استثمار العملية بأبشع صورها
لتطبيق المخططات الاسرائيلية ضد شعبنا الفلسطيني
أعلنت اسرائيل ظهيرة يوم الجمعة 13/6/2014 عن فقدان ثلاثة مستوطنين اذ أن سيارة عربية اختطفتهم حينما ركبوا بها قرب مفترق طرق مستوطنة غوش عتصيون على طريق بيت لحم الخليل. والمستوطنون الثلاثة هم طلاب في معهد ديني في مستوطنة غوش عتصيون. وذكرت اسرائيل ان الشبان الثلاثة اختطفوا مساء الخميس، حوالي العاشرة مساء، وقد اتصل احدهم عبر هاتفه الخلوي لمدة 2,15 دقيقة مع مركز الشرطة، الا ان رجال الشرطة المناوبين لم يكترثوا بالمكالمة الهاتفية، وابلغوا عنها بعد مرور عدة ساعات، اي في فجر يوم الجمعة 13/6/2014. وعندها تحركت الاجهزة الامنية بكامل قواها وطاقاتها للبحث عن المفقودين الثلاثة.
غموض حول حادثة الاختطاف
لقد ساد غموض كبير حادثة الاختطاف، إذ منع رئيس الوزراء الوزراء والمسؤولين من الادلاء بأي تصريح قد يسيء الى مسار البحث والتحقيق، كما ان الأمهات أعلنَ أن السلطات الاسرائيلية كانت تقدم لهن التقارير اليومية عن نشاطها، وزرعت حالة الاطمئنان في نفوسهن.
والغموض الاكبر يكمن في أن هؤلاء المستوطنين الثلاثة اختاروا التنقل ليلا من كفار عتصيون بدلا من استخدام المواصلات العامة.
وانتهى الغموض حينما اعلن عن اكتشاف هؤلاء مقتولين في أحد الحقول بعد مرور حوالي 18 يوماً على اختفائهم.
اجراءات قمعية بشعة
عقب حادثة الاختطاف مارست اسرائيل اجراءات قمعية بحق ابناء الشعب الفلسطيني تمثلت:-
· فرض حصار شامل على منطقة الخليل ومنع الدخول اليها او الخروج منها.
· القيام بأعمال بحث وتمشيط لم يسلم منها أي بيت في الخليل، وخاصة القرى القريبة من غوش عتصيون.
· القيام بحملة اعتقالات واسعة وشاملة بعد اتهام حركة حماس بالمسؤولية عن هذه الحادثة، اذ تم اعتقال كل النواب وكل القياديين.
· المداهمات والاعتقادات لم تقتصر على منطقة الخليل بل شملت ايضا كل مدن وبلدات وجامعات الضفة الغربية من شمالها الى جنوبها.
· اعادة اعتقال الاسرى المحررين بموجب صفقة وفاء الاحرار المعروفة ايضا باسم صفقة شاليط. ولم يسلم منهم أحد.
· القيام بغارات جوية انتقامية على القطاع، وهذه الغارات تواصلت بشكل يومي مما اجبر المقاومين على الرد على هذه الغارات باطلاق قذائف صاروخية على المناطق الاسرائيلية المحاذية لقطاع غزة.
· اغلاق العديد من المؤسسات والجمعيات في الضفة والقدس التي تتهمها اسرائيل بأنها موالية لحركة حماس.
لماذا اتهام حماس!
وجهت اسرائيل اتهاماً واضحاً الى حركة حماس بتحمل مسؤولية الاختطاف، واتهمت القياديين الميدانيين انور القواسمة، وعمر ابو عيشة بتنفيذ العملية نظراً لاختفائهما وتواريهما عن الانظار منذ حادثة الاختطاف.
ومما زاد قناعة اسرائيل بالاختطاف المعلومات الامنية العديدة التي حصلت عليها الاجهزة الامنية، وخاصة من الاصوات التي ظهرت عبر المكالمة الهاتفية للمستوطنين مع مركز قيادة الشرطة الاسرائيلية. وكذلك من مصادر عدة. وحمّلت المسؤولية لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس، خالد مشعل لانه – حسب الزعم الاسرائيلي – اراد اثبات نفوذه في الضفة الغربية.
وأصدرت كتائب بيت المقدس بياناً تحملت وتبنت من خلاله عملية اختطاف وقتل المستوطنين الثلاثة، هذا البيان زاد من قناعة الاجهزة الامنية الاسرائيلية بأن حماس تقف وراء العملية لان كتائب بيت المقدس تابعة لحركة الاخوان المسلمين اذ أن خالد مشعل أحد اعضائها، وان حماس جزءاً منها.
وقد قامت القوات الاسرائيلية بعد العثور على جثث المستوطنين الثلاثة بنسف منزلي المطلوبين القواسمي وابو عيشة في الخليل.
خطة معدة مسبقاً
رد الفعل الاسرائيلي القاسي على الاختطاف التي تمثل بفرض عقوبات جماعية على شعبنا أثار سؤالا واضحاً وهو: هل خطة الاعتقالات والمداهمات الواسعة التي شملت كل الضفة والقدس كانت عفوية أو معدة مسبقاً؟ ولماذا هذا القمع المبالغ فيه، ولماذا هذا الدفاع المميت عن ثلاثة مستوطنين؟
استثمار للحادث
حاولت اسرائيل استثمار واستغلال هذه الحادثة بأبشع الصور اذ شنت حملة اعلامية ضد حماس في الداخل والخارج، وبالتالي شنت حملة ضد حكومة الوفاق الوطني، وضد المصالحة الفلسطينية، وارادت استغلال هذه الحادثة أيضاً لضرب الانجازات السياسية للقيادة الفلسطينية، وكذلك ضرب تعامل اميركا ودول عديدة مع حكومة التوافق الوطني الفلسطينية. واستثمرت واستغلت الحادثة لاعادة اعتقال الاسرى الذين حرروا بصفقة شاليط، ولتوجيه ضربة لحركة حماس، وللنيل من بنيتها التحتية والعسكرية والسياسية في الضفة الغربية والقدس، اذ أن تعاظم قوة حماس سيؤدي الى مواجهات ساخنة مع اسرائيل.. وهذه المنطقة بالنسبة لاسرائيل مهمة، واي نفوذ قوي لحماس يشكل خطراً كبيرا عليها!
المكالمة الهاتفية سبب القتل
استناداً لمحللين سياسيين، فان اكتشاف الخاطفين لاجراء احد المستوطنين مكالمة هاتفية غيّر من اهداف العملية اذ كانت تستهدف السعي الى صفقة لاطلاق سراح مزيد من الاسرى الفلسطينيين، اذ قدر وتوقع الخاطفون بأن اجهزة الامن علمت بحادثة الاختطاف، وهذا يعني أن الملاحقة لهم ستكون سريعة، لذلك قرروا قتل المستوطنين الثلاثة ودفنهم بسرعة والفرار من المنطقة. ويقول هؤلاء المحللون ان قتل الثلاثة يعني فشل تحقيق أهداف العملية.
خط أحمر
لقد جرت محاولات لخطف جنود، واستناداً للاجهزة الامنية، فان هذه المحاولات باءت بالفشل. واما اختطاف ثلاثة مستوطنين فحوّلت جهود وعمليات الاختطاف نحو المستوطنين، وتوفير حماية لكل منهم أمر صعب جدا، ولذلك فان اسرائيل فقدت الاعصاب بعد حادثة الاختطاف واعتبرته تجاوزا للخط الاحمر، ولذلك قررت شن حملة شعواء ضد حركة "حماس"، وبالتالي وضع حد لتعاظم قوتها في الضفة الغربية.
وماذا بعد ذلك
هل استطاعت اسرائيل النيل من حماس في الضفة؟ هناك من يقول انها وجهت ضربة كبيرة وموجعة، ولكن هناك من يخالف هذا الرأي بالقول أنه كلما اشتد الخناق والتضييق والقمع ضد "حماس" فانها ستحظى بشعبية اكبر.. واسرائيل تعرف النتائج السلبية والايجابية من اجراءاتها ضد حركة حماس. وهذه الاجراءات ستتواصل الى وقت طويل حتى تكشف الخاطفين، وحتى تحاصر حماس جيدا في الضفة الغربية. ولكن هل ستنجح اسرائيل في انهاء حماس في الضفة؟ الاجابة واضحة وهي انه من الصعب محاربة فكر وثقافة ونهج.. قد تضعف حماس ميدانياً، ولكن من الصعب القضاء عليها كاملاً.