ترحيب عالمي به، واسرائيل المعترضة الوحيدة عليه
لم يفاجأ العالم من التوصل الى اتفاق اطار مرحلي حول الملف النووي الايراني بعد جولة من المفاوضات الماراثونية استمرت على مدى ثمانية أيام كاملة لانه كان يتوقع ذلك. وأعلن عن التوصل الى هذا النجاح بعد ظهر الخميس الموافق 3 نيسان 2015 في مدينة لوزان السويسرية. وقد أعلن هذه البُشرى وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني، ووزير خارجية ايران جواد ظريف بحضور وزراء خارجية روسيا واميركا وفرنسا والمانيا وبريطانيا.
وقد تم الترحيب بهذا الاتفاق الاولي اذ أن صياغة التفاصيل الكاملة لهذا الاتفاق ستتم وستعد للتوقيع عليها في شهر حزيران القادم، أي بعد حوالي الشهرين.
هذا الاتفاق لاقى الترحيب الكامل من الرئيس الاميركي باراك اوباما، ومن الدول الاوروبية جميعا، في حين أن اسرائيل، وبعض دول الخليج العربي، أبدوا امتعاضهم من هذا الاتفاق الذي وصفوه بأنه سيء جداً، ووصل الغضب الاسرائيلي الى حد أن مصادر اسرائيلية ذكرت وأكدت أن الخيار العسكري لاسرائيل وارد الآن، علماً أن هذا التهديد فارغ، لأنه لا يمكن لاسرائيل أن تتحدى جميع دول العالم التي عملت جاهدة للتوصل الى اتفاق سلمي هادىء يمنع ايران من امتلاك سلاح نووي، علماً أن ايران لا تسعى الى ذلك، واكدت هذا الامر مراراً وتكراراً، لكن اسرائيل هي التي تحرض ضد ايران، وتريدها أن تبقى من دون أي تطور علمي، ومن دون استثمار للنووي لاغراض سلمية، وأهمها بناء محطات توريد الكهرباء على الطاقة النووية.
مهما كان الغضب الاسرائيلي، فان الاتفاق تم، ومسيرته مستمرة لوضع نص الاتفاق النهائي والكامل.
أهم بنود الاتفاق
أهم بنود الاتفاق هو تعهد ايران بعدم استخدام الطاقة النووية لاغراض غير سلمية، وبالتالي وضع جميع منشآتها تحت مراقبة وكالة الطاقة الدولية لمدة 25 عاماً، وستقوم ايران ايضاً بالاحتفاظ بستة آلاف طرد مركزي، أي التنازل عن 13 الف طرد مركزي اذ أن بحوزتها الآن 19 ألف طرد.
مقابل ذلك، فان الدول جميعا قررت ايقاف العقوبات الدولية، والاوروبية والاميركية، سواء اكانت اقتصادية أو مالية، وان الاتفاق ساري المفعول لمدة عشر سنوات كاملة قابلة للتمديد. وان العقوبات المتعلقة بالملف النووي سيتم ايقافها فقط، أما العقوبات المتعلقة بمواضيع أخرى مثل حقوق الانسان ستتواصل. كما ان مجلس الامن سيتجتمع قريباً ويصدر قرار أممي يعلن فيه الغاء القرارات السابقة المتعلقة بفرض عقوبات اقتصادية ومالية على ايران بسبب الملف النووي الايراني.
من المنتصر بالاتفاق
كل طرف يقول انه انتصر في تحقيق هذا الاتفاق، ويمكن القول أنهم جميعا انتصروا لعدة أسباب ومن أهمها:-
1. التوصل الى اتفاق يرضي الجميع، ومن دون تنازل من طرف للجانب الآخر.
2. انهاء ملف تفاوض استمر لحوالي عشرين عاماً.
3. منع ايران، وبالطرق السلمية، من امتلاك سلاح نووي، مع أن ايران لا تريد هذا السلاح.
4. هذا الاتفاق السياسي تجنب مواجهة عسكرية ساخنة ومدمرة، وبالتالي فان الحوار الدبلوماسي منع من تصعيد الوضع في منطقة الشرق الأوسط.
5. قد يكون هذا الاتفاق مقدمة لتقدم وتطور العلاقات الاميركية مع ايران، وبالتالي "حلحلة" العديد من القضايا، واخراج منطقة الشرق الأوسط من دائرة الفوضى وعدم الاستقرار.
6. هذا الاتفاق قد يساهم في منع وقوع "حرب" دينية شيعية سنية.. وان تعمل ايران مع مجلس التعاون الاسلامي على تفادي ذلك.
لقد توقع مراقبون كثيرون بأن يكون هذا الاتفاق بادرة حسنة لمنع مزيد من التوترات في المنطقة، وفي بدء الانفراج في العلاقات بين دول الخليج وايران، من خلال توفير رسائل طمأنة، وكذلك التأكيد على عدم حرصها على نشر نفوذها داخل مناطق الخليج العربي، وان يكون هناك تعاون مشترك فيما بين الدول العربية والخليج العربي.
اسرائيل ستواصل التحريض ضده
سيواصل رئيس وزراء اسرائيل مهاجمة هذه الاتفاق، والتحريض ضده، وسيستخدم نفوذه الشخصي ونفوذ اللوبي الصهيوني حتى لا يتم التوقيع على التفاصيل النهائية له. وسيشمل التحريض بعض دول الخليج، وكذلك الكونغرس الاميركي. لكن الرئيس اوباما والدول الاوروبية سيقفون في وجه هذا التحريض لان العالم بحاجة الى سلم وهدوء، واميركا والعالم غير معنيين في خوض غمار حرب لن تؤدي الا لدمار، ولن تتحقق أكثر مما تم تحقيقه سلمياً، لانه ما بعد المواجهة العسكرية هناك مفاوضات.
نتنياهو يحرض باستمرار لأن ايران تمتلك القدرة لانتاج سلاح نووي إن أرادت، ولكنها لا تريد ذلك. وكذلك يحرض حتى تبقى عيون دول العالم على ايران تراقبها وتمنعها من مخالفة أي بند من بنود الاتفاق، وكذلك يثير هذا الامر حتى يبقى الملف الفلسطيني ثانوياً بالنسبة لاسرائيل، لأن الملف النووي الايراني هو قضية وجود، وأهم من تحقيق سلام مع الفلسطينيين.
تحريض نتنياهو لن ينطلي على أحد، فأهدافه مكشوفة، ولن يستطيع تحقيقها... ورغم صياحه وتحريضه فان العالم كله انتصر بالتوصل الى هذا الاتفاق، الذي يؤكد ان لغة الحوار أو اللغة الدبلوماسية هو خير وسيلة لحل النزاعات في منطقة الشرق الأوسط، والعالم كله!