الهدف الأول: هو الدفاع عن الحرم ومنع تغيير الوضع القائم
لماذا تراجعت المملكة الاردنية الهاشمية عن نصب "كاميرات تصوير في ساحات الحرم القدسي الشريف، مع ان الاستعدادات لذلك كانت في مراحلها النهائية؟ ولماذا حصل ترحيب شعبي كبير لهذا القرار الاردني المهم؟ وماذا كانت اهداف نصب هذه الكاميرات؟ هذه الاسئلة وغيرها طرحها المواطن في الفترة الاخيرة في ظل قلقه وخوفه على مصير هذا المكان المقدس اسلامياً، اولى القبلتين وثالث الحرمين، نظراً لتعرضه اليومي لاقتحامات من قبل غلاة المستوطنين المتطرفين، ونظراً لاعلان عدد كبير من زعماء يهود عن مساعيهم واحلامهم لاقامة "الهيكل" المزعوم على "ركام" الحرم القدسي الشريف.
كيف جاءت فكرة
نصب الكاميرات
منذ فترة والحرم يتعرض لاعتداءات يومية، وكذلك تعرض بعض زائريه العرب لاعتداءات داخل الحرم نفسه.. وكانت الروايات متضاربة حول ذلك؟ وكانت الاتهامات بالتقصير توجه نحو هذا الجانب أو ذاك. وتبالغ اسرائيل احياناً من خلال اغلاق الحرم وفرض قيود على دخوله؟ كما انها لم تنفِ أنباء عن تقسيم زمني لهذا المكان المقدس. والادعاء الاسرائيلي المتكرر بأن المرابطين في الحرم يعتدون على الزوار والسياح اليهود، وان اليهود الزوار (المتطرفين) لا يفعلون شيئاً.. لا يمارسون طقوسا دينية، وانهم "سالمون جدا"، وان المعتدين هم من يقيمون في الحرم!
هذه الروايات المتناقضة اجبرت الاردن على البحث وبصورة معمقة عن الحقيقة اذ ان للجانب الاسرائيلي طموحات، وان تقارير مجلس الاوقاف يخالف الروايات الاسرائيلية، كما ان هناك روايات عن وجود مجموعة ما داخل الحرم سواء عن قصد أم من غير قصد هي التي تثير المشاعر، وتساهم في توتر الامور. وكانت هناك فكرة بنصب كاميرات لمتابعة ما يجري.
شروط اردنية لنصب الكاميرات
لقد كانت هناك شروط اردنية واضحة لنصب الكاميرات تركزت في الآتي:
1. ان تكون هذه الكاميرات على نفقة الاردن، وهو الذي يشرف على تركيبها وعملها كاملاً.
2. الاردن يضع هذه الكاميرات في ساحات الحرم، وحول قبة الصخرة والمسجد الاقصى، وليس في داخل اي من المسجدين.
3. تنقل الصور الى غرفة عمليات داخل الحرم يُمنع من دخولها الا من هو مخول بذلك من قبل وزارة الاوقاف الاردنية!
4. لا يسمح للجيش أو البوليس الاسرائيلي باقتحام هذه الغرفة ومصادرة افلام التصوير.
5. الهدف من التصوير هو معرفة ما يجري داخل ساحات الحرم، ومتابعة الاقتحامات اليومية من قبل المتطرفين، ومتابعة ما يقوم به هؤلاء بحماية الشرطة الاسرائيلية!
6. هذه الكاميرات تؤكد ان الحرم القدسي الشريف تحت سيادة عربية، وان الاردن هو الراعي لهذه الاماكن المقدسة!
7. تعمل هذه الكاميرات على مراقبة اي تغيير تقوم به السلطات الاسرائيلية المحتلة للوضع القائم في الحرم القدسي الشريف.
8. على ضوء الصور المتوفرة يقوم الاردن باجراءات سياسية ودبلوماسية لحماية هذا المكان ورعايته بصورة فعالة من خلال تقديم اثباتات عن أي تجاوزات اسرائيلية فيما يتعلق بالحرم القدسي الشريف.
تخوفات في محلها
يعرف المواطن المقدسي وكل مواطن عربي ان نوايا الاردن في وضع كاميرات داخل الحرم القدسي الشريف هي سليمة، ولتوفير الحماية له، ولكن كانت هناك تخوفات من ان هذه الكاميرات قد تخدم الجانب الاسرائيلي من خلال:-
· قيام اسرائيل بمصادرة افلام هذه الكاميرات، وبالتالي استخدامها للنيل من الذين يقاومون الاقتحامات عبر اعتقالهم، او ابعادهم عن الحرم القدسي الشريف. ومن عادة اسرائيل انتهاك أي اتفاق يتم معها ما دام هذا الانتهاك سيكون في خدمتها.
· هناك تخوف من ان اسرائيل ستقوم عبر طرق تقنية، واساليب متطورة بـ "لطش" الصور مباشرة عبر اقتحام برنامج الكاميرات نفسه!
· ليست هناك ضمانة من الا تستخدم اسرائيل هذه الصور من اجل وضع خطط للسيطرة على الحرم، وليست هناك من ضمانة من الا تقوم اسرائيل بتعطيل عمل هذه الكاميرات عبر قطع الكهرباء، أو عبر اساليب عديدة.. ومن الا تقوم بمصادرة الافلام متى تشاء!
· محاولة استغلال الاتفاق على وضع هذه الكاميرات للاساءة للاردن بانه "مؤيد للاجراءات الاسرائيلية"، وانه ضد المرابطين والمرابطات ومع الاقتحامات. اي محاولة تشويه صورة الاردن ودوره في الدفاع عن الحرم القدسي الشريف. بالاضافة الى هذه التخوفات، فقد قدمت بعض التوصيات للحكومة الاردنية، وتقارير حول سلبيات وايجابيات نصب هذه الكاميرات.
أسباب التراجع..
بعد كل هذه التخوفات، وكل التقارير الواردة، والتوصيات والتمنيات من جهات عديدة، قررت الحكومة الاردنية التراجع عن نصب هذه الكاميرات، وبالتالي تعزير الحراسة فيه من خلال تعيين 51 موظفا، وقبل فترة تم تعيين 70 موظفا، وهم بالاحرى موظفو حراسة، وهذه الخطوة وما بعدها لاقت ترحيبا.. والمقصود بخطوة التراجع وبخطوة تعيين المزيد من الحراس هو تأمين سلامة الحرم من اعتداءات عديدة يخطط لها مستوطنون متطرفون.
رسالة الى اسرائيل
التراجع عن قرار نصب كاميرات هو رسالة واضحة للسلطات الاسرائيلية المحتلة بأن الاردن لن يسمح باعطاء اسرائيل أي مبررات لمواصلة الاجراءات العقابية ضد من يحمي الحرم من مرابطين ومرابطات. وان الاردن لا يثق بالتعهدات الاسرائيلية، ولا بتصريحات قيادات اسرائيلية، بل بثق باجراءاته لحماية الحرم فقط.. وان الاردن ماضٍ في رعايته والحفاظ عليه من اي اعتداء جبان.