ضرورة التحرك الجاد لوضع حد لهذه الانتهاكات
لا يمر يوم واحد الا ويقتحم مستوطنون وغلاة العنصريين ساحات الحرم القدسي الشريف تحت حراسة الشرطة الاسرائيلية بحجة الزيارة، ولكنهم يقومون بأعمال عربدة واستفزاز يتصدى لهم المرابطون والمرابطات في المسجد الأقصى المبارك.
ومن أحدث هذه الاقتحامات قيام عناصر من الأمن الاسرائيلي صباح يوم الأربعاء 6 أيار الجاري باقتحام مصليات المسجد الأقصى المسقوفة، واجروا جولة استكشافية فيها برفقة أحد ضباط الشرطة، في الوقت الذي اقتحمت فيه مجموعات من المستوطنين والمستوطنات المسجد من باب المغاربة على دفعات منظمة، وكل دفعة أو مجموعة ترافقها حماية من الجيش والشرطة والقوات الخاصة والحاخامية في حائط البراق (المبكى). وذكرت المعلومات ان 8 عناصر من المخابرات و45 مستوطناً اقتحموا المسجد الأقصى في ذلك اليوم الاربعاء 5/ ايار/ 2015 تحت حماية الشرطة، وحاول المستوطنون ممارسة شعائر تلمودية، وتصدى لهم المصلون واجبروهم على الخروج من المسجد في مسيرة تخللتها التكبيرات وهتافات مناصرة للاقصى، ورفضا للاقتحامات وللمس بقدسية ومكانة المسجد. وقام المستوطنون فور خروجهم من باب السلسلة باستفزاز المبعدين عن المسجد الاقصى والمرابطين هناك، فيما قامت الشرطة والقوات الخاصة بدفعهم والاعتداء عليهم.
ويوم الثلاثاء 5/ايار /2015 قامت القوات الخاصة الاسرائيلية وبرفقة شرطيات باقتحام الأقصى من بابي الحديد والملك فيصل فجأة، وفي حوالي الساعة التاسعة والنصف صباحاً، وتم الاعتداء على المرابطات بوحشية وعنف، واعتقلت ثلاثاً منهن، واقتادتهن الى مركز للشرطة، واعتدت أيضاً على رئيس قسم وحدة الحراسة الصباحية اشرف ابو ارميلة، وعدد من الحراس بعنف خلال اقتحامها سطح قبة الصخرة.
وقامت الشرطة الاسرائيلية باعتقال المواطنة المقدسية فاتنة حسين من أمام باب المجلس، وتم اقتيادها الى مركز تحقيق القشلة وبأسلوب وحشي، وبتعدي سافر على حرمة المسجد الأقصى، وكانت هذه المرأة فاتنة حسين قد اختطفت قبل يومين من اعتقالها من المسجد الأقصى وخلع نقابها بصورة وحشية.
واقتحمت عناصر المخابرات الاسرائيلية معززة بقوات خاصة منزل موظف الاعمار في المسجد الأقصى حسام سدر بعد ظهر يوم 6 /ايار/2015، واجرت تفتيشاً دقيقاً فيه، وعبثت بمحتوياته الخاصة، وكان سدر قد تعرض سابقاً للاعتقال والابعاد عن المسجد الأقصى لمدة ستة شهور.
وكانت المحكمة الاسرائيلية قد سمحت للمتطرف والعنصري يهودا غليك بزيارة الحرم القدسي الشريف مرة في الشهر، واعتبر هذا القرار استفزازياً، واعتداء على حرمة هذا المكان الديني المقدس.
والجدير ذكره أن سلطات الاحتلال تصدر يومياً أوامر ابعاد عن المسجد الأقصى لمدة شهر أو أكثر بحق مصلين أو مرابطين أو مرابطات في حين أنها تسمح لكل المتطرفين بزيارة المسجد الأقصى بحماية الشرطة لهم.. وهذه الاجراءات تستفز مشاعر المسلمين بصورة عامة، ومشاعر أبناء القدس خاصة. وهذه الاجراءات تشجع أبناء القدس على التصدي لهذه الاقتحامات المنظمة للمسجد عبر المرابطة داخل الحرم، حتى أن المرابطة في المسجد الاقصى أصبحت ممنوعة من قبل سلطات الاحتلال وهذا مؤشر خطير اذ أن هذه السلطات قد تصدر مستقبلاً تصاريح دخول للمسجد تحت حجج وأعذار أمنية مختلقة.
الحفريات مستمرة وبهدوء
تسليط الأضواء في الفترة السابقة على موضوع الاقتحامات اليومية أبعد الى حد ما الاهتمام بما يجري تحت الحرم القدسي الشريف من حفريات بصورة هادئة، وبتعتيم كبير، وضمن مخططات مدروسة.
وأفادت عائلة عبد السلام المقيمة في حوش شهابي المحاذي لباب الحديد، أحد أبواب الحرم القدسي الشريف بالقدس أنها تسمع أصوات آليات الحفر الاسرائيلية أسفل منزلهم منذ أيام. وقال الشاب رامي نواف عبد السلام (33 عاماً) أنه منذ حوالي الاسبوع يسمع أصوات الحفر بين ساعات منتصف الليل والفجر، وتشعر العائلة بالقلق من تزايد الحفريات وتأثيرها على البنية التحتية للمنزل الذي يتواجد فوق نفق "البراق" الذي افتتح عام 1996، ويمتد من ساحة البراق وتحت سوق المسجد الأقصى من الجهة الجنوبية الغربية، ويمر تحت منزلهم في حوش شهابي "رباط الكرد" حتى المدرسة العمرية في منطقة الواد. وأكد الشاب رامي عبد السلام على أن هذه الحفريات متواصلة منذ سنوات ولكنها تجددت مؤخراً.
وذكر الشاب رامي أنه توجد تحت المنزل بوابة رئيسية، وهناك تخوف كبير من شق النفق الغربي باتجاه هذه البوابة تحت حوش شهابي، وبالتالي يستطيع الزوار اليهود للنفق من الدخول اليه من باب المغاربة والخروج من هذه البوابة مستقبلاً.
وحول المعاناة في حوش شهابي، فقد أكد رامي أنه تعقد يومياً حلقات ولقاءات واجتماعات دراسية للطلاب اليهود في هذا الحوش اذ يضعون الطاولات في الساحة، ويتناولون الطعام هناك، ويقيمون حفلات موسيقية ويمارسون طقوسهم الدينية ويضعون الرسائل في الحائط بحماية الشرطة الاسرائيلية بزعم أنه حائط البراق الصغير. وأكد أن جدته اقامت في هذا البيت منذ عام 1927. وسيواصل مع عائلته ووالده الحفاظ عليه.
وماذا بعد
اذا أراد أحدهم توثيق هذه الاعتداءات الاسرائيلية اليومية السافرة على الحرم القدسي الشريف، فانه يحتاج الى مجلدات.. ولكن التساؤل الأكبر الذي يطرح هو: ما هو المطلوب فعلياً لمنع المتطرفين اليهود من تحقيق أهدافهم الرئيسة وهي السيطرة الكاملة على هذا المكان المقدس المهم لكل واحد مؤمن بالله، ولكل عربي ولكل مسلم في العالم؟
يمكن القول أن الرباط في الحرم القدسي الشريف هو مهم جداً، ولكن لا بدّ من ضغوطات يجب أن تمارس على الحكومة الاسرائيلية لوضع حد لهذا الاستفزاز وهذه الاعتداءات. وهذه الضغوطات يجب أن تأتي من العالم كله.. لأنه اذا بقي الوضع على ما هو عليه، وتضاعفت وتيرة الاعتداءات، فان ذلك سيشعل نار حرب دينية.. وقد يؤدي الى ما لا تحمد عقباه.. لذلك على كل مسؤول في فلسطين والعالمين العربي والاسلامي والعالم كله أن يتحرك لمنع اندلاع شرارة حرب دينية قد تأكل الأخضر واليابس في المنطقة.