كانت في السابق جامعة للدول العربية، واليوم خادمة وامعة للدول الغربية
يتساءل كثيرون وفي ظل العدوان الاسرائيلي الشرس على القطاع: أين هي جامعة الدول العربية؟ ماذا فعلت لوقف هذا العدوان أو ردعه؟ ولماذا كانت متحمسة وفي حالة انعقاد دائم عندما شن المجتمع الغربي مؤامراته على سورية، وتم عقد عشرات الجلسات للوزراء والمندوبين، واصدرت قرارات جائرة بحق سورية؟ ولم تفعل هذه "الجامعة" أي شيء لمنع احتلال العراق بل باركته. هذه الجامعة دعت الى تدخل عسكري في ليبيا لاسقاط نظام العقيد القذافي، وارسلت قطر طائراتها المقاتلة التي يقودها طيارون اجانب للمشاركة في قصف ليبيا. والتساؤل هنا: لماذا لم تعقد هذه الجامعة سوى اجتماعاً واحداً لوزراء الخارجية بعد 8 أيام على بدء العدوان على القطاع، ولم يصدر أي قرار سوى تبني المبادرة المصرية لوقف اطلاق النار، هذه المبادرة التي رفضتها الفصائل الفلسطينية المقاومة التي ارادت أن يكون وقف اطلاق النار متزامناً مع قرار فك الحصار عن القطاع.
ليست جامعة للعرب بل خادمة للغرب
هذه المنظمة العربية التي من المفروض أن تكون جامعة، من كلمة تجمع، أصبحت كلمة تقسم أو مقسمة للعالم العربي، واذا أصر أحدهم على أن تبقى كلمة جامعة ملاصقة وملازمة لها، فلا بدّ من القول أو الوصف بأنها جامعة الدول "الغربية" اذ انها تخدم الدول الغربية، وهذا عنوان صحيح. واذا أردنا أن يكون الوصف دقيقاً لهذه المنظمة أو الهيئة فيمكن تسميتها: جامعة خدام الدول الغربية، لانها موالية للغرب وتحقق له ما يريد من الخدمات والرغبات والطلبات.
أيام زمان
في الماضي البعيد قبل عام 1967، كان للجامعة العربية وجود قوي على الساحة الدولية، وكانت قراراتها ترهب الدول التي تعادي العرب والقضية الفلسطينية، ويذكر أن هذه الجامعة تبنت قطع العلاقات الدبلوماسية مع المانيا الغربية اذ كانت المانيا دولتين احداهما غربية والثانية غربية قبل سقوط حائط برلين. فاضطرت المانيا التراجع عن مواقفها بعد ان التزمت الدول العربية وقطعت العلاقات الدبلوماسية مع المانيا.
بعد حرب حزيران 1967، استطاعت جامعة الدول العربية أن تقنع غالبية الدول الافريقية على قطع العلاقات الدبلوماسية مع اسرائيل، ولكن هذه الجامعة لا وجود لها الان على الساحة الافريقية بل أصبحت تحل مكانها "اسرائيل" بدعم من اميركا والمجتمع الدولي.
في السبعينات قامت الجمعية العامة للامم المتحدة بتبني العشرات من القرارات المؤيدة لفلسطين، ولكن الآن، تبخرت هذه القرارات لان الجامعة ضعيفة.
كيف يمكن لهذه الجامعة أن تحافظ على وجودها عندما تتوجه ومع أمينها العام المدعو نبيل العربي الى مجلس الامن لاستصدار قرار دولي يطلب التدخل العسكري في سورية، أي شن هجوم عسكري على هذا البلد المؤسس للجامعة العربية. كيف ستحترم الدول هذه الجامعة اذا كانت معادية لاعضائها.
أيام زمان كانت الجامعة، جامعة، أما اليوم فقد أصبحت خادمة. وهناك أسباب لذلك.
البترو دولار سبب التدهور
ومن أهم أسباب هذا التدهور لموقع ومكانة الجامعة العربية أن جماعة البترودولار بدأت تسيطر عليها بفضل الدعم الاميركي لهذه الجماعة. في السابق كانت الدول الكبيرة: مصر وسورية، والعراق، والجزائر والسودان، تهمين على هذه الجامعة، وكانت السعودية أحياناً تنضم الى هذه الدول وأحياناً تخرج من ذلك لتدعم موقفاً مسانداً للغرب.
وفي التسعينات كان هناك مثلث الاقطاب العرب يهيمن أو يؤثر على الجامعة وهو القائم على مصر وسورية والسعودية، لكن مصر ضعفت لان الرئيس مبارك هو بنفسه أضعف مصر ولم يدافع عن مصالح مصر في السودان وفي الكثير من الدول العربية والافريقية. وسورية تعرضت للمؤامرة، وأصبحت السعودية مسيطرة، ولكن قطر الدولة الصغيرة جدا، أخذت دور السعودية أو هيمنت عليه، وقطر تدعم الاخوان المسلمين، والادارة الاميركية برئاسة باراك حسين اوباما باركت، لا بل شجعت على ذلك وبدأت قطر تصب جام غضبها على سورية، وتهدد كل من يعارض موقفها في الجامعة، ووضعت أمينها العام في "الجيب" بعد شرائه ببضعة دولارات. وبعد العدوان الاسرائيلي على القطاع عام 2012، وعند قيام وفد وزراء خارجية العرب بزيارة القطاع قال وزير خارجية قطر آنذاك حمد بن جاسم بان العرب نعاج لا تستطيع فعل أي شيء.. سوى التوسل لاميركا واسرائيل لوقف العدوان. أي ان الجامعة العربية تهيمن عليها جماعة البترودولار المتعاونة مع اسرائيل، وتقيم علاقات من تحت الطاولة وفوقها مع اسرائيل، وأصبحت هذه الجماعة لا تؤيد القضية ولا تتبناها الا قولا لا فعلاً.
انقسام المحاور..
في العام 2012 اجتمعت الجامعة لانه لم تكن هناك محاور مؤيدة أو معارضة ولم يكن هناك خلاف سعودي قطري.. أما اليوم فهناك محور سعودي تدعمه مصر والسلطة الفلسطينية وهو معارض لحركة الاخوان المسلمين، في حين أن هناك محور قطر، وهو مدعوم من تركيا وجماعات الاخوان في العالم العربي. وهناك محور ثالث يدعم المقاومة يتألف من سورية والجزائر ولبنان وايران.
وامام هذا الانقسام لا يستطيع أمينها العام فعل أي شيء، ولذلك تبقى هذه الجامعة الخادمة "للغرب" مشلولة أمام القضايا العربية، ولا تستطيع أن تفعل أي شيء يغضب اميركا واسرائيل..
وانطلاقاً من هذا الوضع، وبعد ابعاد سورية عن عضويتها، وبعد أن اصبحت مشلولة نتيجة الخلافات بين دول البترودولار يمكن القول أن هذه "المنظمة" هي في ذمة الله، وتنتظر مراسم تشييع، وهذه المراسم، التي لا تستحقها، قادمة لا محالة!