الحل السياسي في سورية لن يكون الا سورياً سوريا
وجه ستيفان دي ميستورا، المبعوث الدولي لحل الازمة السورية، دعوات للمعارضة السورية وكذلك للحكومة السورية لحضور مؤتمر "جنيف 3" الذي تبدأ اعماله يوم الجمعة الموافق 29/1/2016. وكان من المقرر ان يبدأ يوم 25/1/2016 لكنه تأخر لعدة ايام نظرا لخلافات ما بين المعارضة انفسها، وكذلك من اجل مشاركة جميع اطياف هذه المعارضة ما عدا الارهابية منها.
حاولت الرياض اختيار المعارضة التي ستشارك في هذا المؤتمر، ولكنها لم تنجح في ذلك رغم استضافتها مؤتمراً واسعاً للمعارضة في الرياض قبل عدة أسابيع. وأسباب الفشل تكمن فيما يأتي:
1. لم تتم دعوة احزاب كردية للمشاركة في هذا المؤتمر بناءً أو تلبية لرغبة تركيا التي تعارض اي نشاط كردي سواء اكان موالياً أو معارضاً للدولة السورية ما دامت هذه الاحزاب تدعو الى اقامة دولة كردية مستقلة!
2. مقاطعة عدد من الاحزاب الكبيرة، وخاصة الاحزاب المشاركة في مؤتمر القاهرة لهذا المؤتمر الذي جاء لتحقيق اهداف سعودية معادية لسورية.
3. مشاركة ممثلي مجموعات احزاب ارهابية في المؤتمر، وخاصة "احرار الشام"، و"جيش الاسلام".. وهذان الفصيلان يقاتلان على الاراضي السورية، وهما تابعان وبكل وضوح للنظام السعودي.
4. "انتخاب" مرجعية عليا للمفاوضات كما ارادتها السعودية، إذ ان الانتخاب الديمقراطي للمرجعية شطبته السعودية، وتم تعيين على صورة انتخاب مرجعية موالية كاملاً للسعودية.
5. اصرار السعودية على ان المعارضة التي اجتمعت في الرياض، هي الوحيدة المخولة لاجراء محادثات او مفاوضات برعاية الامم المتحدة.
6. هناك شروط مسبقة للمشاركة في المؤتمر، ومنها الاطاحة بالرئيس الاسد، في حين ان اميركا وروسيا اتفقتا على ان مصير الرئيس الاسد هو بيد الشعب السوري وحده فقط.
7. انسحاب عدة قوى شاركت في مؤتمر الرياض من المرجعية العليا، وبالتالي ضعف تمثيل هذه المعارضة امام منظمي المؤتمر.
ستة شهور..
المؤتمر سيستمر عقد جلسات لمدة ستة شهور للتوصل الى حكومة انتقالية، وكذلك لوضع الخطوط العريضة للمرحلة القادمة الجلسة الاولى، او بالاحرى الجولة الاولى، ستكون مفاوضات ليست مباشرة اذ سيجلس وفد الدولة السورية برئاسة مندوب سورية لدى الامم المتحدة الدكتور بشار الجعفري في غرفة أو قاعة، وسيجلس وفد المعارضة في قاعة اخرى.. وقد تكون للمعارضة قاعتان، قاعة للمعارضة الموالية للرياض، وقاعة أخرى للمعارضة المستقلة.
الجولة الاولى ستتركز على وضع جدول اعمال، وهو المهمة الصعبة اذ ان الدولة السورية تصر على بحث موضوع "الارهاب" اذ لا يمكن ان يكون هناك اي حل اذا تواصل الارهاب على الارض السورية، وكيف يمكن تطبيق اي اتفاق ما دامت قوى الارهاب تدمر سورية. وان موضوع مستقبل الرئيس الاسد غير قابل للنقاش، لانه من حقوق الشعب السوري، ولا يسمح لاحد ان يقرر مصيره، او يفرض رئيسا على سورية.
وزير خارجية اميركا معني بانطلاق المؤتمر، وعقد جلسات حتى ولو استمرت ستة او 8 شهور او اكثر، المهم انه يعتبر نفسه حقق انجازاً كبيراً، باجبار الدولة السورية والمعارضة على التحاور والتفاوض سواء عبر الوسيط الاممي أو بشكل مباشر!
هناك عقبة اساسية امام هذا المؤتمر اذا ان الدولة السورية اعلنت على لسان وزير الخارجية وليد المعلم انها لن تجلس على طاولة مفاوضات أو تتحاور وحتى عبر طرف ثالث مع اشخاص اياديهم تلطخت بدماء السوريين. أي أنهم ينتمون لفصائل او مجموعات ارهابية.
وهذا الشرط لم تضعه فقط الدولة السورية وحدها، بل وضعته مجموعات من المعارضة الوطنية في الداخل السوري، وكذلك بعض فئات المعارضة المستقلة في الخارج. وهذا يؤكد ان "المعارضة" في الخارج هي عدة اقسام وفئات، ولن يكون هناك وفد معارضة موحد.. وبالتالي سيمثل المعارضة وفدان.. وهذا سيعرقل اعمال المؤتمر، وسيطيل من امده!
وانطلاقاً من الخلافات ما بين المعارضة، والخلاف حول البند الاول من البحث وهو الارهاب، فان المؤتمر سيفشل حسب توقعات كثيرين. وهناك اسباب اخرى للفشل.
فشل متوقع..
ومن الأسباب التي ستؤدي الى فشل هذا المؤتمر:-
· محاولة السعودية منع المعارضين المرتمين في أحضانها من الموافقة على أي اقتراح يقدم لها.
· الموالون لتركيا والسعودية وقطر سيُصّرون على وضع موضوع مصير الرئيس الاسد، وسيرفض من قبل الدولة السورية. وبالتالي يكون هناك خلاف حول جدول أعمال المؤتمر.
· اصرار السعودية على مشاركة "ارهابيين" في المؤتمر، وهذا بحد ذاته سيفجر المؤتمر ان تمت دعوتهم.
· عدم رضى الرياض على دعوة "معارضين"، هي لا تحبّهم وتناوئهم لانهم ضد التدخل الخارجي.
· اميركا معنية بالتفاوض، وليست معنية بالتوصل الى أي اتفاق.
· اصرار الدولة السورية على محاربة الارهاب وادانته اولا، لكن المعارضين الموالين للخارج سيرفضون ذلك.
دي مستورا قد يتعب، وقد يمل، ولكنه سيواصل مهامه، إذ أثبت قوة شخصيته حينما وجه الدعوة للمعارضة بأطياف كثيرة بعكس رأي السعودية، وبل تمشياً مع آراء ومواقف موسكو. هذه المواقف الذي تبناها وزير الخارجية الاميركي جون كيري ونقلها للرياض التي ابدت استياءها من ذلك، ولكنها اجبرت على بلع هذا الامر، لانه لا بديل عنه.
مؤتمر "جنيف 3" يجب ان يكون سوريا سوريا اذا اريد له النجاح، ويجب اخراج الذين يحتمون بالخارج.. ويجب ان تكون مصلحة سورية فوق الجميع، ولكن ما زالت بعض الدول تراهن على اطالة أمد المعارك وسفك الدماء.. ولكن الوقائع تؤكد أن الدولة السورية تحقق انجازات عسكرية، وخلال الاشهر القادمة تكون قد حاصرت الارهاب وكنّسته من كثير من المناطق السورية!