشعب الاميركي هو الذي سينتخب وسيختار الرئيس الـ 45 للولايات المتحدة. والشعب الاميركي يتأثر ايضا باللوبيات العديدة المتواجدة على الساحة الاميركية الداخلية، وأهم تلك اللوبي الصهيوني الذي لم يحدد دعمه بعد، اذ انه يدرس من سيفيد اسرائيل اكثر في السنوات القادمة، وبالتالي سيقف الى جانبه!
موقف اسرائيل من المرشحين
اسرائيل تراقب الوضع العام في اميركا والحملات الانتخابية، وماذا يقول كل من المرشحين حول العلاقات الاميركية الاسرائيلية. ويذكر ان دونالد ترامب اراد زيارة اسرائيل، ولكنه لم يأت لان رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو اعتذر بعد ان ادلى ترامب بتصريحات استفزازية ضد "الاسلام"، ولذلك تجنب نتنياهو الدخول في مشاكل، مع انه من مؤيدي الحزب الجمهوري.
ومن ناحية أخرى فان المرشح لتولي منصب نائب الرئيس الاميركي، أي نائب كلينتون فهو السيناتور الديمقراطي الذي قاطع كلمة نتنياهو امام الكونغرس الاميركي قبل عدة سنوات، واعتبرها الرئيس الاميركي اوباما تدخلا اسرائيليا بالشأن الداخلي الاميركي، لانه كان يحرض ضد ايران، ويحرض الكونغرس الاميركي ضد توجهات اوباما. كما ان اسرائيل عاتبة على ساندرز المرشح للرئاسة والذي تنازل لكلينتون، وهو يهودي الديانة، لانه ادلى بتصريحات ضد الاستيطان، وايد حل الدولتين، وهذا بالتالي ازعج اسرائيل قليلا.
المرشحان بالاجمال يؤيدان بقاء علاقة مميزة وقوية بين اسرائيل والولايات المتحدة، لكن ترامب رفع شعاراً زاد من قلق اسرائيل حول مستقبل هذه العلاقة بالقول "المساعدات مقابل خدمات"، أي ان كل من يحصل على مساعدات اميركية، عليه ان يقدم خدمات مقابل ذلك، وهو يقصد دول الخليج العربي اكثر من قصده اسرائيل.
بالنسبة لاسرائيل، ترامب افضل من ناحية وقف اميركا دعمها للاسلام السياسي المعتدل، وقد تكون هناك سياسة اميركية خارجية مختلفة في منطقة الشرق الاوسط. وهذا يعني ضرب التيارات الاسلامية مهما كان تصنيفها.
في حين ان كلينتون ستواصل سياسة اوباما التي تدعم بصورة غير مباشرة "الارهاب"، أو المعارضات المعتدلة، وسيبقى الشرق الاوسط يعاني؟ وهذه سياسة يتم التحفظ عليها.
بالنسبة لترامب فان لا مانع لديه بضم الضفة الى اسرائيل، او ضم المستوطنات في الضفة لاسرائيل، وقد لا يهتم بتحقيق أي اتفاق مع الفلسطينيين، وهذا امر جيد بالنسبة لاسرائيل لانه لن يقف ضد الاستيطان، ولن يضغط عليها لقبول حل الدولتين، او الانسحاب من مناطق الضفة المحتلة، وهذا قد يكون جيدا على المدى القريب، ولكنه قد يكون سلبيا على المدى البعيد اذ ان مثل هذه السياسة ستؤدي الى حل واحد وهو دولة واحدة ثنائية القومية، وهذا ما لا تريده الحركة الصهيونية في العالم، لانه يعني "ذوبان" الدولة العبرية.
وبالمقابل فان هيلاري كلينتون قد تواصل سياسة اوباما، وتواصل انتقادها لسياسة الاستيطان ودعمها لحل الدولتين، وهذا لا يرضي اسرائيل. وقد تواصل دعمها لاسرائيل وقد تكون الافضل في ذلك لانها بعد توليها الرئاسة تريد رضى اللوبي الاسرائيلي، وتريد من يصفق لها. واللوبي الصهيوني او الاسرائيلي هو الاقوى في اميركا.
اذا فاز ترامب فهناك امكانية في تراجع اميركا عن الاتفاق النووي مع ايران، وهذا ما تريده اسرائيل، في حين ان كلينتون ستواصل احترامها لهذا الاتفاق.
واذا تولى ترامب الرئاسة الاميركية فانه قد يحسن علاقات الولايات المتحدة مع روسيا، وخاصة مع الرئيس الروسي بوتين ويتجنب الحرب الباردة، في حين ان كلينتون ستواصل سياسة عدم التوصل الى اتفاقات مع روسيا، وابقاء العلاقة متوترة، علاقة شراكة لكن من دون توافق على كل الامور الدولية.
في الخلاصة فان اسرائيل ستكون الفائزة والرابحة اذا فاز أي من المرشحين، لانها تضمن علاقات قوية مع الرئيس الجديد، ولانها تملك نفوذا قويا داخل الكونغرس الاميركي، لذلك أي رئيس قادم لن يستطيع المس بالتحالف الاستراتيجي القوي بين اسرائيل واميركا.
العرب هم الخاسرون
سواء ربح ترامب أو كلينتون، فان الدول العربية تبقى الخاسرة لانها مضطرة لطاعة السياسة الاميركية وخاصة دول الخليج العربي. كلينتون ستواصل سياسة اوباما في دعم الاتفاق النووي مع ايران، وهذا ضد التوجه الخليجي. في حين ان ترامب سيطلب خدمات من السعودية ودول الخليج مقابل توفير الحماية لهذه الدول، وقد يكون تعامله مع قادة هذه الدول قاسيا أو شديدا. ولان مواقفه ضد التيارات الاسلامية المتشددة والمتطرفة وخاصة الاسلام الوهابي، فلا يستبعد احد ان يقف ضد السعودية، ويأمرها بوقف الحرب على اليمن وتهدئة الاوضاع في الشرق الاوسط.
العرب خاسرون لانه ليس لديهم "لوبي" مؤثر على الساحة الاميركية، كما انه ليس لديهم حضور على الساحة الدولية ايضا. ولذلك فهم الذين يدفعون الثمن؟
والسعودية وقطر وتركيا قد تواجه (هذه الدول) سياسة اميركية مختلفة، لا دلال فيها، ولا غض الطرف عن الكثير من الممارسات الداخلية، او الدعم الواضح للارهاب في سورية والعراق وعدة مناطق في عالمنا العربي، اذا فاز ترامب بالرئاسة الاميركية، اما اذا فازت كلينتون فيبقى الوضع على ما هو عليه، واذا لم تغير من سياسة سلفها اوباما فقد لا تفوز بولاية رئاسية ثانية!
في الختام، فان كلا من المرشحين يتنافسان على تقديم افضل خدمة للشعب الاميركي، الذي هو صاحب الكلمة الاخيرة في انتخاب واختيار من يريد. وكما اننا نعطي الشعب الاميركي حقه في تقرير مصيره، وانتخاب رئيسه، فعلى اميركا ان تحترم الشعوب العربية وخاصة الشعب السوري في اختيار وانتخاب من يريد. وكفى تدخلاً بالشؤون الداخلية لدول العالم وخاصة دولنا العربية بأدوات مرتزقة ورخيصة!
هيلاري كلينتون في سطور:
· الاسم الكامل: هيلاري ديان رودهام كلينتون
· تاريخ الميلاد: 26/10/1947 في شيكاغو/ الينوي
· زوجة الرئيس الاميركي بيل كلينتون، الرئيس الـ 42 الذي تولى الرئاسة عام 1993 – عام 2001.
· عضو مجلس الشيوخ الاميركي من عام 2001 – 2009.
· تخرجت هيلاري رودهام في كلية وليسلي عام 1969
· درست الحقوق في جامعة ييل (Yale) وحصلت على شهادة الدكتوراة عام 1973.
· عملت مستشارة قانونية في الكونغرس الاميركي
· في اركنساس تزوجت عام 1975 من الرئيس بيل كلينتون
· تولت منصب وزيرة خارجية اميركا في ولاية الرئيس اوباما الاولى من عام 2009 – 20013.
· خلال تواجدها في الكونغرس دعمت العمل العسكري في حرب افغانستان وقرار احتلال العراق، ولكن اعترضت فيما بعد على اسلوب الرئيس جورج بوش في ادارة الحرب، وعلى معظم سياساته الداخلية.
· 15 نيسان 2015 اعلنت عن خوضها للمرة الثانية ترشيحها للانتخابات الرئاسية عام 2016.
دونالد ترامب في سطور:
· دونالد ترامب هو رجل أعمال وتاجر عقارات، ولد عام 1946، وهو الإبن الرابع لواحد من أشهر اقطاب تجارة العقارات الأمريكيين فريد ترامب.
· ولد ترامب لأم تنحدر أصولها من جزيرة ليوس شمال إسكتلندا، وهاجرت إلى الولايات المتحدة في نهاية الثلاثينيات.
· أرسله والده إلى المدرسة العسكرية، ولم يتعد سنه الثالثة عشرة، بعدما أظهر سلوكا مشاغبا في المدرسة.
· درس وتخرج في كلية وارلتون (جامعة بنسلفينيا)، والتي تعتبر من أرقى المدارس التي تخرج منها رجال أعمال معروفون.
· أصبح ترامب المرشح لخلافة والده في إدارة شركاته، بعد أن اختار شقيقه الأكبر أن يكون طيارا.
· مات شقيقه الأكبر بسبب الافراط في تناول الكحول، ولم يتجاوز 43 عاما، وكان ذلك سببا في إقلاع ترامب عن التدخين والكحول طوال حياته.
· تزوج ترامب ثلاث مرات، وكانت العداءة وعارضة الأزياء التشيكية إيفانا تزيلينيكوفا أشهر زوجاته.
· تزوج بعدها بالممثلة السينمائية مارلا مابليس عام 1993، لكنهما تطلقا عام 1999.
· تزوج مرة ثالثة من زوجته الحالية عارضة الأزياء ميلانيا كونس، وهي من أصول سلوفاكية، وأنجب منها ولدا اسمه بارون ويليام.
· ابدى ترامب طموحه السياسي في الوصول إلى كرسي الرئاسة الامريكية منذ عام 1987، ودخل السباق الرئاسي لأول مرة عام 2000 مرشحا عن حزب صغير.
· بعد 2008 أصبح ترامب أشهر المتحدثين في حركة "بيرثر" التي جادلت في ذلك الوقت حول مكان ولادة الرئيس الحالي باراك أوباما، وتساءلت ما إن كان أوباما ولد في الولايات المتحدة أم في الخارج.