الحوار هو الحل الأمثل اذا كان حراً ومن دون ضغوط وشروط
قرر التحالف السعودي في 26 نيسان الماضي تغيير اسم الهجوم العسكري الجوي الواسع على اليمن من "عاصفة الحزم" الى "عملية اعادة الأمل". وأعلن التحالف وقف هذه العاصفة، ولكنها تحولت الى مزيد من القصف الجوي وتحت يافطة "اعادة الامل"، ولربما يعني ذلك ان من يُقتل من أبناء اليمن يعيد له التحالف الأمل، اذ انه يخلص من الحياة الصعبة التي يعيشها... وهناك تفسيرات اخرى لهذا التغيير في الاسم ومن أهمها أن هذه العاصفة لم تكن حازمة، وان الحزم العسكري غائب عنها، وكل الغارات الجوية لا تحقق انجازات سواء أكانت سياسية أو ميدانية.
لقد شنت السعودية حرباً مفاجئة على اليمن أوائل شهر نيسان القادم تحت ذريعة اعادة الشرعية الى هذه الدولة الجارة، أي اعادة الرئيس المؤقت عبد ربه هادي منصور الى منصب الرئاسة بعد أن انتفض الشعب عليه، لأنه لم يحقق ما اتفق عليه عندما اوكلت اليه مهمة الرئاسة اليمنية بدعم من السعودية.
ليس الهدف الأساسي هو اعادة عبد الهادي منصور للحكم، بل هو ابقاء اليمن تحت الهيمنة السعودية، أو ما يقال أن تعود الى النفوذ السعودي، وتحت هيمنته وقراراته وسيطرته، اذ ان ثورة الشعب ضد الرئيس اليمني هي رسالة بأن اليمن بدأ يخرج عن هذا النفوذ، وان اليمن قد يصبح تحت النفوذ الايراني، وهذا يشكل قلقاً لا بل خطراً على السعودية في نظر بعضهم!
اختلاف في الآراء داخل العائلة الحاكمة
لقد كان يدرك الملك السعودي الراحل عبد الله بن عبد العزيز يدرك مخاطر أي تدخل عسكري في اليمن، وكان يعتبره "غوصاً في مستنقع أو في وحل من الصعب النجاة". وكان يتعامل مع هذا الملف بهدوء، وفي عهده تمت الاتفاقية بتنحي الرئيس علي عبد الله صالح لصالح نائبه منصور، مقابل خطة عمل لتحسين الأوضاع المعيشية والسياسية.
لكن الرئيس المؤقت منصور لم يفعل شيئاً، كما ان السعودية لم تقدم مساعدات ملموسة لتحسين الوضع المعيشي والاقتصادي في اليمن، كما ان منصور لم يلتزم بالاتفاقية، وبدأت الثورة، واتهم الحوثيون بأنهم من يقفون وراء ذلك.. واجريت محادثات ومفاوضات بين الأطراف المتنازعة، واتفق اليمنيون على الحوار.
توفي الملك عبد الله ليحل مكانه ويخلفه الملك سلمان بن عبد العزيز الذي يحمل فكراً مغايراً للملك عبد الله، وهو ان على السعودية استخدام "العضلات"، ومنع خروج اليمن عن النفوذ السعودي، وهذا الفكر مصدره تحريض للملك سلمان بأن اليمن ستصبح تحت سيطرة ايران، وهذا أمر خطير أمنياً على السعودية، لذلك قرر شن هذه الحرب القاسية على الشعب اليمني.
مقابل هذا الفكر للملك سلمان، هناك من يعارض هذا التورط السعودي في اليمن، ومنهم الامير متعب بن عبد الله بن عبد العزيز، قائد الحرس الوطني الذي يرفض مشاركة الحرس الوطني في هذا الهجوم، وخاصة شن هجوم بري، اذ انه سيكون مكلفاً. ونتيجة ذلك أجرى الملك سلمان تغييراً في القيادة السعودية لتعزيز مكانته، والحاشية حوله، فأقال الامير سعود الفيصل، من منصب وزير الخارجية بحجة أنه كبر في السن، واقال وبالرضى مقرن بن عبد العزيز من ولاية العهد.
المعارضون لهذا التدخل العسكري المباشر كما يقولون أنه يساهم في خسارة واضحة للسعودية اذ ان نفوذها في اليمن سيذهب مع ادراج الرياح لان الشعب اليمني لن يقبل أن يكون تحت رحمة ونفوذ دولة تقتل أبناءه وتدمر بلده. ويدركون أن الحسم العسكري أو الحزم كما يدعون لن يتم الا بالتدخل البري، وليس هناك جيش قادر على ذلك لأنه سيدخل جحيم نار من الصعب اطفاء لهيبها.
لكن الموالين للملك سلمان ما يزالون يعدون العدة لحرب برية، وهم يحاولون استقدام قوات من الخارج، من السنغال، من السودان، من الباكستان (فشلوا مع هذا البلد).. الخ. ولكن هذا الهجوم البري لن يتم لانه سيكون بمثابة انتحار أو قرار "أحمق" عسكرياً كما يقول ويؤكد ذلك خبراء عسكريون من مختلف الآراء والتوجهات.
كيفية الخروج من هذه الورطة
لا شك أن بعض الدول الخليجية ومنها الكويت تساءلت: الى أين سيقودنا هذا التحالف؟ وهل من الممكن ايجاد طرق أفضل للحل؟ واليس الحوار اليمني اليمني هو الطريق لحل هذا الاشكال؟
الحل كما يقول اليمنيون جميعا بأنه عبر الحوار الداخلي من دون تدخل خارجي.. وهناك من يقول ان اي حل يجب أن يلقى موافقة ايرانية وسعودية. من هنا فان على السعودية أن تحسّن علاقاتها مع ايران، وان يكون هناك اتفاق على انهاء هذا الوضع في اليمن بطرق سلمية، وليس بصورة عدوانية!
وانطلاقاً من ذلك فان تأجيج الامور مع ايران لن يخدم السعودية ولا الامة العربية، بل يُدخل المنطقة في صراع مرير لا مبرر له، وفي صراع يتمناه قادة اسرائيل لأنهم معنيون بألا يروا دولة واحدة في المنطقة قوية تشكل خطراً عليها.
لا بدّ من مراجعة سعودية هادئة لكيفية انقاذ اليمن من نزاع داخلي شرس، والخروج أيضاً من الورطة الصعبة أو المستنقع اليمني القذر.. وهذه المراجعة تحتاج الى جرأة، فهل هذه "الجرأة" متوفرة، أم ان القيادة السعودية الحالية ستغرق أكثر وأكثر في الوحل اليمني، وبالتالي تدخل المنطقة حرباً لا ضرورة لها ولا تخدم الا اسرائيل!