قام وزير خارجية مصر، سامح شكري، بزيارة مفاجئة لاسرائيل يوم الاحد الموافق 10/7/2016 اجتمع خلالها مع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، مرتين، الاولى في مكتب نتنياهو في رئاسة الوزراء، وفي الثانية على مأدبة عشاء اقامها نتنياهو على شرفه في مقر اقامته في غربي القدس. وهذه اول مرة يقوم فيها وزير مصري بزيارة اسرائيل بعد شبه قطيعة استمرت حوالي 10 سنوات.
لاقت هذه الزيارة ترحيبا وانتقادا في آن واحد، الانتقاد جاء من مناوئي اسرائيل، والترحيب من مؤيدي وداعمي السياسة المصرية. ما هي أهداف هذه الزيارة وما حققته على أرض الواقع؟
الأهداف المصرية
لقد كانت في جعبة الوزير عدة اهداف أراد تحقيقها عبر هذه الزيارة لاسرائيل ولقاء نتنياهو، ومن أهمها:
1. الطلب من اسرائيل عدم معاداة واستفزاز مصر من خلال دعم نشاطات افريقية معادية لمصر مثل اقامة سد النهضة في اثيوبيا، وكذلك من خلال تحريض الدول الافريقية للوقوف ضد مصر، أو السياسة المصرية.
2. ضرورة أن يكون هناك تعاون مصري اسرائيلي على الساحة الافريقية، واذا كان هناك أي تنافس فليكن بصورة هادئة وبصورة حرة ومنطقية.
3. ابلاغ اسرائيل بقلق مصر من الاتفاق التركي الاسرائيلي وخاصة في عدة أمور وأهمها:
أ. يجب عدم شطب معبر رفح، وجعل ميناء أسدود بديلاً عن هذا المعبر، اذ ان اسرائيل تحول البضائع التركية الى القطاع عبر ميناء اسدود بعد تفتيشها والسماح بدخولها، وهناك نية لتصدير بضائع القطاع عبر أسدود، او السماح لابناء قطاع غزة بالسفر عبر اسرائيل، أي بمعنى آخر ربط القطاع باسرائيل، وابعاده عن عمقه العربي.
ب. ألا يسمح فقط للبضائع التركية بدخول القطاع، بل السماح لبضائع من الضفة والاردن ومصر بدخول القطاع حتى لا يتحول القطاع الى سوق تركي فقط.
ت. ضرورة ان تُطلع تركيا واسرائيل السلطة الفلسطينية في رام الله عن أي مشاريع ستقام في القطاع. والا تقوم اسرائيل بشطب دور القيادة في رام الله.
4. العمل على احياء مسيرة التفاوض للتوصل الى اتفاق حول قضايا الوضع النهائي، واستعداد مصر لاستضافة هذه المحادثات في القاهرة، أو في القدس بمشاركة ورعاية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. وضرورة قيام اسرائيل بوقف أي اجراءات تعرقل مثل هذا التحرك.
5. التعاون المشترك في مواجهة الارهاب وخاصة في سيناء، اذ يقوم كل طرف بمسك حدود بصورة ناجعة وفعالة، وكذلك منع تسلل الافارقة الحدود الاسرائيلية عبر سيناء.
6. ضرورة اعتراف اسرائيل بالمبادرة العربية للسلام المقرة والمصادقة عليها في قمة بيروت عام 2002. وهناك امكانية لعقد مؤتمر اقليمي حول هذه المبادرة. واسرائيل ترحب بأي نشاط أو فعل اقليمي، ولن تقبل بالمبادرة العربية الا بعد اجراء التعديلات عليها، واهمها شطب "حق العودة"!
المحادثات كانت جادة
عكس ما قيل وأعلن من ان هذه المحادثات كانت سهلة، وفي اجواء جيدة جدا، فانها كانت جادة اذ ان مصر جاءت الى اسرائيل لتحذرها من اللعب بالنار، والظن بأن مصر ضعيفة وليس بمقدورها عمل أي شيء لمواجهة التحرك الاسرائيلي في افريقيا. واكدت مصر عبر وزير الخارجية سامح شكري ان على اسرائيل ان تلزم حدودها، والا تناور وتراهن على الخلافات العربية، وتستخدم الورقة التركية لابتزاز مصر أو السلطة الفلسطينية. وان مصر مدعومة من الدول العربية المعتدلة وفي مقدمتها السعودية. أي أن شكري جاء الى اسرائيل لتبليغها رسائل واضحة وجادة، والا تظن قيادتها ان الساحة الافريقية أو كل الأمور والمعطيات هي تحت تصرفها!!
أسباب الترحيب الاسرائيلي
اسرائيل رحبت بالزيارة لانها تعزز العلاقات الثنائية وخاصة بعد ان قام الرئيس عبد الفتاح السيسي بتعيين سفير جديد لمصر في اسرائيل بعد غياب للسفير استمر عدة سنوات. ورحبت اسرائيل بالزيارة لانها تريد عقد مؤتمر اقليمي لا دولي، وتريد تعريب الخلاف الاسرائيلي الفلسطيني لا تدويله. وتريد ادخال الدول العربية، ومن باب المساعدة في التوصل الى اتفاق فلسطيني اسرائيلي، الى اسرائيل لاقامة علاقات علنية معها.
دور مصر في المنطقة
هذه الزيارة أعادت للاذهان دور مصر الفعال والقوي في المنطقة خلال العقود الماضية اذ كانت مصر قائدة العالم العربي. فهل هذه الزيارة بداية لاثبات ذلك مجددا والقول لاسرائيل ولكل الاطراف بأن مصر موجودة وان دورها لا يستهان به، ولا بديل عنه.
ان المأمول ان يعود الدور العربي المصري الفعال الى المنطقة، والمأمول أيضاً أن ينهض العالم العربي مما هو عليه، وان يعود النفوذ العربي الفعال الى الساحة الاقليمية وكذلك الى الساحة الدولية، وكل الامل في أن يتحقق ذلك قريباً!