الاجراءات الاسرائيلية وعواقب القرار المتوقعة
خلال الاسبوع الماضي اجتمعت اللجنة المركزية لحركة فتح، وكذلك اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، وقررت اللجنتان، وبرئاسة الرئيس محمود عباس، البدء بوقف العلاقات الفلسطينية مع اسرائيل، وكذلك استمرار الاتصالات والمشاورات مع دول العالم من اجل اطلاعهم على مخاطر البناء الاستيطاني المتواصل في الضفة الغربية، وضرورة تقديم مشروع قرار الى مجلس الامن الدولي لادانةهذا الاستيطان.
وقد جاء قرار كل من اللجنتين المركزية لحركة فتح، والتنفيذية لمنظمة التحرير بعد سلسلة من عوامل اجبرت القيادة الفلسطينية على التلويح بوقف العلاقات مع اسرائيل، ووقف التعامل مع الاتفاقات المبرمة مع اسرائيل، وخاصة تلك التي لا تطبقها اسرائيل.
عوامل القرارات الفلسطينية
المجلس المركزي للمنظمة طالب بقطع العلاقات مع اسرائيل في اوائل شهر آذار المنصرم، ولكن السلطة الوطنية حاولت ان تؤخر ذلك، وقد التقى مسؤولون امنيون فلسطينيون مع مسؤولين اسرائيليين، وكان الطلب الفلسطيني واضح، وهو ضرورة احترام اسرائيل للاتفاقيات الموقعة، وخاصة عدم دخول او اقتحام مناطق "أ"، وقد رفضت اسرائيل ذلك، واجابت بأنها مستعدة بعدم اقتحام مدينتي رام الله واريحا فقط، ولفترة تجريبية، اي لفترة محددة. ولذلك فان رفض اسرائيل احترام السيادة الفلسطينية على مناطق "أ" هو بمثابة عدم احترام، وعدم تطبيق للاتفاقات المبرمة بين الجانبين. وتم التلويح اكثر من مرة بأن السلطة ستضطر لوقف العلاقات مع اسرائيل اذا استمرت في سياستها المعادية لما جاء في هذه الاتفاقات.
ولذلك، فان عدم احترام اسرائيل لبنود الاتفاقات السابقة هو عامل جوهري في توجه القيادة الفلسطينية نحو التصعيد!
اما العامل الثاني فيكمن في ان اسرائيل رفضت المبادرة الفرنسية، لاحداث اختراق في الجمود السياسي، مما يعني ان اسرائيل ضد أي جهد سياسي دولي لتحقيق سلام شامل ونهائي في المنطقة.
العامل الثالث في اضطرار السلطة الوطنية لاتخاذ القرار هو تصاعد وتيرة الاستيطان من خلال الاعلان عن طرح عطاءات بناء جديدة، أو من خلال استمرار البناء، ومشاركة وزراء وأعضاء كنيست في احتفالات وضع حجر الاساس سواء لهذه المستوطنة أو تلك.
والعامل الرابع والخطير والذي يعتبر انتهاكاً صارخا للاتفاقات الموقعة، هو قيام الجيش الاسرائيلي باقتحام لمناطق "أ" المفروض ان تكون تحت السيادة الفلسطينية الكاملة، واعتقال فلسطينيين.
ويمكن اعتبار الاجراءات الاسرائيلية القمعية عاملاً خامساً مهما، اضافة الى عامل سادس خطير وهو استمرار الاقتحامات اليومية للحرم القدسي الشريف من قبل غلاة المستوطنين المتطرفين، وجماعات "بناء الهيكل المزعوم"، رغم قرار نتنياهو بمنع وزراء واعضاء كنيست من دخول الحرم القدسي في هذه الفترة.
هذه العوامل كلها مجتمعة وضعت السلطة الوطنية في موقف محرج امام الشعب الفلسطيني، لان التنسيق الامني مستمر، ولانها لا تفعل اي شيء للرد على هذه الاجراءات الاسرائيلية احادية الجانب، والمخالفة للاتفاقيات الموقعة!
الحسابات الاسرائيلية..
لم تهتم اسرائيل كثيراً بهذا القرار، لانها سمعت عنه منذ اكثر من عام، ولم يطبق وينفذ، ولان وقف التنسيق الامني، وقطع العلاقات مع اسرائيل ليس بالامر السهل، ولذلك فان القرار هو مجرد حبر على ورق، أي ان حساباتها واتصالاتها تقول ان هذه القرارات لن تنفذ لعدة أسباب:-
1. قطع العلاقة مع اسرائيل يعني ان تنقل القادة الفلسطينيين بين الضفة والخارج سيتوقف وينتهي. وهذا لن يتحمله المسؤولون الفلسطينيون.
2. قطع العلاقات يعني ان اسرائيل ستتخذ العديد من الاجراءات ردا على هذا القرار ومن بينها:
أ. منع الرئيس عباس من مغادرة رام الله.
ب. عدم السماح لرؤساء وزعماء ومسؤولي العديد من الدول من لقاء القيادة الفلسطينية في رام الله.
ت. وقف تحويل المبالغ المالية المستحقة للسلطة من الضرائب التي جبيت أو تُجبى من الضرائب المفروضة على المواطن الفلسطيني.
ث. زيادة عدد الحواجز العسكرية في مختلف مناطق الضفة الغربية.
ج. الغاء كل مكاتب الارتباط.
ح. زيادة عدد التصاريح الممنوحة للعمال الفلسطينيين حتى لا يبقى هؤلاء عاطلين عن العمل، ولاضعاف السلطة الوطنية.
خ. شن حملة اعلامية ضد السلطة الوطنية، واتهامها بعدم رغبتها في تحقيق سلام، وانه ليس هناك من شريك فلسطيني للتحاور أو الحديث معه!
سلبيات القرار الفلسطيني
من سلبيات ومخاطر قرار قطع او وقف العلاقات مع اسرائيل، ان الدول المانحة قد توقف مساعداتها المالية للسلطة الفلسطينية، كما ان المبادرة الفرنسية لايجاد كيفية مساعدة الفلسطينيين وانهاء الاحتلال. واضافة لذلك، فان الولايات المتحدة قد ترفع يديها عن هذه القضية، وتلغي رعايتها لها. ولن تصوت لصالح اي قرار في مجلس الامن لصالح ادانة الاستيطان.
اي ان مثل هذا القرار له مخاطره، ولذلك قررت اللجنة المركزية لحركة فتح تشكيل لجنة فتحاوية للحوار مع كافة الفصائل الفلسطينية من اجل التدارس معا اخطار مثل هذا القرار، وكيفية دعمه.
هناك من راهن على ان هذا القرار الفلسطيني لن يطبق كاملا، بل في بعض الامور الصغيرة، وقد تضطر القيادة الفلسطينية الى تأجيل تطبيق وتنفيذ هذا القرار لاسباب عديدة واهمها كما يقال دائما حماية للمصالح الفلسطينية.
القرار جاهز، ولكن هل سينفذ بالفعل؟ هل هناك دراسة حول رد الفعل الاسرائيلي له، وعواقب ذلك على الشعب الفلسطيني. وهل الشعب الفلسطيني سيقبل بهذا القرار الذي لن يدفع ثمنه الا أبناؤه وليس القيادات؟