شهد شهر رمضان المبارك سلسلة من الحوادث الأمنية التي ساهمت في تصعيد التوتر، وفي اجراءات اسرائيلية تعسفية بحق المواطنين. وقد اتهمت اسرائيل أكثر من جهة بالوقوف وراء هذه الأحداث، ولكنها حملت المسؤولية الكاملة عن هذه الأحداث للقيادة الفلسطينية لأنها – حسب ما تقوله اسرائيل – لم تقم بادانة هذه الاحداث، كما أن هناك ثغرات في اجراءاتها الأمنية.
التساؤل هو: ما هي أسباب هذه الأحداث ومن يتحمل مسؤولياتها!
أهم الأحداث الأمنية
وقعت عدة حوادث أمنية في شهر رمضان ومن أهمها:
· قتل مستوطن يهودي قرب قرية دير ابزيع في منطقة رام الله بعد اطلاق النار عليه يوم 19/6/2015.
· محاولة طعن جندي في باب العمود من قبل شاب من سعير في الخليل واستطاعة الجندي من حرس الحدود اطلاق النار على الشاب يوم الجمعة 19/6/2015.
· مقتل الشاب الشهيد حماد جمعة رومانين (24 عاماً) على حاجز العوجا/ أريحا يوم الجمعة 26/6/ بتهمة محاولة الاعتداء على جنود الحاجز.
· قيام شابة بطعن مجندة على حاجز قبة راحيل يوم 29/6/2015.
· اصابة 4 مستوطنين في عملية اطلاق نار من سيارة مسرعة قرب مستوطنة "شفوت راحيل" القريبة من قرية قريوت /نابلس مساء 29/6/2015 وأعلن عن وفاة أحدهم فيما بعد.
· اطلاق نار من قبل جنود حاجز قلنديا مساء الثلاثاء 30/6/2015 بتهمة عدم الانصياع لامر التوقف وكان يكبر بصوت عال "الله اكبر".
· قيام ضابط اسرائيلي باطلاق النار على الشاب محمد الكسبة يوم الجمعة 3/7/2015 وبدم بارد قرب معبر/ حاجز قلنديا.
بالاضافة الى هذه الاحداث، فقد القيت العديد من القنابل الحارقة، وتم رشق سيارات الجيش بالحجارة في عدة أماكن.
تزامن الاحداث
تزامنت الاحداث مع بدء شهر رمضان بعد ان قدمت اسرائيل تسهيلات بالسماح للنساء من الضفة بدخول القدس من دون تصاريح، والرجال فوق 40 من دون تصريح ايضا. ولكن في يوم الجمعة الثانية من رمضان شددت الاجراءات، وقد تم السماح بدخول الرجال فوق الـ 50 عاماً، اما في جمعة رمضان الثالثة فقد توجب على النساء الحصول على تصاريح لاداء الصلاة في المسجد الأقصى.
وتزامنت ايضا مع بدء تسريب معلومات حول امكانية قيام اسرائيل باصدار تصاريح لاربعمائة الف مواطن من الضفة في فترة الأعياد، مما حدا بالرئيس عباس ان يصدر تعليماته بعدم توزيع هذه التصاريح حفاظاً على الأمن الاقتصادي الفلسطيني.
وجاءت هذه الاحداث بعد تسريب معلومات عن وجود مفاوضات غير مباشرة بين اسرائيل وحركة حماس حول اتفاق تهدئة طويلة الامد تستمر 5 سنوات قابلة للتجديد. وهذه المعلومات بالطبع اغضبت القيادة الفلسطينية، وكذلك ولربما صقور في حركة حماس.
من يتحمل مسؤولياتها
بعض هذه الأحداث وصفت بأنها فردية، وعدة منها باركتها حركة حماس. ولذلك فانه يمكن القول، وهذا بالطبع تكهن، ان حماس تريد خلق "بلبلة" داخل الضفة الغربية، واشعال نار انتفاضة لاحراج التنسيق الامني، وكذلك لاحراج القيادة الفلسطينية واضعافها أمام الرأي العام العالمي.
وهناك من يقول أنها جاءت كردة فعل لمنع اسرائيل من المضي قدماً في تقديم تسهيلات بحجة حلول شهر رمضان، وهي في الواقع لفرض سلام أو هدوء اقتصادي عبر اصدار تصريحات دخول الى اسرائيل لمئات الآلاف من أبناء الضفة، واذا حصل ذلك فان هؤلاء وبصورة غير مباشرة سيعززون الدخل لاسرائيل على حساب الدخل الاقتصادي لتجار الضفة الغربية.
المسؤول الأول والأخير
أما اذا أردنا تحليل هذه الاحداث وتصاعدها فاننا يمكن القول ان "اسرائيل" تتحمل المسؤولية الاولى والأخيرة لعدة أسباب ومن أهمها:-
1. استمرار الاحتلال الاسرائيلي لمناطق الضفة الغربية، وليست هناك أي آفاق لحل سياسي أو لمفاوضات.
2. استمرار البناء الاستيطاني المتصاعدة وتيرته في الفترة الأخيرة.
3. اصدار أوامر مصادرة المزيد من اراضي الضفة تحت حجج وذرائع عديدة.
4. استمرار التصريحات الرسمية من كبار المسؤولين الاسرائيليين ضد الفلسطينيين وهي تصريحات استفزازية.
5. قيام عناصر اسرائيلية متطرفة بالاعتداء على الاماكن المقدسة المسيحية في القدس وطبريا وكل مكان.
6. الاقتحامات اليومية للمسجد الاقصى من قبل متطرفين ومن غلاة المستوطنين.
7. مواصلة حملات المداهمة والاعتقالات للمدن والبلدات الفلسطينية.
8. الوضع السيء لأسرانا في السجون، واستفزازات سلطة وادارة السجون ضد اسرانا، وصدور قرارات اعتقالات ادارية بالجملة وبصورة يومية.
هذه الأمور كلها، وغيرها مما لم نذكرها، هي سبب استفزاز المواطن العادي الذي يقرر بنفسه أو عبر فصيله مقاومة الاحتلال بوسائل بسيطة جدا دون الحسبان لنتائجها أو عواقبها.
وما المتوقع
لا أحد يستطيع توقع أي شيء سوى استمرار المقاومة الشعبية ضد الاحتلال، وبالتالي قد تقع المزيد من الحوادث الأمنية، لان الاحتلال ما زال قائماً، وليست هناك آفاق واضحة جداً لايجاد اختراق للجمود السياسي الحالي، لانهاء الوضع المأساوي الذي يعانيه ويواجهه أبناء شعبنا الفلسطيني.
ولذلك فان حلول شهر رمضان أو غيره من الاشهر العربية لن يكون له دخل في هذه الاحداث، اذ أن المقاومة الشعبية متواصلة ولن تتوقف ما دام الاحتلال قائما، وكذلك لغياب بارقة أمل ولو بسيطة لتغير الوضع الصعب الحالي كاملاً!!