مفاجآت المقاومة في الصمود والمواجهة
الاجتياح البري الاسرائيلي لن يكون
شاملاً بل محدوداً وجزئياً
العدوان الاسرائيلي الواسع النطاق جواً وبحراً، وقصف بري عن بعد، دون اجتياح بري شامل حتى الآن لم يكن وليد صدفة، ولم يكن عفوياً إذ أن التهديدات المتواصلة بتوجيه ضربة عسكرية ضد القطاع متواصلة ومستمرة منذ فترة طويلة، وقبل اختطاف وقتل المستوطنين الثلاثة في منطقة غوش عتصيون. وما ان أعلنت اسرائيل عن اختفاء هؤلاء المستوطنين مساء يوم الخميس 12/6/2014 حتى بدأت باتهام حماس بالوقوف وراء هذه الحادثة، وشنت حملة اعتقالات واسعة في الضفة أدت الى استشهاد حوالي عشرة مواطنين، كما قامت اسرائيل باعادة اعتقال أكثر من 70 أسيراً محرراً حسب صفقة جلعاد شاليط المعروفة باسم صفقة وفاء الأحرار.. ومنذ اختطاف المستوطنين الثلاثة والى لحظة العثور على جثتهم وبدء العدوان على القطاع يوم الاثنين الموافق 7/تموز/2014، اعتقلت اسرائيل أكثر من ألف مواطن في الضفة الغربية، وفي القدس وداخل الخط الأخضر بسبب حادثة اختطاف المستوطنين، وكذلك كرد فعل الفلسطينيين على اختطاف وحرق وقتل الطفل/ الفتى محمد أبو خضير.
يوم الجمعة 5 تموز دعت اسرائيل حماس الى وقف اطلاق قذائف صاروخية على اسرائيل، وأعطت مهلة 48 ساعة للالتزام بوقف اطلاق النار، وفي الوقت نفسه واصلت غاراتها على القطاع ولم توقفها بتاتاً.. مما أجبر"حماس" وجميع القوى الوطنية والاسلامية على الرد على هذه الغارات، وكان هذا مبررا مفتعلاً لاسرائيل كي تشن عدوانها الجديد على قطاع غزة!
أهداف اسرائيلية من العدوان
بين فترة وأخرى تقوم اسرائيل بافتعال أجواء حرب وعدوان على القطاع تحت حجج وذرائع عديدة، وذلك لتحقيق أهداف ومن أهمها:-
1. محاولة اسرائيل استنزاف القدرات الصاروخية للمقاومة سواء أكانت "حماس" أو غيرها من خلال اجبارها على الرد على العدوان باطلاق الصواريخ. وهذه المعركة تعطي اسرائيل عدة "فوائد" ومن أهمها:-
· معرفة التطور العسكري للمقاومة وما حصلت عليه من سلاح صاروخي جديد خلال الفترة الماضية
· العمل على تفريغ هذا المخزون من الصواريخ، وخاصة أن اسرائيل لا تريد أن يتحول قطاع غزة الى جنوب لبنان.
· مقارنة ما يتوفر لها من معلومات في بنكها الخاص الاستخباري بما هو على أرض الواقع، أي اختبار لقدراتها وامكانياتها الاستطلاعية.
· تدريب القوات الجوية على مواجهة مقاومة، إذ أن هذا العدوان هو تدريب فعلي على القتال وخاصة لسلاح الجو، وبقية الاسلحة في الجيش الاسرائيلي.
2. محاولة اسرائيلية عبر شن هذا العدوان التغطية على جريمة المستوطنين باختطاف وحرق الطفل المقدسي محمد ابو خضير فجر يوم الأربعاء 2 تموز 2014، إذ أن هذه الجريمة البشعة أحرجت اسرائيل، وذلك من خلال ردود الفعل القوية عليها، والهبة الجماهيرية في القدس وداخل الخط الأخضر احتجاجاً على هذه الجريمة النكراء. إذ أن اسرائيل حاولت واستطاعت تحويل أنظار الاعلام العالمي نحو ما يجري في القطاع، أي أنها أبعدته عن أضواء الجريمة النكراء التي ارتكبت في القدس.
3. محاولة رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو تهدئة خواطر اليمين الاسرائيلي الذي يطالب باستمرار بضرب المقاومة الفلسطينية واعادة احتلال القطاع. وتهدئة "الغضب العارم" الذي أبداه المستوطنون بعد مقتل المستوطنين الثلاثة، إذ أنهم صالوا وجالوا في شوارع القدس الغربية واعتدوا على العرب الذين يعملون في المحلات التجارية هناك.
ولا شك أن ارضاء اليمين يهدف أيضاً الى ابقاء استقرار الحكومة الحالية إذ أن هناك خلافات بين اعضاء الائتلاف الحكومي حول العديد من القضايا، وخاصة طريقة مواجهة الفلسطينيين، والمفاوضات وغيرها من القضايا والمواضيع العامة المهمة.
4. محاولة اسرائيلية للتغطية على الممارسات والاجراءات الاسرائيلية القمعية في الضفة الغربية وخاصة اعادة اعتقال الأسرى المحررين، وهذا يعني عدم احترام اسرائيل للصفقات التي توقعها.. وان أي اتفاق مع اسرائيل غير مضمون.
5. محاولة حكومة نتنياهو لضرب حكومة الوفاق الوطني الفلسطينية من خلال الادعاء أن "حماس" التي تشكل خطرا على اسرائيل تشارك في هذه الحكومة. وهناك ضغوطات اسرائيلية من أجل حل حكومة الوفاق الوطني، لان اسرائيل لا تريد ان يكون الجانب الفلسطيني موحداً ومتحداً وقوياً.
6. محاولة جس نبض رد فعل السلطة الوطنية على هذا العدوان، هل تقوم بعمل أكثر من بيانات الشجب والاستنكار، أي هل ستقدم طلبات للانضمام الى منظمات دولية، ومنها محكمة الجنايات الدولية؟ وهل ستُبقي التنسيق الأمني أم تجمده لفترة قصيرة..؟
7. جس نبض الرأي العام العربي بشكل عام، والرأي العام المصري.. وخاصة رد فعل الرئيس عبد الفتاح السيسي، إذ أن هذا العدوان هو بمثابة احراج له بعد شهر واحد فقط من توليه هذا المنصب.
أهداف "حماس" من المواجهة الحالية"
"حماس" تقول وبشكل علني وواضح اننا لم نبدأ هذه الحرب والمواجهة، بل الجانب الاسرائيلي عبر قصف موقع لكتائب "القسام" واستشهاد سبعة مناضلين فورا نتيجة هذه الغارة، مما اجبر "حماس" على الرد على هذا العدوان الاسرائيلي، الا أن اسرائيل تشن حملة اعلامية وسياسية واسعة وشاملة على مختلف الساحات الدولية تدعي فيها أن "حماس" المعتدية، وهي التي بدأت هذه الحرب، وتدعي ان لحماس أهدافاُ من وراء هذه المواجهة الساخنة ومنها:-
· التأكيد على أن قيادة "حماس" ليست في الضفة أو قطر بل هي في قلب الحدث في القطاع، وان "حماس" هي فصيل مقاوم.
· احراج السلطة الوطنية لاجبارها على تحمل مسؤولياتها تجاه القطاع، بعد تشكيل حكومة الوفاق الوطني، وضرورة تأمين رواتب 40 الف موظف كانت "حماس" قد الحقتهم بالخدمة. وكذلك احراج السلطة لاجبارها على اتخاذ قر ارات حاسمة مثل وقف التنسيق مع اسرائيل والانضمام الى المنظمات الدولية لمحاكمة قادة اسرائيل على جرائمهم.
· محاولة حماس تحريض الشارع في الضفة والقدس على بدء الانتفاضة الثالثة إذ أن السلطة الوطنية لا تحبذ ذلك في الوقت الحاضر.
· الضغط على الدول العربية لتقديم مساعدات مالية لحركة "حماس" وللشعب الفلسطيني في القطاع، وخاصة تغطية رواتب الموظفين التابعين لها والذين يقدر عددهم بـ 40 ألف موظف.
· التأكيد على أن حماس لم تتنازل عن خيار المقاومة رغم تشكيل حكومة الوفاق الوطني، وهذا قد يعطي "حماس" شعبية أكبر، وخاصة في الضفة الغربية.
· محاولة اثارة خيار المقاومة مجدداً، وكسب الدعم العربي الشعبي الكبير له.
من هذه الأهداف، حسب الرواية الاسرائيلية، فان حماس تؤكد امرين وهما: أنها بالفعل فصيل مقاوم ولم تتنازل عن خيار المقاومة، والثاني انها لم تبدأ هذه الحرب، ولم تكن الا مضطرة للدفاع عن شعبها.
حماس ليست وحدها في الميدان
لان حماس كانت (وما زالت) تسيطر على الحكم في القطاع، فإن اسرائيل في مخاطبتها للقطاع أو المقاومة توجه كلامها الى حماس.. ولكن "حماس" ليست الفصيل المقاوم الوحيد الذي يتصدى للعدوان الاسرائيلي، فهناك الجهاد الاسلامي، وهذا الفصيل القوي ميدانياً وتسليحياً ينافس "حماس" في الامكانات القتالية، وفي امتلاكه صواريخ بشتى أنواعها.
ومن يدافع عن القطاع جميع القوى المقاومة اضافة الى كتائب عز الدين القسام التابعة لحماس، وسرايا القدس التابعة للجهاد الاسلامي. ومن هذه القوى والكتائب: الشهيد أبو علي مصطفى (الجبهة الشعبية)، كتائب شهداء الأقصى (فتح)، كتائب عبد القادر الحسيني، كتائب يحيى عياش.. الخ.. وهناك غرفة عمليات موحدة لهذه القوى المقاومة للتنسيق والعمل المشترك في التصدي للعدوان الاسرائيلي.
وحسب المعطيات المتوفرة عن القتال والمواجهة مع اسرائيل، فان كتائب سرايا القدس التابعة للجهاد الاسلامي هي التي أمطرت اسرائيل بصواريخ من أنواع جديدة جنباً الى جانب كتائب القسام الحمساوية، وان مقاتلي الجهاد يمتازون بالصلابة والقوة والجرأة والارادة القوية، وهذا يعطي "حماس"، ويعطي القطاع نفساً جديداً وقوياً للدفاع عن اهل القطاع والتصدي لأي عدوان بري جديد!
دهشة اسرائيلية
هناك دهشة اسرائيلية من صمود المقاومة في القطاع لمدة ستة أيام (حتى كتابة هذا المقال)، إذ أن مخزون الصواريخ لم ينته كما توقعت اسرائيل، كما أن المعنويات لم تتأثر، بل بالعكس التفتت الجماهير أكثر وأكثر حول المقاومة، واصبح التدمير لا يخيفهم، وكذلك لا تخيفهم الغارات الجوية المتواصلة على مدار الساعة التي تقصف بصورة "عشوائية"، مناطق مدنية.
والدهشة الاكبر والأخطر أن اسرائيل لم تحقق أهدافها من هذا العدوان رغم الغارات العنيفة، ورغم القاء آلاف الأطنان من المتفجرات لانها لا تملك معلومات عن أماكن تواجد مواقع اطلاق الصواريخ، وعن المواقع السرية للقادة الميدانيين، ولا ما هو المتوفر من السلاح للمقاومة من صواريخ إذ أن هناك مفاجآت يومية في نوعيتها!
وهناك دهشة بأن هذه المقاومة تملك صواريخ تصل الى كل المدن الاسرائيلية، وحتى البعيدة عن القطاع، ورغم أنها لم تحدث دماراً كبيراً، ولم تـُصب مدنيين، إلا أنها أحدثت توازناً ما في الرعب، واحدثت ارتباكاً داخل اسرائيل، حتى ان الخسائر الاسرائيلية المقدرة لهذه المعركة وخاصة اذا استمرت لاكثر من عشرين يوما ستصل الى حوالي 2.5 مليار دولار وهذه خسائر اقتصادية، اما الخسائر العسكرية فهذا الامر لم ولن يعلن عنه لاسباب أمنية اسرائيلية.
وهناك ارتباك في اسرائيل لانه ليس هناك تقدير حول ثمن اي اجتياح اسرائيلي بري للقطاع، ولذلك هناك تردد في ذلك.
الاجتياح البري جزئي ومحدود
تهدد اسرائيل باستمرار باجتياح عسكري بري للقطاع، ولكنها لا تستطيع القيام بأي اجتياح شامل وواسع لأن التكاليف لذلك عالية جدا جدا حسب ما تتوفر من معلومات وللاسباب التالية:-
· ليست هناك معلومات كافية ودقيقة عما يملكه المقاتلون الفلسطينيون من أسلحة متطورة مفاجئة مضادة للدروع.
· ليست هناك معلومات حول الانفاق، إذ أن القتال سيتم على الارض وتحت الارض وهذا يحتاج الى اكثر من مائة الف ولربما الى مائتي الف جندي اسرائيلي، مما يعني ان الخسائر كبيرة.
· المقاتل الفلسطيني يعرف جيدا الارض التي يقاتل عليها ومعنوياته عالية ومستعد للشهادة، في حين أن الجندي الاسرائيلي سيقاتل على ارض "غريبة"، ولا يعرف المخططات والمفاجآت التي سيواجهها، كما ان هناك عناصر في الجيش الاسرائيلي تقول ليست هناك حاجة لهذه المخاطرة، ولذلك معنوياتها لن تكون عالية.
· هناك امكانية لوقوع جنود في الأسر لدى المقاتلين الفلسطينيين وهذا يعني لاسرائيل ورطة، وكذلك للقيادة السياسية الاسرائيلية.
· في حال وقوع اصابات كبيرة في الجيش الاسرائيلي، فإن الشارع في اسرائيل سيعارض الحكومة، وسيدفع رئيسها الثمن!
انطلاقاً مما ذكر، فإن القيادة العسكرية الاسرائيلية ومعها السياسية لن تخاطر باجتياح شامل لأن اسرائيل ليست بحاجة الى اعادة احتلال القطاع كله، لذلك ستقوم باجتياحات محدودة لفصل القطاع الى جزئين أو أكثر، لضرب الامدادات العسكرية للمقاومة ولمحاصرة ومضايقة ابناء القطاع.. وهذا الاجتياح الجزئي سيلبي مطالب اليمين المتطرف الذي يطالب بالاجتياح. ويكون هذا الاجتياح المحدود مرضياً له بعد الشرح له بأن امكانية اجتياح كامل قد تكون له ردود فعل دولية كبيرة.. وكذلك ردود فعل عربية.. وقد تحول الأنظار الى فلسطين، و"تُحرج" المقاتلين من داعش وجبهة النصرة وغيرها من المجموعات المسلحة التي تعيث فساداً في الارض وسيفقدون التأييد من الممول والداعم العربي لهم لأنه سيكون في وضع صعب، موقع احراج واتهام، لذلك سيحاول اعادة حساباته، وتغيير توجهاته مجبراً ومكرهاً خوفاً من ردود الجماهير العربية عليه.
رد فعل السلطة الوطنية
لا تملك السلطة الوطنية الفلسطينية سلاحاً تستطيع من خلاله مواجهة اسرائيل سوى سلاح التعاضد والتماسك والوحدة الوطنية اضافة الى السلاح السياسي، إذ أن الرئيس محمود عباس يبذل قصارى مساعيه السياسية عبر اتصالاته مع قادة العالم من أجل وقف العدوان على القطاع، ووقف النزيف الفلسطيني، وسفك الدماء الطاهرة، ووصف هذا العدوان بأنه حرب ابادة للشعب الفلسطيني. واتصل الرئيس عباس بالسكرتير العام للأمم المتحدة بان كي مون، وكذلك بامين عام الجامعة العربية، واجرى اتصالات مع وزير خارجية اميركا والرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي بدوره اتصل برئيس وزراء اسرائيل نتنياهو وطلب منه ضرورة وقف اطلاق النار، لكن نتنياهو لم يتجاوب مع الطلب الدولي بوقف هذه الحرب البشعة على القطاع.
السلطة الوطنية طلبت عقد اجتماع لمجلس الأمن لبحث الموضوع، ولكن مجلس الأمن، بفضل الدعم الاميركي الأعمى لاسرائيل، عطل حتى صدور بيان عن المجلس حول هذا العدوان، وأعلنت القيادة الفلسطينية انها في حالة اجتماع دائم لبحث كل المستجدات، والغى الرئيس مغادرته للوطن، وأصر على متابعة هذه الحرب للعمل على وقفها.
وأعلنت السلطة الوطنية أنها بصدد دراسة اقتراحات لاجبار اسرائيل على وقف عدوانها، ومنها تقديم طلبات الانضمام الى منظمات دولية، وخاصة المحكمة الجنائية الدولية لتتبعها ملاحقات قضائية للقادة الاسرائيليين، وهناك دراسة جادة لتجميد "التنسيق الأمني" الى ان يتوقف العدوان على القطاع.
ردود الفعل العربية باهتة
ردود الفعل العربية حتى الآن باهتة، إذ أنه لم يعقد اجتماع طارىء لوزراء الخارجية العرب، ولم يعقد أي اجتماع عربي او اسلامي لبحث هذا العدوان، وقد اكتفت قطر بتقديم مساعدة مالية قدرها 5 ملايين دولار كمساعدات للقطاع الصحي، كما أن ملك المغرب تبرع بمبلغ قدره 6 ملايين دولار للقطاع، وتبرعت الامارات بمبلغ وقدره 52 مليون دولار لدعم القطاع في مواجهة هذا العدوان. واتحاد الأطباء العرب ارسل اغاثة طبية لمساعدة القطاع في معالجة الجرحى، واستعدت دول عديدة على استقبال المصابين باصابات خطرة، وفتحت مصر معبر رفح لنقل الجرحى للخارج.
أما الاجراءات الرسمية العربية لردع العدوان الاسرائيلي فهي غائبة تماماً، واكتفت بالتفرج. وقد خرج عن هذا الصمت كل من سورية وايران اللتين أدانتا بشدة هذا العدوان ودعتا الى العمل الجدي العربي والاسلامي للجمه.
هذا الصمت العربي الكبير يؤكد أن وضع العالم العربي مأساوي ومحزن ومخزِ ومقلق الى حد كبير. ويمكن اتهام هذا الصمت بأنه عامل مساعد لاسرائيل لمواصلة عدوانها، ومحاولة ابادة شعبنا الفلسطيني في القطاع.
ردود الفعل الدولية
سفير اميركا دان شابيرو لدى اسرائيل صرح قائلاً: "الولايات المتحدة ستدعم اسرائيل في حال اتخاذها قرار اجتياح القطاع براً"، أي أن الادارة الاميركية تدعم العدوان الاسرائيلي على القطاع بحجة وذريعة أن اسرائيل تدافع عن نفسها وعن أمنها، وان القطاع هو المعتدي عليها.
وتحت يافطة "حق الدفاع عن النفس" يؤيد وللاسف المجتمع الدولي الرسمي، وليس الشعوب، اسرائيل في عدوانها على القطاع، أي أن اسرائيل تحظى وللأسف على دعم سياسي دولي، وهذا ما أكده وزير خارجية اسرائيل أفيغدور ليبرمان.
والمجتمع الدولي مقصر تجاه الفلسطينيين لأن العالم العربي غير متواجد على الساحة الدولية، ولأنه ضعيف ولا أحد يحسب له أي حساب.
بعض الدول، مثل روسيا والصين وجنوب افريقيا والبرازيل والأرجنتين وفنزويلا والهند.. الخ، تطالب اسرائيل بوقف العدوان، ولكن لم تتخذ أي اجراء فعلي يجبر اسرائيل على ذلك، حتى ان المؤسسات الدولية الرسمية قصرت ولم تقم بواجبها لوقف هذه الحرب.
متى تتوقف الحرب الثالثة على القطاع
متى يتوقف هذا العدوان العسكري الاسرائيلي على القطاع؟ انه بمثابة حرب وهي الحرب الاسرائيلية الثالثة التي تشن عليه منذ الانسحاب الاسرائيلي الاحادي منه في صيف 2005. ففي اواخر شهر كانون الاول 2008 واوائل شهر كانون الثاني 2009 شنت اسرائيل حربها الاولى، وفي نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2012 شنت الحرب الثانية، وها هي الآن تشن حربها الثالثة.
تقول اسرائيل أن الحرب طويلة الأمد الى أن تتوقف الصواريخ من السقوط على بلداتها ومدنها. في حين أن قوى المقاومة تقول أنها مستعدة للصمود لفترة طويلة، وان موضوع وقف اطلاق النار هو بيد المقاومة وليس بيد اسرائيل. ولن تتوقف المعارك إلا بعد أن يفك الحصار عن القطاع.
قد تستمر الحرب، ويستمر نزيف الدم الفلسطيني، ويستمر سلاح الجو الاسرائيلي في شن غارات لقتل ابناء القطاع وتدمير بيوتهم، وبالمقابل ستواصل المقاومة اطلاق الصواريخ، وهذا الوضع سيتواصل لاسبوع أو أكثر، الى ان يظهر وسيط نزيه، او الى أن تقتنع اسرائيل بضرورة وقف حربها لانها لم تحقق أي شيء من أهدافها الأساسية وأهمها القضاء على المقاومة، بل بالعكس فان هذه الحرب قوّت من عضد المقاومة ومن شعبيتها، وساهمت في وضع القضية الفلسطينية على سلم الاهتمامات العالمية والاقليمية بعد أن كانت "مُركنة" على رف عالٍ لانشغال العالم العربي بأوضاعه الداخلية السيئة جداً.
لن تستمرالحرب لفترة أشهر لأن الجانب الاسرائيلي لا يستطيع تحمل عبء أضرار هذه الحرب التي قد تتجاوز المليارين ونصف المليار من الدولارات.
ستتوقف الحرب عاجلاً أم آجلاً، ولكن السؤال: من سيحقق الانجازات التي يصبو اليها أي من الجانبين.. حتماً ستكون اسرائيل الخاسرة نسبياً لأنها لم تستطع القضاء على المقاومة، ولم تستطع النيل من ارادة وصمود شعبنا في القطاع رغم الآلام والمعاناة نتيجة صموده في وجه هذه الحرب الاسرائيلية البشعة.