رغم مرور أكثر من 5 شهور، فان رئيس جمهورية لبنان لم يتم انتخابه بعد لعدم التوافق بين "الأفرقاء" حول الرئيس الجديد. ورغم انتهاء ولاية البرلمان اللبناني وفترة تمديده، فان الانتخابات النيابية لم تتم، وهناك امكانية لتمديد فترة ثانية رغم معارضة بعض المحافظين على نزاهة القانون، لأنهم يعتبرون التمديد ليس دستورياً وليس شرعياً!
هذا هو الجو السياسي العام في لبنان. وقد زاده "طينة وبلة" رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط عندما اعتبر "جبهة النصرة" أمراً واقعاً، وكذلك "الدولة الاسلامية"، وان على لبنان التعامل معهما، وهذا بالطبع مخالف للقرارات الدولية التي تعتبر التنظيميين ارهابيين، وهذا ايضاً مستفز لاهالي الجنود اللبنانيين "المأسورين" لدى جبهة النصرة التي قامت باعدام أحدهم مؤخراً، وتهدد باعدام المزيد منهم!
هناك فوضى في لبنان بسبب غياب الدولة، والمؤسسة التي تحمي لبنان هي مؤسسة الجيش، واما من يدير لبنان فهي الحكومة برئاسة تمام سلام، والتي تم التوافق عليها من قبل القوى اللبنانية.
لبنان، في هذه الاجواء، هو في خطر كبير لأن من يسعى الى تدميره، ما زال يعمل على ذلك، وما زال يبذل جهوداً للايقاع بين القوى اللبنانية، والى ادخاله في اتون المعارك الجارية في سورية، الدولة الشقيقة الجارة.
أسباب التوتر والأخطار المحدقة
هناك عدة أسباب تقف وراء التوتر، والاخطار المحدقة بالدولة اللبنانية، ومن أهمها:-
1. التنظيمات الارهابية متواجدة على الحدود السورية اللبنانية تقوم بعمليات ضد الجيش اللبناني الذي يقوم بعمليات مداهمة وتفتيش لملاحقة من يعتدي عليه داخل لبنان. ويتصدى للارهابيين، ويعمل على منعهم من دخول أو اجتياح لبنان.
2. وجود خلايا ارهابية نائمة على الاراضي اللبنانية، وقد "تستيقظ" في وقت صعب قد تعيث في لبنان دمارا، ولذلك فان الأجهزة الأمنية تقوم بعمل جاد ومتعب للكشف عن هذه الخلايا ومن ثم اعتقالها.
3. الجيش اللبناني بحاجة الى تسليحه بشكل يستطيع من خلال عتاده مواجهة الارهاب بشتى أشكاله المتوقعة وغير المتوقعة اذ أنه يفتقد لسلاح متطور ليواجه الارهابيين الذين يقاتلون بأسلحة متطورة حصلوا عليها من الدول الداعمة لهم. وكذلك هو بحاجة الى ضم عناصر جديدة له لكي يكون قادراً على التواجد في كل مكان.
4. تعرض الجيش اللبناني للعديد من الاعتداءات، وقد سقط عدد كبير منهم خلال الفترة الماضية، والهدف من ذلك هو اشغال الجيش اللبناني في أمور داخلية، وبالتالي عدم القيام بواجبه للدفاع عن سيادة لبنان.
5. وجود أرض خصبة تدعم "الارهاب"، وخاصة في شمال لبنان، وفي مناطق عرسال وما حولها اذ أن قيادات سياسية ودينية توفر الحماية للارهابيين، وتشجع التطرف، وتعتبر الجميع كافرين، أي أنها قوى تكفيرية توجه انتقادات لاذعة واتهامات ضد حزب الله، وكان هدفها ادخال لبنان في نزاع داخلي مرير!
6. الخلافات السياسية بين القادة اللبنانيين، وكذلك محاولة البعض توفير حماية لمن يخترق القانون لأنه ينتمي الى حزبه.
7. هناك فارون من العدالة، والقوى الأمنية تبحث عنهم، وخاصة مصطفى الحجيري (أبو طاقية) المتهم بدعم الارهاب، ودعم التفجيرات التي وقعت في بيروت.
8. النزاعات العمالية المختلفة، والاضرابات التي يشهدها لبنان حول سلسلة الرواتب وحول قضايا داخلية (معيشية) متنوعة، والحكومة بطيئة في معالجتها بسبب الخلافات السياسية شبه المستعصية.
9. محاولة جهات خارجية التدخل في شؤون لبنان، والتحريض ضد "حزب الله"، وخاصة لأنه يشارك في القتال الى جانب سورية ضد التنظيمات الارهابية، وكذلك يحاول منع الارهابيين من الدخول أو الوصول الى الساحة اللبنانية.
10. اختراقات اسرائيل اليومية للحدود استغلالاً للظروف المواتية على الساحة اللبنانية، وقامت قبل حوالي شهرين باغتيال أحد قادة حزب الله علي حيدر، مما اضطر حزب الله الى الرد على ذلك من خلال وضع عبوة ناسفة في منطقة شبعا المحتلة، مما أدى الى اصابة جنديين اسرائيليين بجراح. وكان هذا التفجير بمثابة رسالة لاسرائيل بأن حزب الله قادر على المواجهة في أي لحظة تفرض عليه.
ما هو القادم
أمام هذه الأجواء والظروف والمعطيات، فان لبنان هو في مرمى نيران المنطقة، وقد يدخل نفقاً خطيراً من الصعب الخروج منه، لذلك على قادته التوافق وتوحيد الصفوف ووضع مصلحة لبنان فوق الجميع، وخاصة فوق المصالح الخاصة السياسية والحزبية.
وخير حصن لهم هو التفافهم حول الجيش، المؤسسة الوحيدة الحامية للبنان، والتي تعمل لتوفير الأمن والأمان لابنائه.. وكذلك التمسك بالمقاومة التي هي القادرة على منع اسرائيل من استغلال الظروف، والقيام بتنفيذ مخططاتها المعادية للبنان وكل دول الطوق.
الوضع صعب في المنطقة، والامور معقدة جدا... واللاعبون كثر، لذلك على لبنان أن يكون واعياً، لانه في مرمى النيران، واي خطأ في الحساب قد يؤدي الى دفع ثمن باهظ!