اشارات تؤكد فشل اتخاذ القرارات المرجوة
ما زالت وزارة الخارجية الفلسطينية تعمل بكل جد لعقد مؤتمر دولي دعا اليه وزراء خارجية حوالي ثلاثين دولة في اجتماعهم الذي عقد في باريس بناء على مبادرة فرنسية، المؤتمر سيعقد اواخر العام الحالي. وهناك جهود مضادة من قبل اسرائيل لعرقلة هذا المؤتمر وتأجيله او الغائه.
والتساؤل: اذا عقد المؤتمر في الموعد المحدد، فهل سيتخذ قرارات تحقق الاماني الفلسطينية؟ أم انه سيصدر بيانا لا يقدم ولا يؤخر، ولن يفيد المسيرة السلمية؟
امكانية عقد المؤتمر
التساؤل الاول الذي يجب الاجابة عليه: هل هناك امكانية لعقد المؤتمر في موعده؟
والاجابة: نعم هناك امكانية اذ ان الدول التي حضرت لقاء باريس اوائل شهرحزيران 2016 اقروا ذلك، ولن يتراجعوا عنه. واتفقوا على الالتزام بحل الدولتين، وضرورة العمل على تهيئة الاجواء لعودة الفلسطينيين والاسرائيليين الى طاولة المفاوضات.
في المقابل هناك عوامل قد تحد من امكانية عقد هذا المؤتمر في موعده، ومن أهمها:-
· رفض اسرائيل لعقد المؤتمر لانها ترفض تدويل هذا الصراع، وبالتالي فهي سترفض المشاركة فيه اولا، وكذلك ستمارس ضغوطا على الدول الصديقة التي قد تتهرب من الحضور، وبالتالي تضطر فرنسا الى تأجيله أو فيما بعد الى الغائه.
· اللوبي الصهيوني العالمي ضد عقد المؤتمر، فهو له نفوذ، وقد تساهم هذه النفوذ في تأجيل عقد المؤتمر، أو في تفريغه من مضامينه أو أهدافه الاساسية.
· المانيا تتحفظ على المشاركة لانها مشغولة بقضية المهاجرين اليها. ولهذا قد تعتذر عن الحضور حتى لا تحرج نفسها امام اسرائيل، او تدخل في صراع جديد.
· روسيا غيرمعنية في عقد مؤتمر دولي الآن، اذ انها معنية اولا واخيرا بالقضاء على الارهاب في منطقة الشرق الاوسط، وخاصة في سورية والعراق، ومعنية بالحفاظ على مصالحها في المنطقة من خلال عدم اغضاب أي طرف، فالمشاركة قد "تزعل" اسرائيل، وهي غير معنية بذلك الآن! وكذلك لا تريد اعطاء فرنسا أي انجاز على حسابها أو على حساب القضية الفلسطينية.
· اميركا قد تعتذر عن الحضور لعدة أسباب ومن أهمها هناك ادارة جديدة، وبالتالي لا بدّ من الاستماع الى رأي الرئيس الجديد، كما ان وزير الخارجية جون كيري سيغادر مبنى وزارة الخارجية لانه حتما هناك وزير خارجية جديد يعينه الرئيس أو الرئيسة الجديدة.. وعدم حضور اميركا يقلل الى حد كبير من فاعلية هذا المؤتمر. لكن هناك من يراهن على ان كيري سيحضر المؤتمر ولو في ايامه الاخيرة من اجل التقاط الصور وتوديع نظرائه، ولكنه لن يوافق على صدور أي قرارات ضد اسرائيل أو تستفز اسرائيل، ولو وافق على ذلك فان الادارة الجديدة لن تلتزم فيها!
· مصر ترغب في ان تكون الراعية لاي مبادرة سياسية نظرا لدعمها للقضية الفلسطينية على مدار سنوات طوال، وبالتالي لا تريد منح فرنسا جائزة على تحقيق انجاز لم يتحقق. ومصر مستاءة من فرنسا لانها هي من ادخلت الارهاب الى افريقيا، وبالتحديد في ليبيا، وهذا الارهاب يقلق مصر ويمس امنها الوطني والقومي اذ ان فرنسا كانت وراء اسقاط الرئيس القذافي وقتله، وتحويل ليبيا الى مركز ومقر للارهاب في المنطقة كلها.
· السعودية معنية الى حد كبير بتسويق مبادرتها، المسماة المبادرة العربية، وهذا ما طرحه وزير الخارجية السعودي عادل الجبير على وزراء الخارجية المجتمعين في باريس.
· هناك دول اوروبية عديدة لا تريد شراء فتور العلاقة مع اسرائيل، فبالتالي قد تصوت لصالح تأجيل المؤتمر لبعض الوقت، واذا شاركت فلن تقبل أي نص قد يُغضب اسرائيل.
انطلاقاً مما ذكر، فان امكانية عدم عقده تبقى كبيرة، ولكن اذا اصرت فرنسا على عقده، فقد يتم ذلك، ولكن لن يتم اصدار أي بيان يحقق اماني ورغبة الشعب الفلسطيني.
القبول بالحد الادنى
القيادة الفلسطينية تصر على عقد المؤتمر الدولي، ولو ان الحضور لن يكون قويا، ولو ان البيان الختامي لن يتضمن ما يريده الشعب الفلسطيني، اذ ان مجرد عقد المؤتمر الدولي هو انجاز سياسي، ينقل القضية الفلسطينية الى سلم اولويات العالم كله. وكذلك لو صدر بيان، ولو ادان الاستيطان او طالب بتجميده لان دول العالم، بما فيها حليفة اسرائيل اميركا، ترى ان هذا الاستيطان معرقل لمسيرة التفاوض والسلام، فان الفلسطينيين معنيين بالحصول على الحد الادنى من التوافق الدولي كي يضعوه في قالب مشروع يقدم الى مجلس الامن للتصويت عليه. وان تم ذلك فان الدبلوماسية تحقق نصرا سياسيا ولو كان محدودا.
الجانب الاسرائيلي يعي ما يسعى اليه الفلسطينيون، لذلك فانه سيعمل على افشال عقد المؤتمر، وعدم صدور بيان. واذا تم صدور أي بيان، فان اسرائيل ستعمل على ان يكون حبرا على ورق، وستعمل على عرقلة تمرير أي بند منه في قرار دولي صادر عن مجلس الامن.
لذلك يمكن القول ان عقد المؤتمر لن تكون له فوائد كبيرة على الارض. وقد لا يحقق امنيات الشعب الفلسطيني، ولن تكون هناك جرأة دولية او اوروبية تحدد سقفا زمنيا لانهاء الاحتلال الاسرائيلي للاراضي المحتلة منذ حزيران 1967.