الأسير المحرر طارق عز الدين:ـ
* عار علينا أن نقف متفرجين والأسرى يموتون جوعاً
* دراسة الأحداث واستخلاص العبر يجعلنا نطور من أساليبنا في مواجهة السجان
* خضوع الاحتلال لإرادة الأسرى دليل واضح على أحقية قضيتهم
غزة- خاص بـ"البيادر السياسي":ـ حاوره/ محمد المدهون
لا يزال العديد من الأسرى يواصلون إضرابهم عن الطعام، ويقارعون السجان بأمعائهم الخاوية، متحدين جبروت الاحتلال وإجراءاته القمعية وممارساته التعسفية بحقهم، من أجل غد أفضل يتنسمون فيه عبير الحرية.. بطولات وإنجازات سطرها الأسرى أثناء معاركهم البطولية، جسدوا خلالها أروع معاني التضحية بالغالي والنفيس من أجل الحرية والكرامة.."البيادر السياسي" تواصل فتح ملف إضراب الأسرى عن الطعام، نظراً لأهمية هذه المعركة، ودعماً لأسرانا الأبطال خلف القضبان، حيث استضافت الأسير المحرر والمبعد إلى غزة مدير عام إذاعة صوت الأسرى طارق عز الدين، وأجرت معه الحوار التالي.
هزيمة المحتلة
* لا يزال العديد من الأسرى يواصلون معاركهم مع السجان بأمعائهم الخاوية.. كيف تقيمون ما أنجزه الأسرى في هذه المعارك ؟
- بداية نوجه التحية لأسرانا داخل سجون الاحتلال، وفي مقدمتهم من يتصدون لانتهاكات إدارة السجون بأمعائهم الخاوية ضد سياسة الاعتقال الإداري المجرمة.
إن توالي انتصار الأسرى الذين أضربوا عن الطعام، وخضوع إدارة سجون الاحتلال ومخابراتها لمطالبهم بالحرية، لهو أكبر دليل على أحقية وصدقية مواقف ومطالب الأسرى الرافضة للاعتقال الإداري الجائر الذي يمارس على أبناء شعبنا منذ الاحتلال حتى اليوم، ويسمح بزجهم في السجون دون أي تهمة أو مبرر بذريعة الملف السري.
فإضراب الأسرى يعتبر أحد المعارك في التي يخوضها أبناء شعبنا ضد المحتل والأسرى هم جزء أصيل من هذه المواجهة، ولكن بطريقة مختلفة أكثر تحدياً وإرادة يمتلكها الأسرى أمام عنجهية وصلف السجان الذي يبتكر كل يوم أسلوباً جديداً للامعان والتنكيل بهم دون أي رادع. فقد أثبت الأسرى أن هزيمة المحتل ليست صعبة المنال، ولكن تحتاج إلى قرار شجاع وعزيمة وإرادة صلبة بعد التوكل على الله.
استخلاص العبر
* وكيف يمكن المراهنة على هذه الانجازات والانتصارات ؟
- إن حركتنا الأسيرة ومقاومتنا لديها من التجربة سنين طويلة، ولذلك لابد من الاستفادة من هذه التجارب والانجازات حتى نبني عليها في كل الساحات والميادين، لأن معركتنا مع المحتل لم تنته بعد، بالعكس فهي تشتد ضراوة وتتسع في أكثر من اتجاه، ولذلك عندما ينتصر الأسير في معركته، هذا يعطينا الدافع والحافز أن قضيتنا حقة، ومطالبهم مشروعة وأن الاحتلال هو المعتدي وإلا لما خضع لإرادتهم.
فدراسة الأحداث واستخلاص العبر يجعلنا نطور من أدائنا وأساليبنا في مواجهة السجان، ونستطيع أن نحدد نقاط الضعف عنده.. الأسير الفلسطيني ليس بيده إلا أمعائه الخاوية، ولذلك لا يوجد لديه ما يخسره أمام السجان، الأمر يحتاج إلى صبر وثبات، وهذا ثبت عند كل الأبطال الذين خاضوا هذه التجربة وانتصروا وحصلوا على حريتهم.
أما عن الإضرابات الفردية والجماعية، نحن ندرك أن الإضرابات الجماعية هي الأكثر تأثيراً على المحتل وإدارة سجونه، بحيث تتسع بقعة المواجهة معه وقد لا يستطيع السيطرة عليها خصوصاً إذا امتدت فترة الإضراب، ولكن إذا تعذر الوصول لاتفاق على خطوة جماعية، ما الحل والبديل ؟ نحن نقول أن كل أسير له الحق بتقرير مصيره وخصوصاً الأسرى الإداريون الذين يمضون سنوات طويلة دون أي تهمة، فماذا يفعلون ؟ هل ينتظرون سنتين وثلاثة داخل الأسر وقد تصل الفترة إلى أطول من ذلك حتى يحن الاحتلال عليهم بالفرج.. أعتقد أن القرار والخيار الأول والأخير تعود لعزيمة وإرادة الأسير نفسه، وهو من يقرر إن كان قادراً على خوض هذه المعركة حتى النهاية، فكل الأسرى الذين خاضوها حققوا انتصارهم وحريتهم، فعدد قليل جداً نكث الاحتلال معهم كعادته.
الوسيلة الأنجع
* ما مدى نجاعة معركة الأمعاء الخاوية في مواجهة سياسة الاعتقال الإداري؟
- في ظل غياب كافة الوسائل وخاصة الوسائل القانونية والدولية والتحرك السياسي الدولي الذي لو تم بملاحقة الاحتلال على جريمة الاعتقال الإداري سيردعه بالتأكيد، إن هذه الوسيلة الوحيدة الآن والأنجع والأسرع لتحقيق حرية الأسير الإداري. وقد ثبت ذلك بالدليل والتجربة مع عشرات الأسرى الذين حققوا الانتصار ونالوا حريتهم، والذين قد يصل عدد الذين خاضوا هذه التجربة إلى المئات، فالملف ما زال مفتوحاً حتى اللحظة.. صحيح أن الاعتقالات الإدارية مازالت مستمرة، ولكن يجب أن يعلم المحتل وكل العالم أننا نرفض هذه السياسة القمعية والمخالفة للقوانين الدولية، وأن أبناء شعبنا محتل لن يسلموا ولن يقبلوا أن يصبح أمراً واقعاً وسنبقى نواجهها بأمعائنا الخاوية حتى يتم إلغاء هذا القانون الجائر، والذي يعد كنفق مظلم له بداية وليس له نهاية.
درع حامي
* إضراب الأسرى لا بد له من دور مساند جماهيرياً ورسمياً.. هل ارتقى هذا الدور لما هو مطلوب ؟
- إن المسئولية الأكبر تقع ليست على الأسرى الذين يخوضون هذه المعركة، بل تقع على كل حر في هذا العالم، ويبدأ من جماهير شعبنا وفصائلنا المقاومة، لأن الأسرى هم الدرع الحامي لهذه القضية، والاحتلال يستهدفهم أينما كانوا حتى بعد التحرر، فبهم نهضت فصائلنا، وبهم خرج المحتل من داخل القطاع، وبهم واجهنا الجيش الذي لا يقهر في معركة مخيم جنين وغيرها من البطولات، فهل يجوز لنا أن نتركهم يواجهون مصيرهم لوحدهم. عار علينا أن نقف متفرجين والأسرى يموتون جوعاً لا لينتصروا لأنفسهم، بل ليضعوا حداً لإجرام المحتل على طريقتهم الخاصة.
أما الرسمي فأعتقد أن القوانين والشرائع الدولية قد كفلت لنا حق الدفاع عن أنفسنا أمام هذا المحتل، فلماذا نترك ونغفل عن ملاحقته وفضحه دولياً، وكشف جرائمه بحق أبناء شعبنا ؟ فالجهات الرسمية تستطيع الوصول إلى حيث لا نستطيع نحن كأفراد أو جماعات من الوصول، فيجب أن يتم رفع هذا الملف للمحاكم الدولية، والمطالبة بمحاكمة المحتل حتى يتم ردعه ووقف هذه الجريمة الإنسانية بحق أبناء شعبنا.
أين المتشدقون بالقوانين؟
* وهل من دور عربي؟
-على الصعيد العربي والدولي نحن نقول لكل المتشدقين بالقوانين الدولية والذين يبنون ويدعمون المؤسسات الحقوقية والإنسانية في هذه الدول: أين أنتم من قضية أسرانا ؟ أم أن الأمر عندما يصل إلى المحتل الإسرائيلي تنعقد ألسنتكم وتصم أذانكم عن جرائمه.. كلمة أخيرة أقولها لهم إما أن تكون على قدر الدفاع عن إنسانية الإنسان واحترام إرادته وإعطائه حقوقه وحريته كما تدعون، أو ترحلون لتتركوا الميدان للفرسان الحقيقيين (الأسرى).