تجفيف مصادر الدعم وتطبيق قرارات الشرعية الدولية
يقصران عمر التنظيمات الارهابية
لانها تنظيمات ارهابية بامتياز، فانها ترتكب جرائم وحشية بحق كل من يقع بين يديها، وبحق كل من لا يساندها.. فهي التي هجّرت وطردت وابعدت ابناء الموصل عن منازلهم، وهي التي أعدمت المئات من أبناء العشائر، والعشرات من الجنود السوريين، وهي ما زالت تقترف الجريمة تلو الأخرى لاثبات أنها ارهابية، ولاثبات أنها تنتمي الى "دين" غير سماوي، دين يعتمد ويستند على القتل والجريمة البشعة المخالفة لكل معايير الانسانية، انها تنظيمات ومجموعات "داعش" (الدولة الاسلامية في العراق والشام) ومعها اخواتها من التنظيمات "الارهابية" العديدة تحت مسميات عديدة ومتنوعة.
تنظيم داعش اقترف مؤخراً جريمتين هزتا العالم كله، الجريمة الاولى حدثت في مطلع شهر شباط الجاري باعدام الطيار العربي الاردني معاذ الكساسبة حرقاً وهو حي بعد وضعه في قفص حديدي. وتم نشر هذا الشريط لعملية الاعدام الوحشية في بداية هذا الشهر (شباط الجاري) مع أن معلومات استخبارية افادت أن اعدامه حرقاً وبصورة مؤلمة تم في 8 كانون الثاني المنصرم، أي أنها كانت تفاوض من أجل اطلاق سراح المرأة ساجدة الرشاوي التي تم اعدامها رداً على هذه الجريمة تنفيذاً لحكم اعدام قضائي كان قد صدر بحقها قبل فترة، ولم ينفذ الا بعد أن اقترفت "داعش" هذه الجريمة النكراء.
أما الجريمة الثانية البشعة فقد اقترفها التنظيم الارهابي ذاته في ليبيا بحق 21 مصرياً قبطياً مؤخراً من خلال قطع الرؤوس.. في مشهد صعب ومؤلم جداً، مما يؤكد أن هذا التنظيم يحارب الجميع ويريد فرض "ارهابه" و"رعبه" على كثيرين.
وقد ادان العالم هاتين الجريمتين، وكان رد الاردن قاسيا بتكثيف الغارات الجوية على مواقع هذا التنظيم في العراق، في حين أن الطيران الحربي المصري شن غارات على مواقع داعش في ليبيا، وفي يوم واحد تم قتل اكثر من 150 عنصرا من هذا "التنظيم".
جرائم للترهيب
تعترف هذه التنظيمات بهذه الجرائم النكراء، والوحشية القذرة وتتباهى بها من خلال نشرها على العديد من المواقع، ومن خلال توزيعها بصورة اعلامية مهنية.. ويقال أن هناك عدداً من المختصين بالتصوير يقومون باخراج هذه المشاهد من الجرائم، ومن ثم يتم توزيعها.. وهناك اهداف وراء ارتكاب الجرائم ومن أهمها:-
· بث الرعب وحالة من الذعر لدى المواطنين الذين يقيمون في المناطق التي تسيطر عليها هذه التنظيمات، وبالتالي اجبارهم على الولاء لها، أو عدم محاربتها او الاساءة اليها لأنها قد تعدم وبكل سهولة ومن دون أي رادع لها على قتلهم.
· بث الرعب في المناطق المجاورة لتواجدها من اجل ضرب المعنويات للمواطنين، واجبارهم على الهروب تاركين خلفهم منازلهم وعقاراتهم ومحلاتهم وكل سبل عيشهم ليتحولوا الى نازحين أو مهجرين.
· بث الرعب في القوات التي تقاتلها من اجل المس بالروح والمعنوية القتالية، وبالتالي التخفيف من وطأة ما تتعرض له "داعش" والتنظيمات الاخرى من معارك طاحنة للقضاء عليها.
· الاساءة للدين الاسلامي، اذ ان كل عملية قتل واعدام بشعة تتم باسم الدين، وبالتكبير والبسملة، وذلك لاظهار أن هذا الدين السماوي يسمح بالقتل والاجرام.. وهذا التصرف يخدم اعداء الامة والانسانية واعداء الاسلام.
· محاولة اظهار ان هذه التنظيمات قوية جداً، ولديها كل الامكانيات، ومن الصعب أن يتم النيل منها.
مصادر دعمها
لا بدّ من القول ان أعداداً كبيرة انتمت الى هذه التنظيمات، اما بسبب غسل الدماغ دينياً وبصورة خاطئة، واما لظروف أو بيئة سيئة وانعدامية شجعت هؤلاء على الانضمام والانتماء اليها، للتخلص من حالة الفقر أو اليأس أو الاكتئاب الذين يعيشونها. وهناك من كانوا مطلوبين للعدالة وفروا منها ليلتحقوا ويقاتلوا لان القتال او الموت أفضل لهم من السجن.
وقد جاء الى هذه المنطقة، عبر تصديرهم، عشرات الآلاف من العناصر.. ويقال أن أكثر من 20 ألفاً جاءوا من اوروبا وحدها للقتال الى جانب هذه التنظيمات وفي مقدمتها "داعش".
أما مصادر التمويل بالسلاح فقد أتت من دول عديدة شاركت في المؤامرة على سورية قبل 4 سنوات، فأتى التمويل العتادي من اميركا واوروبا ودول خليجية، لأن الهدف الأساسي كان اسقاط الدولة السورية، وبالتالي الاطاحة بالرئيس السوري الدكتور بشار الأسد. وكان التمويل "العتادي" تحت يافطة دعم المعارضة للنظام في سورية، وكل ما حصلت عليه هذه المعارضة تحول الى هذه المجموعات الارهابية، اضافة الى أنها حصلت على بعض الغنائم من السلاح من خلال سيطرتها على بعض المواقع العسكرية. وهذه التنظيمات تملك أجهزة عسكرية متطورة جدا، ولذلك فان قتالها والتصدي لها ليس بالامر السهل لان بحوزتها دبابات ومدافع و"مناظير" ورشاشات الخ.
أما مصادر التمويل المالي فهي عديدة وكثيرة ومن أهمها:-
1. تمويل مباشر من بعض دول الخليج العربي، اذ أن قطر صرفت المليارات من الدولارات على تنظيمات موالية لها، كذلك السعودية، اضافة الى تمويل غربي لصالح ما يسمى الجيش الحر الذي لم يستلم المبالغ المعدة له وتحولت الى تنظيمات أخرى.. وهذه الاموال تصرف من أجل تغطية رواتب "المقاتلين"، وكذلك لتغطية مصاريف الاكل والمشرب!
2. الحصول على غنائم من بعض الاماكن وبيعها في مناطق عدة، وخير مثال على ذلك أن هذه التنظيمات سرقت كل المصانع السورية في منطقة حلب وباعتها في الاسواق التركية.
3. الحصول على ضرائب من المواطنين في المناطق التي يسيطر عليها تنظيم "داعش"، تنظيم الدولة الاسلامية، وهناك "جزية" مفروضة على القلة المتبقية من المسيحيين في تلك المناطق.
4. يسيطر تنظيم "داعش" على آبار للنفط في شمال سورية والعراق، ويتم بيع براميل النفط لتركيا وفي السوق السوداء، وهذا النفط يشكل دخلاً كبيراً لهذا التنظيم.
5. الحصول على تبرعات من جهات "اسلامية" متطرفة في العالم، وتحول الى هذه التنظيمات بشتى الطرق والوسائل السرية والالتفافية وغير الشرعية.
6. المتاجرة بالاعضاء البشرية، وخاصة لاولئك الذين يتم اعدامهم؟ هذا ما كشفت عنه مؤخراً مصادر استخبارية مما يؤكد أن هذه التنظيمات لا تبالي بأي شيء سوى فرض هيمنتها والاتجار بالدين وبالبشر أيضاً.
المطلوب لمواجهة الارهاب
ثلاثة أمور رئيسية مطلوبة من أجل مواجهة هذا الارهاب الذي يشكل خطراً كبيراً على أمن وأمان العالم كله، وليس فقط على امن ابناء المنطقة. وهذه الامور المطلوبة هي:-
1. خطوات معنوية ودينية وهذه تعني أن ينشط رجال العلم والفكر الاسلاميون في توعية المواطن، والتأكيد أن ما يجري هو حرام، ومرفوض دينياً. وان هذا الارهاب المدعوم "غربياً" هو للاساءة للديانة الاسلامية اولا وأخيراً، وكذلك لايقاع الفتنة الدينية في المنطقة والعالم أجمع.. وهذا يتطلب ايضا وضع حد لكل الفضائيات التي تحّرض على القتل وتسيء للاسلام، وتدعم الارهاب بذرائع وفتاوى مرفوضة ومزورة!
2. محاربة تنظيم داعش واخواته عسكريا: وهذه المحاربة تتطلب تحالفاً جاداً وفعالاً لقتال هؤلاء، وسحقهم في ارض المعركة، وقصف مواقع هذه التنظيمات بالطائرات لن يكون مفعوله قوي الا اذا تمت مرافقته بعمل عسكري ميداني. وهذا التصدي العسكري للارهاب يتطلب تحالفات بين جميع الذين يواجهون الارهاب، أي التعاون العسكري الكامل، وكذلك الى تنسيق فعلي بين معظم القوى التي تحارب هذه العناصر الارهابية.
3. تطبيق قرارات الشرعية الدولية المناهضة للارهاب مثل قرارات رقم 2170 و2178 و2099 المتعلقة بتجفيف موارد الارهاب، والتزام جميع الدول بهذه القرارات.
اذا حوربت فكرياً، وعسكريا، وتم تجفيف مصادر الدعم، فان تنظيم داعش وبقية المجموعات لن تصمد كثيرا، وعملية القضاء عليها، سيكون سهلا جدا، وفي فترة زمنية قصيرة ايضاً.
"الارهاب" لن يكون خطرا على الشرق الأوسط، بل هو خطر كبير على العالم بأسره، واذا لم يتم التعامل معه بحسم وحزم وجدية، فان الامور ستتفاقم أكثر وأكثر في العالم.
لا تتفرجوا على الارهاب، ولا تكتفوا ببيانات الادانة والاستنكار، بل واجهوا الارهاب بكل جدية وفاعلية.. فان كانت هناك ارادة جادة ونية صادقة وحسم في المواجهة، فان هذه التنظيمات ستزول.. وهذا أمل جماهير المنطقة لانه يكفيها معاناة من الاحتلال الاسرائيلي، فهي لا تريد الا الاستقرار بالقضاء على كل الأخطار وعوامله الارهابية!