من يدعم ويساند الارهاب سيكتوي بناره
"من يدعم الارهابيين حتما سيكتوي بنار ارهابهم" هذا قول صحيح، وقد تم تطبيقه في العديد من الدول التي ساندت الارهابيين ودفعت ثمنا باهظا لذلك.
فرنسا هي دولة دعمت "الارهاب" في الشرق الاوسط، وساهمت في انتشاره ليأكل الاخضر واليابس في العديد من الدول العربية، واصبح هذا "الارهاب" عبئا على من دعمه، ويشكل خطرا على العالم بأسره، وخاصة تلك الدول التي اسسته ودعمته ووفرت له العتاد والمال.
في مدينة نيس الفرنسية، كان المواطنون يحتفلون بالعيد الوطني، يرقصون ويغنون في شوارع المدينة مساء يوم 14/7/2016، يوم سقوط سجن الباستيل، وفجأة داهمت شاحنة كبيرة المحتفلين، مما احدثت ارباكا كبيرا، وقد استطاع سائق هذه الشاحنة ان يقتل اكثر من ثمانين محتفلا، واصابة حوالي مئتي شخص بجراح متفاوتة، وتبين فيما بعد ان هذا السائق هو فرنسي من اصول تونسية.. واكدت التحقيقات الاولية ان بصمات العملية تشير الى تحمل تنظيم داعش مسؤوليتها، مع ان "داعش" لم يصدر أي بيان حول هذا الاعتداء الارهابي الجبان، الذي هو رابع اعتداء بشع تتعرض له فرنسا خلال اقل من سنتين!
لماذا فرنسا؟
قد يسأل مراقبون: لماذا فرنسا وحدها تدفع ثمن هذا الارهاب من خلال وقوع اربعة اعتداءات ارهابية على اراضيها؟
والاجابة تكمن في ان هناك عدة عوامل تقف وراء ذلك ومن اهمها:-
1. هناك اكثر من خمسة ملايين فرنسي من اصول عربية اسلامية افريقية، من تونس والجزائر والمغرب. وهؤلاء وحتى يومنا هذا لم يندمجوا كاملا في المجتمع الفرنسي، اذ انهم يعيشون في مناطق تعاني من الفقر، كما انهم يشكون من سوء المعاملة، وهذا بحد ذاته يشكل ارضية خصبة للجنوح نحو العنف والارهاب للانتقام.
2. هناك عدد كبير من الفرنسيين توجهوا الى الشرق الاوسط حيث حاربوا الى جانب الارهابيين في سورية والعراق، وفي ليبيا ايضا، من اجل اسقاط الحكومات الشرعية، وانشاء دولة خلافة، وقد عاد بعضهم الى فرنسا بعد ان حصلوا على خبرة كبيرة في القتل والتدمير وارتكاب ابشع جرائم الارهاب ولم تقم الدولة الفرنسية بمساءلة هؤلاء، لان السياسة الفرنسية كانت تشجع على اسقاط الدولة السورية، وساهمت في اسقاط الرئيس القذافي وفي خلق فوضى ارهابية مدمرة في ليبيا، تشكل خطرا على الدول المجاورة وخاصة مصر وتونس.
3. غضت الحكومة الفرنسية الطرف عن الارهابيين في سورية والعراق، ويقال أنها شجعت الاعمال الارهابية، ولكن في النهاية غيّرت من موقفها. وبدأت بالمشاركة في التحالف الدولي لضرب والقضاء على تنظيم "داعش"، وهذا بالتالي ادى الى غضب تنظيم داعش من هذا الموقف "الغادر" بالنسبة له.
4. الموقف الفرنسي الرسمي ما زال معاديا لسورية، فهو يريد اسقاط الدولة، ويدعم الارهاب لتحقيق ذلك، وفي الوقت نفسه يعلن مكافحته للارهاب.
5. هناك خلايا نائمة في فرنسا تحمل فكر داعش، وخاصة ان حالة الفقر والمعاناة توفر ارضية دينية كبيرة خصبة للتطرف والتشدد.
الرسائل والمعاني
لقد وجهت هذه الحادثة عدة رسائل الى الحكومة الفرنسية ومن اهمها:-
· رسالة تؤكد ان سياستها في الشرق الاوسط خاطئة، وان دعمها للارهاب تدفع ثمنه الأن، لان من يزرع، يحصد ما يزرعه. ولا بدّ من تغيير هذا النهج المتناقض.
· رسالة الى القيادة الفرنسية تطالبها بضرورة تحقيق المساواة في المواطنة، والعمل على دعم هؤلاء الفرنسيين من اصول افريقية، والعمل على اندماجهم في المجتمع الفرنسي.
· الانتباه الى دور المعابد والمساجد في فرنسا، وخاصة تعاليمها المختلفة التي تدعو، عبر ائمة لا يفقهون الدين، الى القتل والانتقام وممارسة الارهاب باسم الله، ولتحقيق اهداف رخيصة واهمها تدمير الانسان والارض والعالم كله.
أما معاني هذا الاعتداء الارهابي فتكمن في ان هناك خلايا نائمة متطرفة جدا، تحمل فكر داعش، وقد تقوم باعمال واعتداءات ارهابية. وهذا الاعتداء الارهابي في نيس لن يكون الاخير، وهناك اخرى قادمة اذ أن الاجراءات الامنية، وكل القيود التي تفرض على التحرك لن توقف شخص اراد ان يموت وينفذ عملية ارهابية بشعة.
المهم في كل ما جرى ان على فرنسا ان تدرس معاني ورسائل هذه الاعتداءات، وعليها ان تزيل كل الاسباب التي تؤدي الى ارتكابها وتنفيذها، وعليها ان تكون جادة في مكافحة الارهاب، لا ان تتبع سياسة متلونة، تدعمه في مكان ما، وتكافحه في مكان آخر. فالارهاب لا حدود له، وينتقم من الذي دعمه وحاربه اكثر من الذي اعلن محاربته والتصدي له علناً ومن دون أي خجل، ومن دون أي تردد.
هل تعي القيادة الفرنسية الوضع جيدا، وتغير من سياستها المنافقة.. وتقف الى جانب الحق، وتحارب الباطل الذي هو الارهاب القاتل والمدمر للجميع!