قام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بزيارة رسمية لمصر في مطلع شهر شباط الجاري (8-10 شباط) حيث التقى بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. وهذه هي الزيارة الاولى للرئيس بوتين لمصر في عهد الرئيس السيسي، والاولى لبوتين الى خارج روسيا مع بداية العام الحالي 2015.
التوقيت مناسب
توقيت الزيارة جاء مناسباً اذ أنها تأتي في ظل ظروف اقليمية ودولية ومن أهمها:-
· مواجهة مصر للارهاب في سيناء، وهذه المواجهة ساخنة جداً، واضافة الى ذلك فان الارهاب يهدد مصر في مختلف المناطق.
· بعد مرور 4 سنوات على ثورة 25 يناير/ كانون الثاني، واحتفالات مصر بهذه المناسبة.
· تواجه المنطقة مواجهة محتدمة وساخنة وخطيرة مع تنظيم "داعش" واخواته من تنظيمات ارهابية. واميركا تقود تحالفاً للتصدي لهذا الارهاب الخطير في العالم، اذ أن روسيا ضد الارهاب، وعانت منه في دولة الشيشان.
· المرحلة الأخيرة من التوصل الى اتفاق الدول الخمس + المانيا مع ايران حول ملفها النووي الايراني، وهذا يعني ان الجهود الدبلوماسية لحل هذا الملف قد تتكلل بالنجاح ليس لايران فقط، بل لروسيا التي هي التي ساعدت في انشاء واقامة وعمل المفاعل النووي الايراني في بوشهر!
· جهود تبذل من أجل حل الأزمة الاوكرانية، اذ أن هذه الزيارة جاءت قبيل لقاء يضم قادة روسيا، واوكرانيا والمانيا وفرنسا حول ايجاد حل سياسي لهذه الأزمة.
· تعاظم النفوذ الدولي لروسيا على مختلف الساحات العالمية، وخاصة منطقة الشرق الأوسط.
أهمية الزيارة
زيارة بوتين لمصر أخذت أهمية كبيرة بالنسبة لروسيا للأسباب التالية:
1. تعزبز العلاقات الثنائية مع مصر.
2. التوقيع على اتفاقيات عديدة، ومن أهمها اقامة مفاعل نووي للاغراض السلمية.
3. توفير دعم عسكري للجيش المصري من خلال التوصل الى عدة صفقات عسكرية مهمة.
4. توفير دعم اقتصادي الى مصر، وخاصة توفير القمح.
5. المساعدة في تطوير ومضاعفة الانتاج الزراعي المصري.
6. اعتبار مصر دولة صديقة لروسيا، وليست خصماً لها، وهذا يعني يمكن المضي قدماً معها لتحقيق تحالف سياسي وطيد مستقبلاً.
7. تعزيز الوجود الروسي في المنطقة، وهذا يعتبر انجازاً سياسياً كبيراً على حساب النفوذ الاميركي الذي يتآكل ويضعف يوماً بعد يوم نتيجة السياسة الاميركية الفاشلة.
أما أهمية الزيارة لمصر فتكمن في الآتي:
· الحصول على دعم روسي واضح لمواجهة الارهاب في سيناء وفي المنطقة.
· الحصول على مشروع اقامة مفاعل نووي لخدمة الاغراض السلمية.
· انهاء الاعتماد الكامل على اميركا، وهذا يعني تعدد مصادر الدعم لمصر، وبالتالي تكون قرارات قيادتها أكثر استقلالية وحرية.
· بدء خطوات عملية وفعلية لعودة مصر لتأخذ دورها الريادي في المنطقة.
· الحصول على مساعدات قيمة في مختلف المجالات، وهذه المساعدات ستساهم في تجاوز مصر لما تعانيه من وضع اقتصادي سيء.
رسالة مصرية لاميركا
استقبال بوتين في القاهرة هو بمثابة رسالة مصرية واضحة للادارة الاميركية مفادها أن النظام المصري معترف به من اكبر دول العالم، وان أي ضغوطات اميركية قد تمارس على مصر لن تجد مردودا جيدا لها، وان القيادة المصرية بدأت تلعب دوراً فعالاً ليس في المنطقة فحسب، بل في العالم برمته.
وتقول الرسالة أن مصر صاحبة القرار المستقل، وهي حرة في مواقفها وبالتالي لن تكون – كما كانت في السابق – محسوبة على الدول المتحالفة مع اميركا، فهي مهتمة بمصالحها، وحرة في علاقاتها مع دول العالم. وخير دليل على ذلك أنها توقع اتفاقية مع روسيا من اجل بناء مفاعل نووي سلمي، ولم تقم بذلك مع اميركا.
التعاون ضد الارهاب
ومن نتائج هذه الزيارة اضافة الى ما ذكر فان روسيا ستقدم الدعم لمصر في مواجهة الارهاب، وهذا الدعم يتمثل في تقديم مشورات وخبرات روسية في هذا المجال اذ أن روسيا عانت منه في الشيشان.. وهذا يعني ان مصر لم تشارك مع دول التحالف في مواجهة "داعش"، ورغم ذلك فهي ضد الارهاب بشتى أنواعه.
الزيارة كانت مثمرة النتائج، وأكدت من جديد أن مصر مهما عانت من أزمات ومؤامرات داخلية، فهي تبقى كبيرة في وجودها وتأثيرها على المنطقة.. وان مصر ستعود الى أيام زمان حين كانت كلمتها ذات أصداء ايجابية كبيرة في عالمنا العربي.