تركيا عقبة أمام أي انجاز على الأرض
لدعمها المتواصل للارهاب
استناداً الى تقرير للأمم المتحدة فأن عناصر ارهابية أكثر من 80 دولة توجهوا الى سورية للقتال فيها، في حين أن أجهزة مخابرات اوروبية ذكرت أن ألف مقاتل يتوجهون شهرياً الى العراق وسورية للقتال فيهما الى جانب الحركات والتنظيمات الارهابية.
هذان التقريران يؤكدان على حقيقة واحدة أن "منابع" الارهاب لم تَجف، وان الدول المؤيدة للارهاب ما زالت تقوم بذلك دون أي اعتبار أو احترام لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2178 الذي يصر على التصدي للارهاب، ويدعو الى عدم توفير دعم له.
ويؤكد التقريران ان هناك جهات عديدة ما زالت تعمل لضرب وتدمير العراق وسورية، بدلاً من مساعدتهما، وهذا يعني أن هناك مخططات خطيرة ضد المنطقة.
اثبات دامغ على نظرية المؤامرة
عندما اندلعت الاحداث في سورية، وصفها أعداء سورية بأنها "ثورة" شعبية، لكن الدولة السورية قالت ان هناك مؤامرة تواجهها سورية. وكثيرون انجروا وراء أعداء سورية بوصف ما كان يجري بأنه "ثورة".. وقالت الدولة السورية أن هناك ارهابيين من أكثر من 80 دولة في العالم يعملون على الاراضي السورية، وان سورية تواجه "ارهاباً" خطيراً، لكن لم تسمع اذنا المجتمع الدولي لكل ما تقوله سورية، وكان هذا المجتمع متواطئاً مع "الارهاب" لضرب سورية، ولكنه فشل بفضل صمود الشعب السوري، وانجازات الجيش العربي وصمود القيادة، وحنكتها في ادارة التصدي للمؤامرة.
كانوا يقولون أن سورية تحاول استخدام نظرية المؤامرة، وكانوا ينعتون سورية بشتى الاوصاف المرفوضة، ولكن بعد مرور 44 شهراً على بدء المؤامرة أخذ العالم يعترف بأن ما كانت تقوله سورية هو صحيح، وان رسائل سورية للأمم المتحدة التي كان يسلمها مندوب سورية لدى الأمم المتحدة الدكتور بشار الجعفري كانت سليمة وصادقة، لكن المجتمع الدولي كان مُضللاً أو خادعا، ولا يصغي الى هذه الرسائل الى أن وصل الأمر بأن هذا "الارهاب" في سورية بدأ يشكل خطراً على المصالح الاميركية في المنطقة، وأصبح يشكل خطراً على أمن الدول الداعمة له وخاصة بعد عودة عناصر الارهاب الى أوطانهم بعد القتال في سورية.
التحالف في ورطة
التحالف الاميركي ضد "داعش" لم يبدأ ولم يقم الا بعد أن أصبحت المصالح الاميركية في خطر كبير.. وتشارك في هذا التحالف أكثر من 60 دولة. وهذا التحالف في ورطة كبيرة اذ أنه يعتمد على القصف الجوي لمواقع "داعش" في كل من العراق وسورية، ولكن ليست هناك انجازات على الارض. فهو بحاجة الى من يكمل مهمات القضاء على داعش في الميدان وعلى الأرض. ولا يريد في الوقت نفسه أن يرسل جيوشه الى القتال المباشر هناك، وبالتالي عليه الاعتماد على الجيش العراقي للتصدي لداعش على الاراضي العراقية، في حين أنه ما زال يبحث عن "قوات" للقتال ضد داعش في سورية. وهذا التحالف يراهن على "المعارضة السورية" المعتدلة من خلال تقويتها وتدريبها، لكن هذه المعارضة ضعفت وسيطرت عليها جبهة النصرة، وليس أمام هذا التحالف سوى اللجوء الى الجيش العربي السوري الذي يحقق انجازات قتالية ميدانية كبيرة ضد الارهاب، ولكن هذا الجيش لن يتعاون مع هذا التحالف الا اذا حقق شروط الدولة السورية المتمثلة في وقف دعم الارهاب تحت مختلف التسميات، ووقف التدخل بالشأن الداخلي السوري، وتجفيف منابع الارهاب، أي منع تدفق ارهابيين الى سورية، وكذلك وقف تمويلهم وتسليحهم. واذا لبى التحالف هذه الشروط الأساسية، فان عملية التصدي والقضاء على الارهاب ستكون سهلة، وكذلك قصيرة الوقت لا تحتاج الى وقت كبير.
تركيا عقبة أمام التحالف
يواجه التحالف الاميركي ضد داعش عقبة كبيرة أمام مواجهته لداعش، وهذه العقبة هي تركيا لانها توفر الدعم لداعش عبر معالجة جرحى التنظيم على الاراضي التركية، وتسمح بتدفق مقاتلين من دول العالم الى العراق وسورية عبر أراضيها، أي أن تركيا تخالف قرار مجلس الأمن الدولي. ومؤخراً أفرجت عن العديد من قادة "داعش" الذين كانوا في السجون التركية، وتوجهوا فوراً الى العراق مما يؤكد أن هناك تعاوناً بين تركيا وداعش.
التحالف الاميركي لا يريد المواجهة مع تركيا الدولة الصديقة، عضو حلف الناتو، لذلك فان تحقيق انجازات من خلال القصف الجوي أمر صعب لأن منابع الارهاب ما زالت قائمة.. والتحالف في حيرة من أمره في كيف يتجاوز العقبة التركية، فهي صديقة له وجزء من التحالف شكلا، ولكنها في الوقت نفسه هي ضده، من خلال دعمها لداعش واخواتها.
لا مفر الا بالاعتراف بالامر الواقع
أمام الصعوبات التي يواجهها التحالف في تصديه للارهاب بقيادة تنظيم داعش فان المحللين والمراقبين يعترفون بأن أي انجاز فعلي لن يتم أو يتحقق الا بالتعاون مع سورية، أي الاعتراف بالامر الواقع بأن سورية دولة قوية وانها تصدت للارهاب، وانها هي القادرة على ذلك.
وأصبحت هناك أصوات تدعو الى الحوار مع سورية، وفي اعادة العلاقات معها... لانه لا مفر من ذلك اذا اراد التحالف القضاء فعلا على الارهاب في المنطقة.
وهنا يطرح التساؤل الواضح والمهم: هل ستقبل سورية بذلك بعد أن شاركت دول التحالف في المؤامرة على سورية ودعمت الارهاب فيها، واوقعت الدمار الكبير بحق الشعب والوطن.
الجواب واضح: قد تقبل سورية ولكن بشروطها هي.. وهذا بحد ذاته انجاز سياسي وعسكري كبير لسورية، واعتراف بأن المجتمع الدولي يقر بأخطائه، وعليه تصحيحها عبر دفع ثمن ذلك.