في خطوة مفاجئة قامت عائلات استيطانية ترافقها وتحميها الشرطة الاسرائيلية باقتحام عشرات المنازل في منطقة سلوان بالقدس، بادعاء أن هذه المنازل أو الوحدات السكنية في خمس بنايات قد تم شراؤها من أصحابها العرب خلال الفترة الماضية. والغريب أن هذه المنازل كانت فارغة، أي معدة للاقتحام أو الاستلام، والصفقة وقعت وتمت بصورة سرية لربما على مراحل وفي فترة زمنية ما، وبصورة هادئة.
وسائل الاعلام العبرية قالت أن عدد المنازل المباعة لليهود المستوطنين هي 25 شقة، في حين أن مصادر أخرى قالت أن عددها هو 26، وأحياناً 23 منزلاً، أو شقة، مما يعني أن هناك التباساً كبيراً حتى في عدد المنازل التي بيعت، والمعروف هو أمر واحد، وهو أن هذه الشقق هي في 5 بنايات، مما يدل ذلك على أن المعلومات الكاملة والدقيقة غير معروفة عن هذه الصفقة. وقد تم اتهام أحد أبناء الخط الأخضر بالمشاركة أو بالتورط في تسريب هذه العقارات أو احداها، الا أنه نفى ذلك، كما ان مؤسسة الأقصى نفت أن يكون لهذا الشخص أي علاقة بالمؤسسة، اذ تركها منذ سنوات، ولكنها اعترفت بأنه كان موظفاً سابقاً، ويبدو أن هذا الشخص قد استخدم موقعه الديني والاجتماعي لشراء أو تسريب هذه العقارات، أو أن اسمه استخدم لعدم كشف حقيقة الصفقة اذ انه مستعد للمواجهة واثبات انه لم يبع أي عقار لأي يهودي، وانه باع شقة فقط لشخص عربي الذي قام بعملية التسريب!
من المسؤول عن هذه الصفقة
لا شك أن المسؤول الأول عن هذه الصفقة هم أصحاب هذه العقارات اذ انهم لم يتأكدوا من هوية "الأشخاص" أو السماسرة الذين اشتروا هذه المنازل... اذ كان عليهم التأكد من ذلك، وخاصة أن هذه المنطقة هي ضمن أطماع المستوطنين للاستيلاء عليها.
والمسؤولية تقع على من يدعون أنهم "حماة" القدس، ويحكون باسمها في المؤتمرات وورشات العمل، ويتبوأون مناصب رفيعة ترتبط بالقدس، اذ أنهم لم يتابعوا القضايا في القدس، ولو أدوا واجبهم على أكمل وجه، لعلموا بأن هناك بيوتاً في منطقة سلوان تباع، وكان عليهم متابعة ذلك ولكنهم كانوا مغيبين، أو أنهم غيبوا أنفسهم لأنهم لا يعلمون ماذا يجري في القدس، وهم يهتمون بمناصبهم قبل اهتمامهم بمعاناة الشعب المقدسي.
والمسؤولية تقع على عاتق الأجهزة الأمنية الفلسطينية لعدم تمكنها من الحصول على معلومات حول هذه الصفقة أو التنبوء بها، مع أن هذه الاجهزة مطاردة، ولا تعمل في القدس، والحصول على معلومات دقيقة ليس بالامر السهل.
وهناك مسؤولية تقع على القيادات في القدس والذين يتركون الامور تسير بصورة فوضوية، ولا يصدرون بيانات ولا يقفون ضد تجاوزات خطيرة، بل هم متفرجون، ويتهربون من مسؤولياتهم لرميها على عاتق السلطة الوطنية الممنوعة من العمل في المدينة المقدسة.
وتقع المسؤولية أيضاً على من يسكنون ويقيمون في سلوان، وخاصة "جيران" هذه البنايات: ألم يلاحظوا أنها فارغة، ألم يسمعوا ببيعها؟ ألم يتساءلوا لماذا هذه البنايات فارغة وخاصة عند توجههم الى اصحابها؟ هل معقول أن يتم كل هذا التسريب دون علم أحد به، أو دون أن يشك أحد به. واذا كان الامر كذلك، فان وضع المدينة يكون في خطر كبير.. وان سياسة التهويد تتعزز يوماً بعد يوم على ارض الواقع.
ما هو المطلوب
هذه الصفقة لم تكن ولن تكون من الصفقات الخطيرة لشراء عقارات في القدس، وخاصة في منطقة سلوان، اذ ان اسرائيل تسعى الى تهويد هذه المنطقة القريبة من الحي اليهودي، وهي تقع الى جانب البراق (حائط المبكى)، وهناك مخططات لاقامة حديقة الملك داود. وكانت هناك محاولة لابعاد اكثر من 80 عائلة من منطقة الى اخرى بحجة أن بناياتهم تقع في منطقة أثرية، ولذلك لا بد من نقلهم الى عمارات جديدة حتى تقام حديقة النبي داود.
وانطلاقاً من أطماع المستوطنين في هذه المنطقة، وكل شبر من أراضي القدس لا بدّ من خطوات فلسطينية لمنع وقوع المزيد من الصفقات عبر الآتي:-
1. أخذ الدروس والعبر من الصفقة الأخيرة في سلوان، بعد الحصول على تفاصيلها الدقيقة من أجل تجنب وقوع صفقات مماثلة في المستقبل!
2. متابعة الأوضاع في القدس بصورة أكثر جدية، واكتشاف وقوع الصفقات قبل اتمامها من خلال آلية معينة، ومن بينها تشجيع المواطن على ابلاغ "الجميع" بشكه بوقوع صفقة تسريب عقارات في هذه المنطقة أو تلك من القدس.
3. نشر الوعي بمدى خطورة بيع شبر واحد من الارض للجانب الاسرائيلي، وان من يقوم بذلك يتحمل مسؤولية تاريخية، وكذلك يضع عارا على جبينه قد ينتقل الى جميع أفراد عائلته.
4. الاهتمام أكثر بالقدس، وتلبية ولو جزء من حاجة مواطنيها ومؤسساتها التي تشكل الحصن المتين في مواجهة سياسة التهويد.
في الختام، لا بدّ من القول أنه لولا تقاعسنا لما تمت هذه الصفقات حالياً وسابقاً، ولذلك يجب انهاء هذا التقاعس، والعمل بجدية للحفاظ على عروبة القدس، فمواطنوها يقومون بواجبهم في الدفاع عنها وعن مقدساتها، ولكنهم بحاجة الى دعم معنوي وفعلي كي يمنعوا ضعيفي النفوس من استغلال تقاعسنا واهمالنا لتمرير العديد من الصفقات.
الوضع لا يحتمل الانتظار، أو الاهتمام فقط بما قد تم، بل علينا الاهتمام فورا بما هو آت لمنعه وعرقلة خطوات واجراءات التهويد.