قضية أسرانا في سجون الاحتلال تؤرق كل انسان يملك ضميراً حياً، إذ أن هذه القضية مهمة جداً، فهي تمس الشعب الفلسطيني بأسره، لانه ما من أحد من أبناء شعبنا الا وذاق طعم مرارة الاعتقال.
وأسرانا في سجون الاحتلال هم مناضلون ضحوا من أجل الوطن، ولم يستسلموا ولم يهادنوا، بل هم رجال حقاً وحقيقة، يواجهون أقسى الظروف وأبشع أنواع القمع والتعذيب والتنكيل يوميا.
ظروف صعبة متواصلة
لم يعش أسرانا طوال اعتقالهم الا ظروفاً صعبة وقاسية جداً، فالأكل سيء جدا، والمعاملة سيئة وقمعية وغير انسانية، ويتعرضون للتنكيل والمداهمة والعقاب الفردي والجماعي.
الاسير المحرر نضال خلف مفلح الحاج محمد (45 عاماً) صرح لوسائل الاعلام بعد الافراج عنه، وقضاء جزء من اعتقاله الاداري في سجن الرملة، أن هذا السجن هو أسوأ سجن اسرائيلي، ولا يصلح مسكناً للحيوانات.
الأسرى المعزولون يعيشون اوضاعاً في غاية الصعوبة، واسرائيل تنتهج سياسة الانتقام بحق أسرانا جميعا. والأسرى العاديون هم في سجون مزرية، فيها الديدان، والحشرات والزواحف، وفيها البرد القارس، وفيها كل ما هو سيء، وهذا الوضع المزري مقصود لانه يمثل ويشكل سياسة انتقام لنضال أسرانا وتصديهم للاحتلال.. ووقوفهم وقفة رجل ضد هذا السجان.
معطيات عامة
استناداً الى تقارير مؤسسات حقوقية عديدة خلال الفترة الماضية فان 53 عملية قمع واقتحام للسجون الاسرائيلية تمت منذ بداية العام الحالي. وهناك وحدات خاصة تقوم بهذه العمليات الوحشية التي تجري وتتم غالباً في ساعات الليل أو ساعات الفجر، ويتعرض فيها السجناء لابشع أنواع التعذيب والتنكيل والقمع.
وتعرض مؤخراً سجن ريمون الى ممارسات انتقامية بشعة، فهذا السجن يضم 7 أقسام، 3 أقسام منه لاسرى حركة فتح، و4 أقسام لاسرى حركتي حماس والجهاد والجبهة الشعبية وبقية الفصائل الفلسطينية. وقد قام الاسرى باضراب عن الطعام، وطالبوا بمطالب بسيطة، واجبرت السلطة السجون بتلبية بعض هذه المطالب.
وقد تم خلال الفترة الماضية تمديد الاعتقالات الادارية بحق المئات من أسرانا اذ أن هذه الاوامر الادارية تصدر بالجملة بعد ان لم تتوفر الادلة لمحاكمة أي اسير، فيحول الى الاعتقال الاداري.
والاحكام التي تصدر عن المحاكم العسكرية الاسرائيلية هي قاسية جدا، وقد صدر حكم بالسجن الفعلي على القيادي في حركة حماس عدنان منصور لمدة 30 شهرا. وقد صدرت احكام عديدة في الفترة الماضية.
أما الاسرى المرضى فهم لا يتلقون اي علاج، واذا كان هناك أي علاج فهو صوري وشكلي يعتمد فقط على قرص "الاكامول" فقط وهناك حالات انسانية محزنة جدا اذ أن بعض الاسرى فقدوا حاسة البصر، وهناك من خسر أطرافه، وهناك من يعاني من أمراض مزمنة، وموضوع الرحمة غائب في السجون اذ أن السجان غير رحيم، بل هو في الواقع جلف وقاسي القلب فقد كل مقاييس الانسانية. فالاسير منذر الحاج محمد هو بلا أسنان اذ فقدهما أثناء تواجده في الاعتقال، ويعيش منذ ثلاث سنوات على الحليب وبعض البسكوت!
أما عن الأسرى الاطفال فحدث ولا حرج، فهم بالعشرات، ولا رحمة بهم، وأصغرهم هو الطفل خالد الشيخ من بيت عنان. وكذلك عدد الاسيرات يصل الى 18 أسيرة، وهن يعشن ظروفاً قاسية بسبب القمع والتنكيل وسوء المعاملة.
تقصير عام تجاه الاسرى
هناك تقصير عام تجاه اسرانا، فلا يكفي أن نناشد المؤسسات الحقوقية المعنية بملفهم بمتابعة قضاياهم، والعمل على اطلاق سراحهم، بل يجب أن تكون هناك خطة استراتيجية وعملية لدعم الاسرى، واثارة قضيتهم، وتوفير الدعم لاهاليهم الذين يعانون من غيابهم، وفي زياراتهم لهم.. فلا يكفي ان نثير قضيتهم في وسائل الاعلام، بل يجب أن تكون هناك أعمال ونشاطات وفعاليات لدعم هذه القضية، ويجب أن تكون هذه النشاطات واسعة النطاق وليست محصورة في وطننا بل في كل أرجاء العالم.. وهذا يتطلب من سفارات فلسطين ان تصدر بيانات اسبوعية على الاقل حول آخر مستجدات وضع اسرانا، وكذلك رعاية احتفال اسبوعيا لمناصرة الاسرى، مع اجراء اتصالات والتعاون مع مؤسسات حقوقية في كل العواصم العالمية.
ويجب علينا نحن في وطننا العربي ايضا ان نُفعّل الشارع العربي ليثير هذه القضية، ويعتبرها قضية مهمة، وهي جزء من القضية الأم، قضية فلسطين.
كذلك على كل مسؤول فلسطيني ان تكون هذه القضية مثارة في اي اجتماع يعقد مع أي نظير له سواء في الداخل أو الخارج.
اذا قام كل واحد منا بواجبه تجاه الاسرى جميعا في سجون الاحتلال الاسرائيلي، فان وضعهم سيتغير، وستكون ظروفهم أوسع.. وهدفنا الاول والاخير هو كسر القيد، وتحريرهم في أسرع وقت، لانهم هم الوقود الذي يُبقي شعلة نضالنا وقضيتنا مشتعلة.. فعلينا الحفاظ على هذا الوقود، وعلينا ان نكون اوفياء لاسرانا، كما كانوا اوفياء ومخلصين في تضحياتهم للدفاع عن الوطن وفي مواجهة الاحتلال.