بدأ العام الدراسي يوم 1 أيلول الجاري في "اسرائيل"، الا ان 33 ألف طالب وطالبة لم يلتحقوا بعد بمدارسهم ولا بمقاعد الدراسة اذ ان المدارس الاهلية او الخاصة او المسيحية (مهما كانت التسمية) اعلنت الاضراب المفتوح لان وزارة التربية والتعليم برئاسة زعيم حزب "البيت اليهودي" المتطرف قرر ومع اركان وزارته تقليص الدعم الحكومي لهذه المدارس من نصف ما تحصل عليه المدارس الرسمية التابعة للمعارف الاسرائيلية الى الثلث، وهذا يعني بالطبع خلق ازمة مالية في هذه المدارس التي يشهد عليها كثيرون بأنها افضل المدارس في داخل الخط الاخضر. وجاء التقليص بحجة التقليص في ميزانية الوزارة نفسها.
وشهدت المدن المختلفة فعاليات تضامنية مع هذه المدارس التي هي مغلقة منذ اكثر من اسبوعين شارك فيها كبار المسؤولين عن التعليم في هذه المدارس اضافة الى اعضاء كنيست ورؤساء مجالس محلية عربية.
أهداف التقليص
أهداف التقليص عديدة، ومن أهمها:-
· ممارسة الضغط على هذه المدارس كي تستسلم لوزارة المعارف، وتكون تحت امرتها واوامرها وتعليماتها، أي مصادرة ادارتها، وضرب خططها التعليمية المميزة.
· الانتقام من هذه المدارس لانها تخرّج طلابا ذوي تعليم عالي ومميز مقارنة بالمدارس التي تديرها الوزارة.
· ضرب المؤسسات التربوية العربية الخاصة، اذ ان اسرائيل لا تريد ولا ترغب في ان تكون هناك مؤسسات ذات تأثير كبير على المجتمع، تؤكد التلاحم بين أبناء الشعب الواحد.
· لا تريد ان تكون هناك مؤسسات مسيحية ناجحة، فهي تريد "ضربها" و"اضعافها" حتى لا تكون مميزة، وكذلك لاضعاف الدور التربوي الخاص والمسيحي أيضاً في المجتمع الفلسطيني داخل الخط الاخضر. فالتقليص في الدعم يعني التسبب بازمة مالية، ويعني رفع الاقساط على الطلبة، ويعني ايضا اضطرار بعض هؤلاء الطلبة لترك هذه المدارس نظرا لعدم تحمل اولياء امورهم هذه الاقساط المرتفعة فيقل عدد الطلاب، ويضعف الدور المسيحي في هذا المجتمع!
سياسة تمييز واضحة
التعامل مع هذه المدارس بهذه الطريقة غير المبالية للاضراب، وللحقوق المشروعة لها، يؤكد ان اسرائيل تمارس سياسة تمييز واضحة ضد العرب بشكل عام، وضد المسيحيين بشكل خاص. وهذه السياسة تطبق منذ سنوات طوال، ولكنها بدأت تتعرى أكثر وأكثر نتيجة تعاظم قوة القوى اليمينية على الساحة الاسرائيلية، وسيطرتها على الحكومة الاسرائيلية ذاتها.
المدارس الدينية اليهودية تلقى كل دعم ومساندة وميزانيات وامتيازات وتسهيلات كبيرة وعجيبة، اما هذه المدارس الاهلية التابعة لمؤسسات مسيحية فهي خارج اطار الدعم الكامل، وخارج ذهن الوزارة، وهذا يعمق التفرقة بين مجتمعين داخل الدولة الواحدة، ويؤكد أن سياسة التمييز غير قابلة للتغيير، كما ان حقوق المواطن العربي داخل اسرائيل هي ادنى من حقوق المواطن اليهودي، وبالتالي فالمواطنة هي انتقائية وحسب المزاج الاسرائيلي رغم ادعاء اسرائيل في المنابر العالمية والمحلية انها لا تميز ولا تفرق والجميع متساوون امام القانون، وليس في الحقوق.
هل هو انتقام
التعامل مع المدارس الاهلية المسيحية يثير تساؤلات حول امكانية ان يكون انتقاماً من مواقف الكنائس المسيحية ومؤسساتها في اوروبا واميركا، وخاصة ان هذه الكنائس هي ضد الاستيطان في الضفة الغربية والقدس والجولان، وهي تؤيد حقوق الشعب الفلسطيني، وتناصر العدالة والسلام، وتدين الممارسات الاسرائيلية القمعية ضد أبناء شعبنا في كل مكان.
هناك عدة كنائس اعلنت المقاطعة، واعلنت سحب استثماراتها، وايدت المقاطعة لسياسة اسرائيل التي بدأت تتسع رقعتها في اميركا واوروبا.
يبدو ان وزير التربية أراد الانتقام بحجة تقليص الميزانيات لوزارته، مستغلا ظرفا صعبا تشهده كامل المنطقة العربية. وهو لا يختلف في عقليته عن مواقف الحاخامات المتطرفين جدا الذين أيدوا وساندوا الاعتداء على الكنائس، وهو يقوم بدوره من خلال المس بالمدارس ودورها التربوي الرائع.
اذا كان هذا التعامل انتقاماً، او بهدف تهجير المسيحيين من خلال ضرب ما تبقى لهم من مدارس ومؤسسات، فان على العالم المسيحي ان يتحرك، اذ ان ازمة المدارس مع الحكومة الاسرائيلية تعري سياسة التمييز والتفرقة، وتؤكد أن المواطن العربي في اسرائيل ليس بمأمن في العيش اذا اراد ان يكون حراً غير تابع للسياسة الاسرائيلية ومخططاتها.
لقد قال المسؤولون عن هذه المدارس لن نستسلم، ولن نسلم مؤسساتنا لوزارة التربية والتعليم حتى نقضي عليها. واذا واصلت اسرائيل رفض تقديم الدعم اللازم لهذه المدارس فعلى جميع الكنائس التي ترعاها ان تعري اسرائيل أكثر وأكثر، وخاصة في اوساط من يدعون المسيحية وهم صهاينة بالفعل. وعلى جميع المؤسسات الدولية المانحة ان تقف الى جانب هذه المدارس لتحل ازمتها وتواصل العطاء التربوي والتعليمي الممتاز والمميز!