هناك تقصير واضح في مواجهة سياسة تهويد القدس والخليل
لماذا البنايات فارغة والمفاتيح بحوزة المستوطنين!
بنايتان كبيرتان وفارغتان تقعان قرب الحرم الابراهيمي الشريف، أي داخل البلدة القديمة، تقوم 20 عائلة يهودية، وبحراسة من الجيش الاسرائيلي باقتحامهما مساء الخميس 21/1/2016 بحجة ان هؤلاء المستوطنين اشتروا البنايتين منذ فترة، وبحوزتهم المستندات التي تؤكد ملكيتهم لهاتين العمارتين او البنايتين. وقام المستوطنون بتسمية العمارتين احداهما باسم بيت راحيل والثانية باسم ليئا.
الناطق باسم هذه العائلات، التي اقتحمت البنايتين، شلومو ليفنغر، طالب الحكومة الاسرائيلية بدعم هذه الصفقة التي تأتي بعد 4 سنوات اذ انه لم يتم شراء اي بيت منذ عام 2012. وان موقع البنايتين جيد واستراتيجي وسيكون مكملاً للاستيطان اليهودي داخل البلدة القديمة من الخليل. وافادت مصادر متنوعة ان حوالي 200 شخص (اطفالاً كبارا) دخلوا البنايتين والمفاتيح معهم. واحدى هاتين البنايتين تعود ملكيتها للمواطن فواز قفيشة!
وفي سلوان، وفي واد حلوة، وبالتحديد في حي بيضون قام مستوطنون (35 نفرا) بالسيطرة على بناية مكونة من طابقين الاول تم بناؤه قبل عام 1967، والثاني قبل فترة قصيرة. وقد دخلوا البناية وبحوزتهم المفاتيح اللازمة، وادّعو أنهم اشتروا هذه العمارة التي كانت فارغة لفترة معينة. وقال المحامي الذي يمتلك البناية بأنه بدأ باتخاذ الاجراءات القانونية من أجل طرد المستوطنين من بنايته. ونفى أن يكون هناك أي تسريب لهذه العمارة للمستوطنين، ولا يعرف كيف وصلت المفاتيح اليهم.. وهذه العمارة تعزز التواجد الاستيطاني في واد حلوة، أي في منطقة سلوان!
عوامل التسريب!
هناك عدة عوامل تساهم في تسريب أي بناية أو عقار أو أرض للمستوطنين، ويمكن حصرها بالآتي:-
1. بيع العقار لجهة غير وطنية، وغير معروفة، تكون غالباً وسيطاً في تسريب العقار دون وعي أو مع وعي صاحب الشأن بذلك! ويتم البيع بسبب الحاجة للمال، أو بسبب السفر، أو بسبب "الاغراء" في الحصول على مبلغ اضعاف سعر العقار الحقيقي.
2. عدم وجود جهة وطنية سواء اكانت رسمية أو مستقلة صاحبة رأسمال كبير لشراء أي منزل مضطر صاحبه لبيعه لاسباب شخصية أو غير شخصية، أو لتعرضه لضغوطات من جهات وتيارات ما.
3. عدم وجود جهة ما تحاسب من يقوم بتسريب العقارات والاراضي، ويكون البائع أو المسرّب "مدعوماَ" من أكثر من جهة!
4. ليس هناك وعي كاف لاخطار ومخاطر ومحاذير تسريب عقار الى جهة استيطانية، ولا بدّ من ان تكون هناك حملات لنشر الوعي بين المواطنين، وخاصة اصحاب الاملاك. ويجب تشجيعهم على التمسك بأملاكهم وعدم التفريط بها!
5. لا بدّ من العمل لمحاربة الوسطاء أو السماسرة، ولا بدّ من اقناعهم لوقف هذه التجارة المؤذية للوطن، وبالعكس العمل على تسريب عقارات يهودية لابناء شعبنا الفلسطيني.
6. لا بدّ ان يكون هناك صندوق خاص يوفر المال اللازم لحماية الاملاك والعقارات العربية، والدفاع عنها قانونياً وشعبياً. وللوقوف الى جانب صاحب الملك اذا كان مظلوماً، وان العقار لم يتم بيعه أو تسريبه.
تساؤلات مشروعة
لا شك ان المستوطنين يسعون لشراء منازل عديدة سواء في القدس أو في الخليل، وهناك ممولون وداعمون ومانحون لهم في هذا الخصوص، ولكن التساؤلات التي تطرح: هل هؤلاء المستوطنون حصلوا على مستندات شراء وتصرف في العقار من السماء، أو بطرق ملتوية أو بواسطة سماسرة؟ وكيف يمكن لهؤلاء المستوطنين ان يحصلوا على مفاتيح البنايات كي يدخلوها بكل سهولة؟ ولماذا لم نُعر الاهتمام ببنايات "فارغة" تقع في اماكن حساسة، وقريبة من استيطان، ونعرف جيداً ان عيون المستوطنين عليها، ويسعون للسيطرة عليها سواء بطرق قانونية سليمة أو مزورة أو بطرق التفافية!
لا يمكن اتهام احد بالتواطىء أو بتسريب عقاراته للجانب الاستيطاني، ولكن لا بدّ من اجابة شافية على التساؤلات السابقة، وعلى تساؤلات حول ماذا يفعل اصحاب العقارات لمنع التسريب وهم يعرفون ان عقاراتهم في خطر؟ هل تم اللجوء الى الجهات الرسمية التي تقاعست ولم تفعل أي شيء.. ام ان تحرك صاحب العقار المسرّب هو شكلي للتغطية على البيع!
لا بدّ من وجود لجنة قانونية تبحث كل حالة على حدة، وتعطي التوصيات والنتائج، وتأخذ الدروس والعبر لمنع المزيد من التسريب للاستيطان اليهودي.
لقد تم القول مئات بل آلاف المرات ان القدس العربية تهوّد، ولكن رد الفعل العربي كله سلبي.. ويبدو أن القدس لم تعد مهمة للعديد من القادة العرب جميعا.. ويبدو أن القدس نسوها، لان ما يقدم لها لا شيء مقابل ما يقدمه ثري يهودي واحد للاستيطان سواء في القدس أو الخليل.
لقد كان عدد المستوطنين اليهود في داخل البلدة القديمة من القدس بالعشرات، ووصل عددهم الى الف.. واذا بقي الحال على ما هو عليه من تسريب لعقارات، واوامر سيطرة على عقارات اخرى، فان البلدة القديمة من الخليل ستهوّد ان شئنا أم أبينا.. وهذا ما ستؤكده السنوات القادمة!