* لا يوجد حلول إلا بفتح معابر غزة التجارية ورفع الحصار عن القطاع
* هرمنا من كثرة الحديث عن الاستثمار في فلسطين
* إغلاق الأنفاق المفاجئ تسبب في خسائر اقتصادية فادحة
غزة- خاص بـ"البيادر السياسي":ـ حاوره/ محمد المدهون
تتفاقم الأزمات في وجه حكومة التوافق يوماً بعد يوم، خاصة الأزمات الاقتصادية، في وقت باتت تعاني فيه هذه الحكومة من أثقال كبيرة ترهق كاهلها، لعل أبرزها قضية رواتب الموظفين في حكومة غزة السابقة، وسبل إيجاد التمويل اللازم لتغطية فاتورة راتبهم الشهرية التي تقدر بما يزيد عن ثلاثين مليون دولار، فضلاً عن النفقات الشهرية لمؤسساتها ووزاراتها في غزة، مما يضع الحكومة على المحك، ويحد من قدرتها على تحقيق الأهداف التي وجدت من أجلها.. "البيادر السياسي" استضافت الخبير الاقتصادي الدكتور/ ماهر الطباع وناقشت معه في الحوار التالي، آخر المستجدات على هذا الصعيد، بالإضافة إلى العديد من الملفات الاقتصادية.
عجز في الموازنة
* منذ اللحظة الأولى لميلاد حكومة التوافق التي طال انتظارها بدأت المشاكل تتفجر في وجهها، لعل أبرزها قضية الموظفين.. بداية كيف تحللون ما جرى؟ وإلى أين تسير الأمور؟
- في اعتقادي بأن السبب فيما جرى هو عدم البحث في القضايا الجوهرية أثناء لقاءات المصالحة التي جرت على مدار 50 يوماً، وكل ما تم التباحث علية هو أسماء الوزراء في حكومة التوافق الوطني، كذلك عدم الإعلان الرسمي عن بنود الاتفاق، مما أدي إلى الضبابية في الكثير من القضايا الجوهرية، و أهمها قضية دمج موظفي غزة ورواتبهم .
الأمور المالية للسلطة الوطنية سيئة للغاية، حيث تعاني من عجز كبير في موازنة عام 2014 يكاد يصل إلى مليار وتسعمائة مليون دولار، هذا بالإضافة إلى ديون على السلطة الوطنية الفلسطينية تتجاوز أربعة مليار دولار.
* هناك حديث عن استعداد دول لتغطية رواتب موظفي حكومة غزة السابقة وخاصة قطر.. هل يمكن لهذه الدول أن تغطي هذه الفاتورة برأيكم؟
- المشكلة ليست فيمن يغطى رواتب الموظفين، المشكلة إلى متى سوف نعتمد على الدول المانحة في تسيير أمور السلطة؟ و إلى متى سوف يستمر دعم المانحين؟
رفع الحصار
* يعول أبناء قطاع غزة كثيراً على حكومة التوافق في رفع الحصار عنهم، وتحسين ظروفهم المعيشية، وفتح آفاق عمل أمامهم.. هل من بوادر إيجابية على هذا الصعيد؟
- للأسف الشديد لا توجد أي بوادر إيجابية، حيث أن إسرائيل أعلنت العديد من الإجراءات العقابية فور تشكيل حكومة الوفاق، وأهمها منع مجلس الوزراء من الالتئام تحت سقف واحد برفضها إصدار تصاريح لوزراء غزة في حكومة الوفاق، وأصبح الوزراء محاصرين.
* جرى الحديث عن مؤتمر للاستثمار سيتم عقده في غزة.. ما حقيقة هذا الموضوع؟ وإلى أي مدى ممكن أن يساهم هذا المؤتمر في تحسين الوضع الاقتصادي وجلب الاستثمارات؟
- هرمنا من كثرة الحديث عن الاستثمار في فلسطين، يجب قبل التفكير في الاستثمارات الخارجية وعقد المؤتمرات، يجب دعم الاستثمارات المحلية القائمة، وتشجيعها للنمو والتطور لتساهم في إعادة بناء الثقة لدي المستثمرين من الخارج.
كما يجب تطوير قانون تشجيع الاستثمار الفلسطيني لكي يشكل مناخاً استثماريا ًجاذباً ومنافساً للدول المحيطة، ويواكب المتغيرات الجديدة في اقتصاديات العالم وتشجيع الاستثمار في فلسطين وذلك بإعطاء المحفزات الضريبية وغيرها للمستثمرين المحليين والأجانب للاستثمار في فلسطين، والعمل على تطوير منظومة التشريعات الخاصة بالاستثمار، وعلى تبسيط الإجراءات التي تعيق الاستثمار. ويجب الحصول على ضمانات دولية بألا تقوم إسرائيل بتدمير ما سوف يتم إنجازه، وفتح كافة المعابر الحدودية أمام حركة الأفراد والواردات والصادرات من البضائع قبل الحديث عن الاستثمار الخارجي .
هدم الأنفاق
* بعد إغلاق الأنفاق تدهور الوضع الاقتصادي بشكل ملحوظ في غزة.. هل من بدائل وخيارات وضعتموها كاقتصاديين للخروج من الأزمة الراهنة؟
- للأسف الشديد دائماً كنا نحذر من أن إغلاق الأنفاق المفاجئ دون فتح المعابر التجارية، ودخول كافة أنواع البضائع إلى قطاع غزة ورفع الحصار الكامل سوف يتسبب بخسائر اقتصادية فادحة، خاصة في قطاع الإنشاءات الذي يعتمد اعتماداً كلياً على دخول مواد البناء ومستلزماتها عبر الأنفاق نتيجة منع الجانب الإسرائيلي دخولها عبر المعابر الرسمية.
لا توجد حلول إلا بفتح معابر غزة التجارية، ورفع الحصار عن قطاع غزة، وإدخال كافة احتياجاته من الواردات دون التحكم بالنوع والكم ودون قيود أو شروط، والسماح بتسويق منتجات قطاع غزة الصناعية والزراعية في أسواق الضفة الغربية، وتصدير تلك المنتجات للعالم الخارجي.
البطالة
* إلى أين وصلت معدلات البطالة في غزة ؟ وما هي الحلول المطروحة؟
- ارتفعت معدلات البطالة في فلسطين ووصلت إلى 26.2% حيث بلغ عدد العاطلين عن العمل 328 ألف شخص في فلسطين خلال الربع الأول لعام 2014، منهم حوالي 147,800 ألف في الضفة الغربية وحوالي 180,200 ألف في قطاع غزة، وما يزال التفاوت كبيراً في معدل البطالة بين الضفة الغربية وقطاع غزة حيث بلغ المعدل 40.8% في قطاع غزة مقابل 18.2% في الضفة الغربية، وسجلت الفئة العمرية 20- 24 سنة أعلى معدلات للبطالة، حيث بلغت 43 % في الربع الأول لعام 2014. ومن المتوقع أن تتجاوز معدلات البطالة في قطاع غزة 44% خلال الربع الثاني من عام 2014.
وللحد من انتشار البطالة، يجب طرح مشاريع إستراتجية تحمل صفة الديمومة، وتشغل أكبر عدد من العمال العاطلين عن العمل، وفتح أسواق العمل العربية للخريجين الفلسطينيين ضمن ضوابط ومحددات، بحيث يتم استيعاب الخريجين ضمن عقود لفترة محددة.
موت سريري
* ما هي صورة الوضع في المنشآت الاقتصادية في قطاع غزة في المرحلة الراهنة ؟
- قطاع غزة بأسره يمر بمرحلة الموت السريري، فالعديد من الأنشطة الاقتصادية متوقفة، والأخرى تعمل بإنتاجية لا تتجاوز 40% من طاقتها الإنتاجية، ويمر الاقتصاد في قطاع غزة بحالة ركود و كساد لم يسبق لها مثيل.
* كم بلغت حجم الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الحصار على غزة؟
- الخسائر لا تعد و لا تحصى
* ما رأيكم في المبادرات والخطط الاقتصادية التي تم طرحها في الفترة الأخيرة؟
- كان الله في عون الاقتصاد الفلسطيني، الجميع يعكف على وضع الحلول والخطط والمبادرات والدراسات من جهة، وآخرون ينادون بالمؤتمرات الاستثمارية من جهة أخرى، ويبقى الحال على ما هو عليه دون أي تقدم أو إنجاز، بل بالعكس نعود للخلف حيث أن الاقتصاد الفلسطيني في أسوأ حالاته: انكماش في معدلات النمو، تراكم الديون، عجز في الموازنات، ارتفاع في معدلات البطالة والفقر نتيجة لانخفاض الإنتاجية في كافة الأنشطة الاقتصادية، غلاء في المعيشة غير مسبوق.. وأصبحت الخطط الاقتصادية والمبادرات على طريقة التسوق شكل بأيدك، حيث أنه تم طرح ما يزيد عن أربع خطط اقتصادية خلال السنوات الأخيرة، استهلكت أموالاً ومجهوداً ولم يطبق منها شيئاً على أرض الواقع، وبقت حبراً على ورق، لأن جميعها كان مرهوناً بالتطورات السياسية مع الجانب الإسرائيلي.
* هل تتوقعون مستقبلاً اقتصادياً أفضل في غزة في المرحلة القادمة؟
- في حال بقاء الأوضاع على ما هي عليه لا يوجد أي إمكانية للتحسن، بل سوف تشهد الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية مزيداً من التدهور.